موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

طريق التبّانة… د. ابراهيم مصري النهر

336

طريق التبّانة…

د. ابراهيم مصري النهر

طريق التبّانة
في ليلة من ليالي شهر مايو المقمرة، والسماء صافية ومجرة التبّانة واضحة؛ أدار أبي ماكينة الري وبدا الغيط وكأنه بحر من وجهة نظري في ذاك السن؛ كنت ما زلت لم أطفئ شمعتي السادسة بعد.

كان أبي يعد الأرض لشتلة الأرز، وأعدت أمي برادا من الشاي، وطلبت مني أن أوصله لأبي والأنفار في الغيط، جلس أبي ومن معه ليشربوا الشاي، عندها أشرت إلى الخط الغير منتظم الذي يظهر في السماء بوضوح وتتخلله النجوم وسألته عنه، فقال لي: هذا طريق التبانة وحكى لي هذه القصة ”أنه في قديم الزمان سرق أحد الجيران تبن جاره، وتناثر بعض التبن منه في طريق عودته إلى بيته، وعندما جاء صاحب التبن في الصباح قص الأثر، فأوصله إلى بيت السارق، طرق الباب وواجهه بتهمة السرقة فأنكر، بل وحلف بالله كذبا إنه ما سرق،
فأظهر الله أثر سرقته في السماء، وفضحه على الملأ ليظل عبرة وعظة لكل سارق وكل حالف بالله كذبا لعظم ما ارتكب، فقد سرق وحلف كذبا، وقد نُهِينا عن الحلف كذبا لأنه يغمس صاحبه في النار غمسا“.
انطلت عليّ هذه القصة وقتها، وتعلمت منها درسا في تلك الليلة، وهو مراعاة الله في السر والعلن، وأن الله يرانا وإن لم يرنا أحد، ولا أحلف بالله حانثا بأي حال من الأحوال.

شربوا الشاي، وكانت الأرض قد امتلأت بالماء بلونه الفضي الذي استضاف القمر ليتراقص بيننا على صفحاته، وعلى نوره قاموا بتفريد الشتلة، في سكون لا يقطعه إلا نقيق الضفادع وصوت ارتطام أقدام البقرتين اللتين تجران العوامة بالماء.
كانت قيادة البقرتين عن طريق حبل مربوط بأذن كل بقرة منهما؛ يشد القائد الحبل المربوط بأذن البقرة اليمنى إذا أراد الإتجاه يمينا والعكس إذا أراد اليسار.

ومع بزوغ الفجر أتت أنفار الشتلة من الريف حيث الخبرة والسرعة في الأداء، وهم فريق مكون من الشباب والشابات المقنّعات، ومنهم الجامعيون والجامعيات، الذين اضطرتهم الظروف والحاجة إلى العمل في الإجازة الصيفية لتوفير مصاريفهم أثناء فترة الدراسة، بل ومنهم مَن كان مِن أوائل دفعته، والآن أستاذا جامعيا وطبيبا ومهندسا ومدرسا ومحاميا وقاضيا، ولكن للأسف نسى تلك الأقدام التي كانت مغروسة في الطين -إلا من رحم ربي-، ولم يعد يرى إلا أقدامه الناعمة في الأحذية اللامعة، ظل القليل منهم فقط يتذكرون هذه الفترة الصعبة من حياتهم، والتي كانت بمثابة الوقود الذي أوصلهم إلى ما هم فيه من نعيم، مؤمنون بالقول المأثور ”لولا الريح ما اشتد ساق النبات“
ورجوعا إلى الغيط…
كانت أجملهن صوتا تغني والباقيات يرددن وراءها، وكل فتى بجانبه فتاته التي خطبها، أو التي وعدها بالخطوبة في موسم حصاد الأرز.
وإذا تأخرت الفتاة ساعدها فتاها لتتقدم مرة أخرى، أما إذا تأخر الفتى يسخرون منه ويرددون:”هاتوا الحبل والشرشرة وشدوا العقبان من ورا“
ويضحكون …… .. وتتعالى ضحكاتهم…. ويرددون…. ويضحكون….

د. ابراهيم مصري النهر

التعليقات مغلقة.