قهوة المساء : خلاصة قواعد السيطرة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
تناولت في مقالاتي الثماني والأربعين قواعد السيطرة التي تتعلق ببسط النفوذ وامتلاك القوة سواء بالحق أو بالإعتداء ، واستراتيجياتها المختلفة والمتدرجة والتي أُوجزها في مقالي هذا على النحو التالي :
فالسيطرة تبدأ بحب تملك السطوة من خلال تبؤ المناصب والتقرب إلى أصحاب النفوذ بالتودد والطاعة ، أو بالنفاق بعيداً عن العواطف ومعايير الصداقة ، فصديق اليوم قد يكون عدو الغد وعدو الأمس قد يكون صديق الحاضر او المستقبل .
إن للسطوة اسرارها المحفوفة بالمخاطر والدسائس والخداع والمراوغة ، والإتزان والمواقف المختلفة والهيبة والحفاظ على السمعة وتجنب الوقوع في الأخطاء والغموض والجاذبية والإقتداء .
ومن الطامحين للسيطرة من يستثمر التاريخ الناصع للآخرين باتباعهم نفس نهجهم كوسيلة للوصول السريع ، فهم يجيدون فنون التحايل والاستدراج والحصول على المعلومات السرية عن الخصوم واستغلالها لإضعافهم ، وتحييدهم ، فالسطوة مبنية على المصالح والضرورات ، لذلك يبذلون الكثير من الأموال بسخاء منقطع النظير مقابل التأثير المصطنع المرتبط بتبادل المصالح أو سحق الخصوم بلا رحمة .
إن أصحاب السطوة يباغتون الناس بأفعالهم غير المتوقعة ، وتقييماتهم المستمرة لأهدافهم واستراتيجياتهم ،ويتقنون فنون الحضور والغياب ، ويعتمدون سياسة الإستقلالية في صنع قراراتهم ، والقدرة على التحكم في انفعالاتهم ، بدهاء ومكر وعقل منفتح ، ومنهم من يستخدم القوة أو يستخدمون أساليب الإذعان والمراوغة بتركيز عالٍ وتواضعٍ مصطنع ، حتى يتمكنوا من صنع هويتهم الخاصة بهم .
وفي كل محطات تحقيق السطوة تجد أصحابها يتقلبون بثبات وثقة وشجاعة ورباطة جأش ويمتلكون زمام المبادرة والتحكم بالبدائل المختلفة والحفاظ على الصورة الناصعة الخالية من الشوائب ، حتى لو كلفهم ذلك تقديم كباش فداء من المقربين لهم ، أو اللجوء الى عالم الخيال والروحانيات التي تستميل أهواء الناس اللاهثون وراء الهروب من واقعهم الأليم .
إن أصحاب السطوة يجيدون فنون التلاعب بامكانات الواقع والولوج الى أسبار الغيب المحاطة بالأحلام النرجسية ، ويحاولون دوماً اخفاء نقاط ضعفهم ليبقوا أمام أعين الجماهير تيجاناً يضعونهم فوق رؤوسهم .
إن أصحاب السطوة يحافظون على أفضليتهم وقدرتهم على استفزاز خصومهم وإبهار عيون الجماهير ، كالسحر ، حتى يصلوا الى درجة الاندماج الفكري دون اللجوء الى التقليد الذي يُذهب بريقهم ، ليتمكنوا من صنع مساحة كافية يسجلوا فيها اسمائهم في سجل العظماء ، وأيضاً صُنع سياجٍ آمنٍ يحميهم من اعتداءات خصومهم .
إن أصحاب السيطرة يبتكرون الطرق المختلفة للتودد الى الجماهير ويضعون الاستراتيجيات الكفيلة باحداث التغييرات اللازمة بين الفينة والفينة حتى لا يَمَلَّ الجمهور من الرتابة والبيروقراطية ، يرافق ذلك بعض التواضع واظهار الاهتمام لجمهور العلماء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين .
لعلي أكون قد قدمت نموذجاً كافياً لتعلم فنون القيادة وقواعد السيطرة المتعلقة بالحكم وبسط النفوذ للراغبين في ذلك .
داوود الاسطل
فلسطين – غزة
26/3/2022
التعليقات مغلقة.