مذكرات حمار بقلم : محمدكسبه
جلس الحمار تحت الشجرة في نهاية الغابة ، يتأمل كل ما حوله من مخلوقات ، و ظل يقارن بين إمكانياته و قدراته الهائلة العظيمة و إمكانيات غيره من الحيوانات و الطيور .
فهو له أربعة قوائم قوية ، تمكنه من الجري لمسافات طويلة بدون تعب ، يستعين برجليه الخلفيتين في الرفص ، لكن كونه حمارا في الغابة فكرة لم تكن جيدة ، فهو يريد أن يثبت وجوده و يؤكد قدرته على التحمل و العمل لفترات طويلة دون راحة .
تذكر أيضا ذلك الحمار الأسود الهزيل الذي رآه على أطراف الغابة مقيدا بحبل جميل ملتف حول عنقه ، و مربوط بعربة كارو يجرها ، عليها أحمال كثيرة و جميلة من بضائع متنوعة ، تذكر الدموع في عيني الحمار الأسود حين كان يضربه صاحبه علي الجرح أعلى فخذه ؛ لكن الحمار قال لنفسه ، الرجل لم يخطيء كيف و هو حمار لم يتحمل جر تلك العربة و ما عليها ، لو كنت مكانه لتمكنت من جر هذه العربة بكل سهولة ، هذا الحمار لا يصلح أن يكون حمارا فهو لا يتحمل المسؤليه ولا يصبر على الأذى ، الحمار الصالح يجب ان يتحمل الألم و المعاناة و يجب ان يعمل بكل طاقته حتى لو كان يحصل على القليل ، إنه حمار سيء جدا .
هز الحمار ذيله و ضرب به القرد الذى يلعب بجواره ، استشاط القرد غضبا و تسلق شجرة الموز و قذف الحمار بالموز ، ثم نط و اعتلى ظهر الحمار و ضربه على رقبته ، غضب الحمار جدا و نهق بصوت عال و قال كيف يركبني قرد ؟
إن وزنه خفيف جدا و ليس له منصب في الغابة و لا أحد يقدره ولا أحد يحترمه ، زملائي الحمير يركبهم الأسياد و الكبار في الغابة أقصد في المدينة ؟ لكن إلى متى سيظل ظهري فارغا هذا شيء محزن جدا ؟
تذكر والده حين أراد أن يطير و صعد إلى أعلى التل معه و مع أمه و أخته و حاول إقناعهم أن النسر حين يكون أعلى التل لا تكون له أجنحة لكن حين يلقي بنفسه لأسفل تظهر له الأجنحة فجأة ، على الرغم من أن والده مات أمام عينيه حين فعل إلا أنه مقتنعا تماما بوجهة نظر والده في الطيران .
ماذا أفعل كي اكون مميزا عن باقى الحمير ؟ ماذا أفعل ؟
انتفض واقفا و هز رأسه ثم قال لنفسه : يجب ألا يظل ظهري هكذا فارغا .
من بعيد رأى الأسد يتقدم إليه ببطء و حذر ، أدرك حينها أن الأسد يخشاه و لا يقوى على أن يطارده كما يفعل مع الآخرين الجبناء الضعاف .
تقدم بثبات و جرأة نحو الأسد مقتنعا تمام أن هذا الأسد هو صديقه ، و خلصه من كل أعدائه من الحمير .
فجأة قفز على ظهره الأسد ، شعر الحمار حينها بالفخر و أن ظهره لم يعد فارغا .
لم تدم السعادة و الفخر طويلا ، فالأسد و إخوته انقضوا على الحمار .
التعليقات مغلقة.