في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة/ 686 ” أبان بن سعيد بن العاص بن أمية”..”المهاجر طيلة حياته”–3
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة/ 686 ” أبان بن سعيد بن العاص بن أمية”..”المهاجر طيلة حياته”–3
رابعا.. أبان بن سعيد في مراجعهم.. نكمل..
وقال ابن منده صاحب كتاب “التوحيد”.. أنه تقدم إسلام أخيه عمرو؛ يعني: أخا أبان..
قال: وخرجا جميعًا إلى أرض الحبشة مهاجرين.. بينما أبان بن سعيد قد تأخَّر إسلامه.. هذا كلام ابن منده.. (ويقول الراوي: هو متناقض.. أو هو وهم؛ فإن مهاجرة الحبشة هم السابقون إلى الإسلام.. وأنه لم يهاجر أبان إلى الحبشة) .. فالمعروف أنه كان أبان شديدًا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وعلى المسلمين..
وأنه كان سبب إسلامه أنه خرج تاجرًا إلى الشام.. فلقي راهبًا فسأله عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. وقال: إني رجل من قريش.. وإن رجلًا منا خرج فينا يزعم أنه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى.. فقال الراهب: وما اسم صاحِبِكُمْ؟ قال: محمد..
قال الراهب: إني أصفه لك.. فراح يذكر صفة النبي صَلَّى الله عليه وسلم وسنه ونسبه..
فقال أبان: هو كذلك.. فقال الراهب: والله.. ليظهرنَّ على العرب.. ثم ليظهرنَّ على الأرْضِ..
ثم قال الراهب لأبان: اقرأ على الرجل الصالح السلام..
فلما عاد أبان إلى مكة.. سأل عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.. لم يعد ليقول عنه وعن أصحابه كما كان يقول..
وكان ذلك قبيل الحديبية.. ثم إن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سار إلى الحديبية.. فلما عاد منها تبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه.. قاله الوَاقِدِيُّ.. ووافقه عليه أهلُ العلم بالأخبار وهو المشهور..
وخالفهم ابنُ إسحاق.. فعدّ أبان فيمن هاجر إلى الحبشة ومعه امرأتهُ فاطمة بنت صفوان الكنانية.. والله أعلم..
ويروى أن سعيد بن العاص قال: لما قُتِل أبي يوم بَدْر.. كنت في حِجْر عمي أبان بن سعيد بن العاص.. وكان وليّ صدق.. فخرج تاجرًا إلى الشام.. فذكر قصة طويلة اتفقَتْ له مع راهب يقال له “يكا”وذكر الخبر المذكور.
قال البُخَاريُّ.. وأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.. وابْنُ حِبَّانَ: له صحبة.. وكان أبوه من أكابر قريش.. وله أولاد نجباء..
أسلم منهم قديمًا خالد.. وعمرو؛ فقال فيهما أبان الأبيات المشهورة التي أولها: وكان يقولها قبل إسلامه:
أَلاَ لَيْتَ مَيْتـًا بالظُّرَيْبَةِ.. .. شَاهِدٌ لِمَا يَفْترِي في الدِّيْنِ عَمْرُوُ وَخَالِدُ
أَطَاعَا مَعًا أَمْرَ النِّسَاءِ.. فَأَصْبَحَا.. يُعِينَانِ مِنْ أَعْدَائِنَا.. مَنْ يُكَابِدُ..
فأجابه أخوه عمرو بأبيات قال فيها:
أَخِي مَا أَخِي لا شَاتِمُ أَنَا عِرْضَهُ وَلاَ هُوَ عَنْ بَعْضِ المَقَالَةِ مُقْصِرُ
يَقُولُ: إذَا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ ألاَ لَيْتَ مَيّتـًا بالظُّرَيْبَةِ يُنْشَرُ
فَدَعْ عَنْكَ مَيْتًا قَدْ مَضَى لِسَبِيلـِهِ وَأَقْبِلْ عَلَى الحَيِّ الَّذِي هُوَ أَقْفَر
( يعني بالميت على الظريبة: أباه أبا أحيحة سعيد بن العاص بن أمية.. دفن به وهو جبل يشرف على الطائف.. “وقال ابن حجر: “رأيته في بعض الكتب الصُّرَيْمَة”)
خامسا.. ما روي عن فترة ما بعد إسلامه..
كان أبان أحد من تخلف عن بيعة أبي بكر لينظر ما يصنع بنو هاشم.. فلما بايعوه بايع.. ولما صدر الناس من الحج سنة تسع..
وكان قد بَعَثَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم أبان بن سعيد بن العاص إلى البحرين عاملًا عليها..
فسأله أبان أن يُحَالِفَ عَبْدَ القَيس فأذن له في ذلك.. وقال يا رسول الله: اعهد إِلَىَّ عهدًا في صَدَقاتِهم وجِزْيَتِهم وما تَجَرُوا به.. فأمَرَهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. أن يأخذ من المسلمين ربع العشر مما تجروا به.. ومن كل حَالمٍ من يهودي أو نصراني أو مجوسيّ دينارًا الذكر والأنثى..
وكتب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. إلى مجوس هَجَر يعرض عليهم الإسلام.. فإن أَبَوا عرض عليهم الجزية بأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم.. وكتب له صدقات الإبل والبقر والغنم على فرضها وَسُنَّتها كتابًا منشورًا مختومًا في أسفله.. .. وقد تقدم..
وقال عيسى بن طلحة: لما توفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. وارتدَّت العرب.. ارتد أهل هَجَر عن الإسلام.. فقال أبان بن سعيد لعبد القيس: أبلغُوني مأمني.. قالوا: بل أقم فلنجاهد معك في سبيل الله فإن الله مُعِزٌ دينه ومُظهره على ما سواه.. وعبدُ القيس لم ترجع عن الإسلام.. قال: بل بلّغُوني مأمني.. فأشهَدُ أمرَ أصحابِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.. فليس مثلي يغيب عنهم.. فأحيا بحياتهم وأموت بموتهم..
فقالوا: لا تفعل أنت أعز الناسِ وهذا عليك وعلينا فيه مقالةٌ.. يقول قائلٌ: َفرَّ من القتال.. قال عبد الله بن أبي جهم: مشى إليه الجارُودُ العَبدِي فقال: أنشدك الله أن لاتخرج من بين أظهرنا.. فإن دارنا منيعةٌ.. ونحن سامعون مطيعون.. ولو كنت اليوم بالمدينة لَوَجَّهَكَ أبو بكر إلينا لمحالفتك إيانا.. فلا تفعل فإنك إنْ قدمت على أبي بكر لاَمَك وَفَيَّل رأيك وقال: تخرج من عند قوم أهل سمع وطاعة ثم رَجَعَكَ إلينا.. قال: إذن لا أرجع أبدًا ولا أعمل لأحد بعد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم..
.. نكمل غدا إن شاء الله..
الصورة.. مكة في سيل الربوع.. صورة نادرة
التعليقات مغلقة.