قهوة المساء : المرأة الزوجة بقلم الأستاذ داوود الاسطل
المرأة كيان مستقل متكامل في تكوينه ، تتشابه مع الرجل في أشياء وتختلف عنه في أشياء أخرى ، وهذا الاختلاف فقط لطبيعة كل منهما وليس من جانب التفضيل .
اليوم حديثي عن المرأة الزوجة ، والتي لا تكتمل دورة الحياة إلا بها ، فالمرأة والرجل يكمل بعضهما بعضاً ، فمن يرى المرأة للمتعة ، فلا ينسى أنها تراه أيضاً بنفس الصورة ، ومن يعتقد أن قوته كافية للمفاضلة بينه وبين المرأة ، فلا ينسى أن الله ضرب مثلاً للذين كفروا بإمرأتين ، وضرب مثلا للذين آمنوا بامرأتين ، امرأتان غيرتا وجه الأرض بصنيعيهما ، فمنهن من كانت عوناً لخراب قريتها ومنهن من خانت الثقة ومنهن من آوت نبي وحفظت أمة ، ومنهن من قنتت لربها واصطفاها الله بالمعجزة العظيمة .
المرأة الزوجة ليس خادمة يا سادة ، وإنما هي امرأة حُرَّة لها كيانها الخاص وعالمها الخاص ، فماذا قدمتهم لهن أيها الرجال
من حق المرأة أن يكون لها صداق وأن يكون لها متاع وأن يكون لها مصدر رزق وأن يكون لها بيتاً مستقلا وأن يكون لها خادمةً او خادماً .
نعم ، هذه من حقوق الزوجة أيها الرجل الزوج الذي لم تلدك ولَّادة .
يا معشر الرجال :
تريدون الزوجة جميلة ، أنيقة ، رشيقة ، لبقة ، مهذبة ، فاتنة ، متطيبة ، متأنجكة ، سانديريلا الحارة ، هذا بجانب أن تكون ممرضة ، غسَّالة ، عَجَّانة ، ولَّادة ، تخرج للعمل صباحاً لتعود في المساء حاضنة ، لا يكفي سيادتك طفل او طفلين ، بل تريد كتيبة عيال ، لا ترى الزوجة إلا حامل لم تُضِع حذاءها وإنما أضاعت كل شيء حتى عقلها .
لقد خلق الله آدم وخلق له زوجة ، لم يخلق له عبدة ، وأسكنهما الجنة معاً وأصدر لهما الأمر معا وأخرجهما من الجنة معاً ، فخروج حواء من الجنة لأنها ارتكبت الخطأ مع زوجها آدم ولو كانت حواء مجرد مؤنسة أو خادمة لما خرجت من الجنة ، لأن عقاب آدم يكون أوفى في حرمانه من كل متاع الجنة ، فحواء لم تكن متاع جنة وانما زوجة لآدم لها حرية الاختيار والتعبير .
إن معظم نساء المسلمين يشتغلن خادمات في بيوت أزواجهن ، دون أن يشعرن بإهانة أو أن يشتكين من شيء ، ولكن مقابل ذلك فقدت المرأة كينونتها كزوجة .
الزوجة تختلف عن أي مرأة أخرى ، فالزواج عقد متين ، تبنى عليه أسرة ويتكون من خلاله مجتمع .
الزوجة تساعد زوجها بإرادتها ، لا تكون مجبرة أبداً على الطاعة العمياء والخدمة البهيمية .
ولو أن الأمر كذلك لما كانت امرأة نبي الله نوح خائنة وكذلك امرأة نبي الله لوط ، أو أن آسيا التي كانت زوجة الفرعون ، ما كانت لتؤمن لولا أنها كانت تعتبر نفسها سيدة القصر ، وما كان لمريم أن تجادل في مسألة حملها ، لأنها كانت مدركةً تماماً أنها ليست مجرد وعاء .
من أشهر الملوك الذين ذكرهم الله في القرآن الكريم ملكة سبأ ، سلطانة الذوق والإتيكيت ، العالمة الحكيمة ، المؤدبة المسلمة ، أسلمت مع سليمان عليه السلام بقناعتها وليس انبهارا في قوته ( مع احترامي اللفظي والمعنوي لأنبياء الله ورسله جميعاً )
عشقَت زليخا يوسف عليه السلام ، ولم تُخفي حبها ، رغم أنها كانت متزوجة ، وذلك لأنها لم تكن خادمة في بلاط العزيز ، بل زوجة تتمتع بالحياة الأرستقراطية الكاملة .
هذه ليس دعوة للزوجات للتمرد ، وإنما اعتراف أخلاقي وأدبي لزوجاتنا أننا مقصرون وأننا لا نمتلك الباءة الكافية لإسعادهن أو معاملتهن كملكات في قصورهن ، لأننا لا نستطيع ذلك ، ونعتذر عن تقصيرنا راجين مسامحتنا لاستغلالنا لهنَّ ، فالزوجة حقيقة ، مشروع استثماري كبير .
داوود الأسطل
فلسطين – غزة
9/4/2022
التعليقات مغلقة.