الموتُ صَومَا بقلم نوال احمد رمضان
فى نهارٍ رمضانى قائظ الحرارةِ، وفى ميدانٍ كبير مُكتظ بالصائمين المُهرولين والسياراتِ المُتصارعةِ؛ تُطلق سَرينةُ الإسعافِ صَرخاتٍ مُدويةً..
رسالة استغاثة؛ أن فى قلبِها عابد يُشرفُ على الموتِ؛ لعل القلوبُ تتحركُ والضمائرُ تستيقظُ.
بالداخلِ يُصارعُ المُسعفُ الزمنَ ويفعلُ كل ما هو مُمكن لينجو المريضُ، ابنه ينتحب، يحتضنُ يدَه ويُقبلُ رأسه ويُهمهم بكلماتٍ غير مفهومة،
أقترب مُوعدُ أذان المغربِ فاشتدت ربكةُ الشوارعِ؛ الجميع يتسابقون لتناول الإفطارَ مع ذويهم .
الحمد لله – بعد مُعاناة؛ عم عابد فى غُرفةِ العنايةِ المُركزةِ.. الأطباءُ على قدمٍ وساق والأجهزةُ تُعافرُ معه.. ” مدفع الإفطار أضرب ” – الله اكبر – الأذانُ يُدوى فى الأفاقِ .
توحدت القلوبُ على عشقِ شهرِ بألف شهر وألتف الصائمون حول الموائدِ العامرةِ بخيراتِ الله، يتبادلون التهانى بإفطار اليوم الأول من سبحةِ رمضانِ الفضيلِ إلا فى غرفةِ العنايةِ فقط يرددون الأذانَ و يبتهلون لله بالدعاءِ.
دهشةٌ أصابت الجميعَ … فجأة يفتح عمُ عابد عينيه، ينظرُ حوله مُستفسراً: ” أنا فين ؟! “
الله أكبر – ، يُكبر بها الجميعُ فرحاً، حمداَ ، شُكراً واستبشاراً ويُهنئ بعضُهم البعضَ بسلامتِه ، ويُداعبُه الطبيبُ المُنهك مُعاتبا : ” مش قلت لك ياراجل يا طيب مفيش صيام ؟! “
يبتسمُ عابدُ وقد أدرك ما كان: ” ومش قلت لك لو آخر يوم فى عمرى أحب أموت صائماً ؟! “.
التعليقات مغلقة.