في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم الحلقة /701 ” زيد بن عمرو بن نفيل”..”الإبراهيمي الموحد في الجاهلية”–2
في جهاد الصحابة.. بقلم / مجدي سـالم
الحلقة /701 ” زيد بن عمرو بن نفيل”..”الإبراهيمي الموحد في الجاهلية”–2
رابعا.. في زيد بن عمرو يبحث عن الحقيقة.. نكمل..
وفي رواية عما كان معه في الشام (منقول): (فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى.. فَذَكَرَ مِثْلَهُ.. فَقَالَ: لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ.. فقَالَ: مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ.. فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ.. قَالَ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا.. فقَالَ: وَمَا الْحَنِيفُ.؟
قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ ..لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ..
فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ.. فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ.. فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ).. وهذا الحديث يبيّن مقدار الحيرة التي سادت الدنيا.. وغطّت بضبابها الكثيف على الأديان الظاهرة وعاد عمرو يقول: يا معشر قريش.. والذي نفس زيد بيده.. ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري.. ثم يقول: اللَّهم لو أعلم أحب الوجوه إليك عبدتك به.. ولكني لا أعلم).. ثم يؤدي حركة غريبة كغربته تتوهج شوقًا إلى الله.. وشوقًا يعبر به عما في قلبه.. تقول أسماء: (ثم يسجد على راحته.. وكان يصلي إلى الكعبة ويقول: إلهي إله إبراهيم.. وديني دين إبراهيم) .. كما تقدم..
خامسا.. لماذا نعتبر زيد بن عمرو من الصحابة..
قال الباغندي عن أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة.. قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين”.. وهذا إسناد جيد .. وليس هو في شيء من الكتب.. وبناءً على ما تقدم فإننا نعتبره من الصحابة.. وكان سابقا بفطرته السليمة أفرانه في عصره..
وننقل ما يدور دائما من نقاش.. فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به.. وقد يكون الإعتبار هنا أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا بالله.. فهل يشترط في كونه مؤمناً أن تقع رؤيته له بعد البعثة.. أم لا؟
فهو بالذات لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به.. لكنه لا يعرف أن هذا هو النبي.. وقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم وجلس وتحدث معه.. ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بعد.. لكنه لقيه وهو يشهد ألا إله إلا الله.. ويشهد أن هناك نبيٌ سيبعث هو رسول الله ولم يكن يعلم أنه هو.. فهل يشترط في الصحابي أن يكون قد لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به بعد البعثة؟ أو أنه يكفي أن يراه قبل البعثة وهو يؤمن أنه سيبعث؟
ولا شك أن زيد بن عمرو بن نفيل – رضي الله عنه – كان حنيفاً مؤمناً موحداً رحمه الله ورضي عنه.. فإنه كان قد رفع يديه يقول: اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم.. وقد جاء عن أسامة بن زيد عن أبيه أنه قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار من أيام مكة .. وهو مردفي- أنا وراءه- فلقينا زيد بن عمرو .. فقال له: يا زيد : ما لي أرى قومك سبقوك.. فقال: خرجت أبتغي هذا الدين.. فذكر الحديث المشهور باجتماعه مع اليهودي وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله.. واجتماعه مع النصراني وقوله: لا تكن من ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله.. ولعل قوله المذكور في آخر الأثر: [ إن الذي تطلبه قد ظهر ببلادك -قد بعث نبيٌ طلع نجمه- وجميع من رأيت في ضلال ].. فهذا يعني: أنه رحمه الله قد مات على التوحيد.. وهو يؤمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم.. وهذا اجتهادنا..
سادسا.. ما روي من شعره في فراق دين الشرك..
أربــا واحـــداً أم ألـــف رب أديـن إذا تقـســمـت الامـــور
عزلـت الـلات والعزى جمــيــعاً كذلك يفعل الجـلـد الـصـبــور
فـلا عزى أديــن ولا ابنــتيـها ولا صـنـمـي بنـي عـمــرو أزور
ولا غنما أديـــن وكــان ربــاً لنا في في الدهر إذ حلمي يسير
عجبت فـي الليـــالي معجبـــاً تـوفي الأيـام يـعرفها البصيـر
بــأن الله قــد أفنـى رجـــــالا كـثـيراً كــان شــأنهم الفجور
وأبقـــى آخــريـن بــبر قـوم فـيربـل مـنـهم الطفل الصغيـر
وبينـا المرء يعثر ثـاب يومـا كـمـا تـروح الـغـصـن المطيـر
ولـكن أعــبــد الـرحـمن ربـي لـيـغـفـر ذنبـي الرب الغفـور
فتقـوى الله ربــكم احـفـظـــوها متى مـا تحـفـظـوها لا تبـوروا
تـرى الأبــرار دارهم جـنـــان ولـلـكـفــار حـامـيـة وسـعيـر
وخزي في الحيـاة وأن يموتــوا يـلاقــوا مـا تضيق بـه الصدور.. .. أراكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.