الفن ودوره فى إستعادة الصحة العقلية والسلوكية للأطفال
كتبت ريهام الرفاعى
منذ بداية التاريخ كان يستخدم الانسان البدائى الرسم على الكهوف كطريقة لإظهار مشاعره الداخلية وكوسيلة للتواصل مع غيره , ومع تطور الحضارة أبدع المصريين القدماء فى تصوير حياتهم اليومية بالرسم والالوان وعمل التماثيل كنوع من التواصل مع المجتمع لوضع المعايير والاخلاق والدين . وفى العصر الحديث فى أواخر القرن الثامن عشر بدأ إستخدام الرسم كنوع من العلاج للمرضى النفسيين كوسيلة للتعبير عما بداخلهم من إنفعالات ومشاعر, وفى منتصف القرن العشرين أصبح العلاج بالفن مهنة لها أهميتها الكبيرة , لما أكده الباحثون الاوائل بأهمية علم الجمال والطب النفسي والتحليل النفسي والتأهيل والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتربية الفنية .
وللبرامج العلاجية الفنية دور كبير فى علاج الأمراض النفسية والاضرابات التى تصيب الاطفال كالتوحد اوإضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة او ذوى الاحتياجات الخاصة وغيرها.
حيث أوضحت الدراسات المختلفة تأثير الفن على تقليل المشكلات السلوكية والنفسية للأطفال كالتواصل الاجتماعى والمرونة والصورة الذاتية للطفل اى تساعد جلسات الفن المنتظمة الاطفال المضطربين فى التحكم فى عواطفهم والتفاعل مع الأقران وأفراد الأسرة وبناء الثقة بالنفس.ايضاً تعزيزالانتباه لدى الطفل وهو من أهم العملیات العقلیة التى تلعب دوراً هاماً فى النمو المعرفى لدى الفرد خاصة للاطفال المصابين بإضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة التى من خلالها یكتسب الطفل المهارات وتتكون لدیه العادات السلوكیة الصحیحة والتى تساعده على التكیف مع البیئة.
و في تقرير حديث للمكتب الإقليمي لأوروبا التابع لمنظمة الصحة العالمية حول القوة المحتملة للعلاج بالفن، جاء فيه أن الرسومات التي يقوم بها الأشخاص تعد واحدة من أفضل الطرق للكشف عن حالاتهم ومكنونهم الداخلي، لذلك فلا عجب ان الفن العلاجي قد تأثر بشكل كبير بتخصصات الفن وعلم النفس.
ويستخدم هذا العلاج نهج الإبداع والابداع هنا ليس شرطاً ان يكون الشخص ماهراً ويخرج عمل فنى متقن انما الهدف هو الإستبصار العلاجى للمريض اى اخراج مكنونه العاطفى ومشاعره فى هيئة عمل فنى , وما يميز الفنون البصرية إنها اساليب تعبيرية ملموسة وباقية على عكس الكلمات السمعية والتى قد تزول بإنتهاء الموقف ,حيث تعادل اللوحة او العمل الفنى المجسم آلاف الكلمات .
وقد لُوحظ ان الاطفال المصابين بالاضطرابات المختلفة يميلون الى التفكير بصرياً أى انهم يفكرون فى الصور, لذا فمن الطبيعى استخدام الفنون البصرية لتوصيل ما يحدث داخل عالمهم لنا.
وقد اشارالمعالجين بالفنون ان التواصل اللفظى لا يسمح لنا بفهم كيف ينظرون للأشياء بينما يوفر التواصل البصرى سواء كان بالرسم او النحت فرصة كبيرة لخلق فرص ابداعية تخرج من الطفل .
وقد يبدأ العلاج بالفن لطفل مصاب فى سن الثانية او الثالثة .
وعند إستخدام الاطفال لفرش الرسم يشعرون بالسيطرة والثقة عن طريق تلوين الخطوط التى صنعوها بالشكل الذى يريدونه وقد يفضل بعض الاطفال الرسم من خلال الاصابع هذا بالإضافة الى التأثير السيكولوجى الرائع الذى يحدثه التعامل مع الألوان والتى تتشبع النفس والجسم بتأثيرها المبهج.
ويعتبر الخزف من اهم المجالات التشكيلية المستخدمة لما له من أهمیة فى تنمیة المهارات والقدرات الحركیة لدى هؤلاء الأطفال، وأیضاً لما تتمیز به خامة الطين من القدرة على التطويع فى التشكیل والتى تساعدهم على التحكم فى الخامة والشعور بالذات والسيطرة وايضاً تشكيل أفكارهم بشكل مرئى.كذا وسائل اخرى مثل إستخدام فن الكولاج وصنع الاقنعة للشعور بالذات.
ويجب على المعالج ان يراعى ما يلى:
ان يترك الطفل يقوم بعمل رسومات حرة توضح مشاعره وإٍحباطاته دون تدخل او توجيه منه فى نوعية الرسومات.
كذلك تطويع خامات الرسم طبقاً للمهارات الحركية الدقيقة للطفل فمثلا هناك بعض الأطفال قد ينفرون من لمس الالوان لذا ففى مثل هذه الحالة يستخدم الطفل فرشاة رسم بمقبض طويل حتى يتعامل مع الالوان دون ان يضطر ان يلمسها.ايضاً الحرص على إنتقاء الخامات الأكثر أمناً لتلك الفئات.
من ناحية اخرى من الضرورى ان يبدأ المعالج فى التفاعل مع الطفل ومحاولة ربطه بالعالم الخارجى كتذكيره بالوقت المتبقى من الجلسة مثلاً.
ومن الجدير بالذكر ان جمع الاطفال فى جلسة جماعية يكون فرصة رائعة للتركيز بشكل خاص على إقامة علاقات مع الآخرين مع مراعاه توفير عدد محدود من المستلزمات الفنية مما يعطى الفرصة للأطفال لممارسة المشاركة مع أقرانهم و التخلى عن الذاتية الشديدة واحترام سلوكيات الآخرين.
وأخيراً يتضمن احد التمارين العلاجية الشائعة ان يطلب من الاطفال الرسم فى لوحدة واحدة او عمل فنى واحد هنا يبدأ الاطفال فى التفاعل مع بعضهم البعض ويبدأ كل طفل فى إخراج عواطفه للأخر. مما يعنى انه بدأ يرى الآخر خاصة عندما يدرك ان هذا الآخر يرى العالم بطريقة مماثلة له.
المصادر:
برنامج مقترح نشربالمجلة العلمية لكلية التربية النوعية جامعة المنوفية عام 2017
بعض المقالات الاجنبية على مواقع شبكة الانترنت
التعليقات مغلقة.