جبن العلم وجُرْأَة الجهل بقلم د. ابراهيم مصري النهر
العلم يجعلك تصمت في حرم العلماء ولو تحدثت أو فعلت شيئا أمامهم قد تخطئ، وعلى النقيض تجد الجهلاء أكثر جرأة وشجاعة، فمثلا الذي يقرأ القرآن ولم يسمع عن علم التجويد تراه من أكثر الناس تجرؤًا على الإمامة وفي وجود من هو أقرأ للقرآن منه، وتجده حين يقرأ يكاد لا يخرج لفظا صحيحا وهو لا يدري، ولو صححت له لن يدرك تصحيحك لأنه لا يعلم شيئا عن علم التجويد ولكنها جراءة الجهل.
وتجد الداية أكثر جرأة في توليد الحالات التي لو كانت عند أخصائي نساء وتوليد لجَبُن أمامها جُبن العلم وولَّدها قيصريا، خوفا من المضاعفات التي قد تحدث مع الولادة الطبيعية.
وقد ترى إنسانا لم يدرس الطب ينقذ حياة إنسان بشجاعة الجهل في الوقت الذي يتخاذل فيه دارس الطب بجبن العلم، فكثيرا ما نصادف في العيادات الخاصة أو استقبال المستشفى حالات قد تعامل معها أقاربها بإعطائها قرص أسبرين لمجرد أن لاحظوا عليهم أعراضا تشبه أعراض الجلطة المخية وكانت سببا في إنقاذ حياتهم، في حين أن دارس الطب قد يجبن أن يتخذ مثل هذا القرار، ويؤجله حتى عمل أشعة مقطعية على المخ لمعرفة إن كان السبب نزيفا أم جلطة.
ومن تجربتي الشخصية؛ قد كنت أكثر جرأة في اتخاذ القرارات الخاصة بالعلاج في فترة الامتياز عنها في فترة التكليف، وفي فترة التكليف عنها في فترة النيابة وفي فترة النيابة عنها في فترة التخصص، فكلما ازددنا علما ازددنا جبنا والعكس، ولكنه جبن محمود.
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي … وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي
والنظرية النفسية الشهيرة والتي تعرف بـ (تأثير دانينغ وكروجر Dunning–Kruger effect.).
والتي كان فحواها :
أن الأشخاص متدني الذكاء وقليلي الكفاءة دائما عندهم إحساس بجنون العظمة وواثقين من قدرتهم الضعيفة لأقصي حد “
لو فكرت للحظة ستجد أن كلامهم منطقي جدا إلي حد مخيف لدرجة إن هذه النوعية من البشر متفشية في كل مكان حولنا ..
في نفس اللحظة تجد كثيرا من الموهوبين والأذكياء يعانون من وساوس وشكوك وأحاسيس سخيفة بأنهم لا يستحقون النجاح الذي وصلوا إليه ودائما خائفين ان ينكشف أمرهم في أي وقت ويطلق علي هذه الظاهرة متلازمة المحتال أو ” impostor syndrome “
” مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائما، أما الحكماء فـ تملأهم الشكوك ..! “
التعليقات مغلقة.