عصا سحرية بقلم / مرفت شتلة
عصا سحرية! استيقظتُ لأجدها بجواري تبرق بألوان فضية ولمسات حانية وصوت ناعم همست قائلًة:
- أنا جنية وتلك العصى لتحقيق الأمنيات والمستحيل
سيدة ببشرة بيضاء لامعة تبتسم ضاحكة وأهدتني فوقها قبلة على جبيني، تبخر الهدوء الساكن وحلَّ مكانه ضوضاء همجية؛ فتركتني غارقة في بحر هائج الموج أسبح فيه وحدي، سيكون لي بيت كبير وشرفة واسعة أضع بها أرجوحة، وأهز قدماي فوقها وأُغمض عينيّ، لحظات نشوة ألقت بي خارج غرفتي، كيف وصلتِ سرتِ أم سبحتِ، لم أكترث، أيقظت أفراد عائلتي وصراخ فرحهم أيقظ المدينة.
لجمت صياحهم بإشارة وأنا التي كانت تهتف بأسمائهم ولا يبالون، جلسنا نرتب الأماني، طالبتهم بورقة يكتب فيها كلٌ منهم ما يبغي، صرخات زوجي أيقظتني من حلم يقظة؛ لينفرد بتحقيق أمنيته، فعمره لا يحتمل الانتظار حيث أنه سيحال إلى التقاعد خلال شهور، ومعاشه لن يكفي قوتنا، رحلة صمت أخذتني لبرهة، نعم وبحسبة صغيرة سنضطر للاستدانة لسد نفقات العلاج.
وعلا صوت ولدي الأكبر الذي صاح بصوت تحشرجت فيه أحلامه وهو يرى أيامه وسنواته تمر حيا مقتولا بأمنياته، فاق السابعة والعشرين عامًا ولم يستطع الزواج أو الاقتراب من أي فتاة، ويطالب بأحقيته في السحر.
التفتُ لأجد ابنتي الكبرى تبكي وشهقت؛ فهي مخطوبة منذ ثلاثة أعوام ولا بادرة في الأفق تنبئ بإنهاء انتظارها، غادرت ابنتي الصغيرة الغرفة فواعدتها عدم البوح، عدوتُ خلفها فأنا لا أطيق حزنها، وجدتها ممددة فوق فراشها تنظر لسماء غرفتها، مددتُ يدي وجذبتها وبعيون حمراء تكتم القلق والخوف والحزن، لقد توقفت عن العمل لمرضي وأصابني الوهن، وهي طالبة جامعية أمامها أعوام تحتاج المال الوفير، أعتقد بأن أي عاقل يختارها هي.
عدوتُ إلى غرفتي وأغلقتها على روح مزقتها مني الأبناء والعدو وراء مجرد لقمة تشبع جوع أحلام لا تنتهي، والصبر الذي كان صديقي في كل الأوقات، تأملت العصا وأطلت النظر إليها، وأحلامي الصغيرة التي كانت دائما ترضى بمجرد ابتسامة فتكفيها.
نسيت أن أخبرهم أن من حقنا أمنية واحدة، وبعد أن استغرقني التفكير، وميزان العقل أرشدني للاختيار انتقيت أمنيتي وخرجت لأستقبل رد فعل الجميع، كاد الغضب أن يعصف بهم واقترب زوجي من رقبتي ووضع كلتا يديه فوقها، ارتطمت بالأرض، وأخذ يصيح بوحشية وعيون جاحظة، وأنا أحاول الإفلات، وأركل بكل قوة بأقدامي جسده الثقيل، كنت أستغيث بأولادي، وكأنهم أرادو موتى، لأنني تمنيت عودة العصا.
وهنا استيقظت بسرعه، ومع حرارة أغسطس، تملكني الغضب لطلب زوجي أن ألحق بطابور العيش لأن الخشونة أتعبته ولا يستطيع الوقوف طويلًا، وتمنيت أن يرأفوا بحالي لتعب ظهري الذي أحنته الأماني.
التعليقات مغلقة.