بابا نويل
بقلم المهندس / أسامه أنيس
عاد بعد غياب الشمس يجر جسده فوق الأرض من شدة التعب .. لا يحمل إلا أوجاع يوم عمل طويل مرهق ورأس تملؤه أصوات كل مزعج … كان حلمه الوحيد هو وجبة ساخنة ونوم عميق
صعد السلالم ومعه كل آلام عظامه التى يسمع صوت خروشتها … سمع صوت زوجته(كفااااية دوشتنى بكلامك) تعنف وحيدهما الصغير الذى لم يكمل عامه الخامس . دخل الشقة فاستقبلته زوجته
الزوجة : أنا غلبت مع إبنك … استلمه على ما أجهز لك الأكل
لم يجيبها فما كان يريد أن يتكلم أو بالأدق لم يكن يستطيع … أخذ بيد إبنه ودخل حجرته ليبدل ملابس العمل
الاب : إنت ما بتعرفش تقعد ساكت … مش تنام بقى علشان بابا يحبك
الابن : انت تعرف بابا نويل ؟ … راح عند سامح صاحبى البيت واتصور معاه وجاب له لعبه
الأب : روح نام علشان لما ييجى يسيب لك هدية تلاقيها لما تصحى
الأبن : أنا حأستنى علشان أتصور معاه
الأب : أدخل نام وأنا حأصحيك لما ييجى
الأبن : لا على ما تصحينى يكون مشى وأنا عاوز ألعب معاه
الأب : هو مش بيلعب مع حد بيسيب اللعب ويمشى
الأبن : وأنت عرفت منين
الأب : لما كنت صغير قدك (كان قد أتم خلع ملابسه ولبس بيجاما)
الابن : وكان بييجى عندك ويسيب لك لعبه
الأب : لا عمره ما جه عندى علشان كنت بأفضل صاحى ومش بأسمع كلام جدو وأدخل أنام
قطعت الزوجة الحوار (يالا الأكل قبل ما يبرد)… صحن كبير ملىء بشوربة العدس الساخنة والبصل الأخضر والخبز والليمون وصحن مثله أصغر للأبن … بدأ بسرعة بملعقة مردداً (الله عليكِ)
الأبن : هو بابا نويل بيحب العدس
الأب : ايوه
الأبن : لا بابا نويل مش بيحب العدس
الأب : بابا نويل زى باباك بيحب ال ….
الابن : (مقاطعاً) هو أنت بتقول له بابا نويل انت كمان
الأب : أمممم … بأناديله بأسمـ …. (يتكلم وفمه ملىء بالطعام)
الأبن : (مقاطعاً بلهجة حادة) أبلع وبعدها أتكلم … بتقول له بابا نويل ؟ بعنى أنا أقول له جدو نويل
الاب : (بنفاذ صبر) هو أسمه كده بابا نويل … جدو نويل خلاص مات … قوم اتخمد بقى
الابن : لا أنا حستنى بابا نويل وآخد كل اللعب اللى معاه علشان لما أكبر أبقى أنا بابا نويل
الأب : طيب نام علشان لما ييجى أقوله يديلك كل اللعب اللى معاه وتبقى بابا نويل وانت اللى توزع اللعب على الأطفال الحلوين
الابن : لا أنا مش حأوزع اللعب أنا حأخدهم كلهم واللى عاوز يلعب ييجى يلعب هنا معايا
الأب : بطل كلام بقى علشان صدعتنى ودماغى حتنفجر منك … قوم نام بقى
الابن : لو وأنت صغير كنت فضلت صاحى كنت أخدت اللعب كلها ولما كبرت بقيت بابا نويل
الأب : (مغتاظاً) لعلمك بقى مفيش حاجة أسمها بابا نويل ولا بييجى للعيال ولا بيوزع لعب
الابن : (ضاحكاً) أنت بتقول كده علشان وأنت صغير ما جايش لك لعبة
كان قد أنهى طعامه وقام متوجهاً إلى سريره
الأب : (بصوت مرتفع) الله يلعن بابا نويل على جدو نويل على أم نويل … أنت عاوز تضّرب؟ خش نام لو سمعت حسك حأقوم أضربك بلا بابا نويل بلا زفت … هو فيه حد يجيب لعبة لعيل رزل ومش بيسمع الكلام زيك كده
الابن : (متمتماً بصوت خفيض ومنسحباً إلى سريره) حيجيب لى لعبه وحأفضل صاحى
دخل الرجل وارتمى على سريره وما هى إلا دقائق وكان فى نوم عميق … أفاق كعادته فى السادسة صباحاً وذهب للاغتسال ثم الأستعداد للذهاب لعمله … قبل المغادرة دخل حجرة الصغير ليطمئن عليه ، وباللعجب … وجده نائماً يحتضن صندوقاً أزرق محاط بشريط أحمر … لم يصدق عينيه واقترب فلاحظ كارتاً على الصندوق فاقترب أكثر فوجد عليه صورة لبابا نويل مكتوب عليها (هدية من بابا نويل للصغير … عام جديد سعيد) …
وقف مذهولاً لكن غلب الذهول غيظه … الصغير لم يتعلم القراءة … لمن ترك بابا نويل الرسالة وما الذى يقصده ؟!!
التعليقات مغلقة.