موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“استلهام التاريخ …بين الشوق والكبرياء ” دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “دمائي والقصيد” للشاعر أحمد محمد حنَّان نقد وتحليل أسامة نور

81

“استلهام التاريخ …بين الشوق والكبرياء ” دراسة نقدية تحليلية لقصيدة “دمائي والقصيد” للشاعر أحمد محمد حنَّان نقد وتحليل أسامة نور

النص :-


“دمائي والقصيد “
أَرَغِبْتِ ذِكْرَانَا تَنِطُّ مِنَ القَدِيمِ
إِلِى الجَدَيدْ؟
أَرَغِبْتِني وَالنَّارُ تَطْلُبُكِ
المَزِيدْ؟
هَيَّا أَجِيبِي كُلَّ سُؤْلٍ عَادَنِي،
الحُوتُ كَيفَ ظَلَامُهُ أَمْسَى قيودًا
مِنْ حَدِيدْ؟
وَمَدَائِنِي طُوفَانُهَا
هَلْ كَانَ مَدًا مِنْ وَرِيدْ؟
فَلَقَدْ صَحَوتُ بِقَعْرِ
بَحْرٍ مِنْ دِمَائِي وَالقَصِيدْ؛

مَانَفْعُ يَقْطِينِ المَحبَّةِ أَسْهِبِي!،
والقَلْبُ أَنْهَكَهُ النَّوى،
وَمَشَاعِرِي كَانَتْ قَدِيدْ.
مَانَفْعُ بَدْرٍ كَامِلٍ فِي لَيلَتِي!،
والشَّمْسُ أَطْفَأَهَا الجَلَيدْ،
قُولِي فَإنَّ تَرَاكُمِي تَقْسِيمُهُ
لَا لَنْ يُفِيدْ،
قُولِي فَإِنَّ سَمَاحَتَي رَحَلَتْ
إِلِى المَّاضِي البَعِيدْ،
لَسْتُ القَدَيمَ بَمَا حَوَى،
فَالطَّعْنُ لَمْ يَكُ قَاتِلِي،
كَيْدًا وَلَيسَ لِتَأْمَلِي،
كَي أُنْجِبَ الحَزْنَ الشَّدِيدْ،
غِيْبِي فَإِنِّي زَاهِدٌ
شَخْصِي الوَحِيدْ،
غِيْبِي لِيَأْكُلَكِ الجَفَا
حَتَّى تُسَاوَيْنَ البَلَيدْ،
فَالحُزْنُ فَتَّ وِدِادَنَا،
وَنَثَرْتُهُ فَوقَ الجَوَى،
حَتَّى يُقُالُ لَهُ شَهِيد



“مقدمة”:-


تعددت أشكال الكتابة ،واتخذ المضمون أبعادًا كثيرة …
وظهر المؤيدون لشكل ما ،والرافضون لذات الشكل ،
المتمسكون بأخر..فنشأت المدارس الشعرية والأدبية
التي كان لها- في رأيي- الفضل الكبير في الحفاظ على اللغة العربية وعلومها ،والمحافظة على القيمة والجوهر وتحريك الفكر وبعث الإبداع ..
ورغم تعدد الأشكال ،يبقى الإبداع هو الفيصل والحكم
الذي نستند إليه ،فطالما توافق الإبداع وحضر الإمتاع ،
وتوافرت فنيات الشكل الشعري .كان للنص هيبته ووقاره
وأصبح في بوتقة الشعر وواحته الغناء.
…ومنذ ظهور الشعر الحر ” شعر التفعيلة ” على يد” نازك الملائكة” وقصيدتها “الكوليرا” .ووجد الشعر الحر صراعًا
بين المؤيدين والمعارضين ..
…ولم يكن الصراع حول ماهية الإبداع وحضوره أو عدمه ،وإنما كان صراع حول الشكل ،
ووقف المعارضون عند تعريف الشعر على أنه” كلام موزون مقفى ” وهذا تعريف جاء ليوافق زمنه . وتناسى الواقفون عند هذا الزمن ،أن الإبداع لا يعرف الحدود ، بل يجب أن يتجاوزها سواء كان في شكله القديم أو تجاوز هذا الشكل .



” ماهية العنوان دلالته”


إنَّ للعنوان أهميةً كبيرةً فهو مدخل لقراءة النص ، وبوابة العبور إليه ،وأصبح العنوان في الأدب الحديث،مكونًا رئيسًا من مكونات النص الأدبي ، وقد أعتبره الناقد الفرنسي “جيرار جينت “عتبة رئيسة من عتبات النص ،
والعنوان هنا “دمائي والقصيد ” يتكون من كلمتين (دمائي اسم معرف بالإضافة..
وهي خير لمبتدأ محذوف تقديره هذه ..والياء للنسب ضمير مبني في محل جر مضاف إليه والياء تفيد النسب والتخصيص ..والقصيد معرفة وهى إما مفعول به منصوب
على اعتبار أن الواو للمعية أي دمائي مع القصيد أو تمزج
القصيد..وقد تكون معطوفًا على أن الواو عاطفة ..
والعنوان هنا يعبر عن دلالة ارتباط الدماء بالقصيدة…
فكلمات الشاعر يسطرها الدماء ..مما يوحي بالمعاناة والألم..
” فالشاعر يذكرنا بأن الإبداع يولد من المعاناة “
ولكن ما سبب نزف الدماء هل البكاء على واقع مرير ؟! أم
حادثة مرت به ،أم الشوق واللوعة لفراق الحبيب ؟!…
العنوان هنا مشوق فيه إثارة . يدفعنا لاكتشاف النص واكتشاف سبب المعاناة..ونزف الدماء الذي سار مرافقًا
يخالط القصيد.


**من “حيث الشكل والموسيقى الخارجية “


كتب الشاعر القصيدة على” الشكل التفعيلي ؛فقد التزم تفعيلة بحر الكامل “متفاعلتن ” لكن الشاعر لم يتحرر من القافية؛ بل نجدها في أغلب الأسطر الشعرية ،بل نجد أجزاء من القصيدة عمودية ..فنجد حرف الروي الدال يتكرر وينتهي به مقاطع القصيدة ..ويتكرر أيضًا في داخل المقطع ذاته ..
وأحدثت التفعيلة ،مع القافية غير المنتظمة وحرف رويها الموسيقى الخارجية القصيدة ..
ونجد ذلك في بداية القصيدة :-

أَرَغِبْتِ ذِكْرَانَا تَنِطُّ مِنَ القَدِيمِ
إِلِى الجَدَيدْ؟
أَرَغِبْتِني وَالنَّارُ تَطْلُبِكِ
المَزِيدْ؟
هَيَّا أَجِيبِي كُلَّ سُؤْلٍ عَادَنِي،
الحُوتُ كَيفَ ظَلَامُهُ أَمْسَى قيودًا
مِنْ حَدِيدْ؟
نجد كلمات الجديد..المزيد..حديد..
ونلحظ في نهاية النص :-
غِيْبِي فَإِنِّي زَاهِدٌ
شَخْصِي الوَحِيدْ،
غِيْبِي لِيَأْكُلَكِ الجَفَا
حَتَّى تُسَاوَيْنَ البَلَيدْ،
فَالحُزْنُ فَتَّ وِدِادَنَا،
وَنَثَرْتُهُ فَوقَ الجَوَى،
حَتَّى يُقُالُ لَهُ شَهِيد
نجد كلمات ..الوحيد..البليد…سعيد..
وكأن هذا المقطع عمودي..من مجزوء الكامل ..
حيث التزام الوزن والقافية


**” من حيث اللغة والمضمون والتجربة الشعرية “


استخدم الشاعر اللغة الحية السلسلة الجزلة التي تظهر تجربته ،وتعبر عن مضمون النص ..ولكنه جاء ببعض المفردات
قليلة الاستخدام ، ومن حق الشاعر استخدام ما يشاء من مفردات ..طالما أنها تخدم بنية النص ..وتتسق مع جماليات الإبداع ..
مثل كلمات (تنط ..قعر ..قديد..)
..كتب الشاعر النص في عدة مقاطع يعبر عن الحب والشوق
ورفضه تعنت المحبوبة فهو يقابل كبرياءها بكبرياء ..
فدماؤه تسيل في القصيد ..وطوفان شوقه ممتد..ورغم ذلك
لا يستعطفها البقاء ولم يغفر لها ويسامحها بعد عودتها ؛فكبرياؤه يعلو على عاطفته وحبه

فيقول في بداية النص :-
أَرَغِبْتِ ذِكْرَانَا تَنِطُّ مِنَ القَدِيمِ
إِلِى الجَدَيدْ؟
أَرَغِبْتِني وَالنَّارُ تَطْلُبِكِ
المَزِيدْ؟
هَيَّا أَجِيبِي كُلَّ سُؤْلٍ عَادَنِي،
الحُوتُ كَيفَ ظَلَامُهُ أَمْسَى قيودًا
مِنْ حَدِيدْ؟
بدأ الشاعر بالاستفهام ..وكرره بعد ذلك ..والاستفهام. هنا يفيد التعجب والاستنكار ..فنجد أرغبتِ..؟! …أرغبتني ؟!..كيف..؟!
والاستفهام هنا يثير الذهن ..ويجذب الانتباه..
والشاعر يتعجب من عودة الذكرى مرة أخرى…وما خلفته من نيران ولوعة ..جعلته يغلق قلبه على أحزانه ..ويستخدم هنا استلهام التاريخ ويتناص مع القرآن في قصة “سيدنا يونس عليه السلام …حين ابتلعه الحوت “
فسيتخدم الإسقاط .والتشبيه التمثيلي ..فكأنه في ببعد حبيبته وجفائها في ظلمة حوت بقاع بحر ..وطوفان حبه يمتدد داخله ..
فيقول :-
وَمَدَائِنِي طُوفَانُهَا
هَلْ كَانَ مَدًا مِنْ وَرِيدْ؟
فَلَقَدْ صَحَوتُ بِقَعْرِ
بَحْرٍ مِنْ دِمَائِي وَالقَصِيدْ؛
يعبر الشاعر بقوة عن آلامة فهو يصور تأجج عمقه الشعوري بأعماق بحر أستيقظ من جمال الحب …على ألم الهجر والشوق ..
ثم يكمل ماجدوى الرجوع بعد ما ذاق القلب ويلات الفراق والعذاب ..مستخدما لفظ يقطين ..في استكمال لقصة سيدنا يونس بعد أن لفظه الحوت..
فيقول:-
مَانَفْعُ يَقْطِينِ المَحبَّةِ أَسْهِبِي!،
والقَلْبُ أَنْهَكَهُ النَّوى،
وَمَشَاعِرِي كَانَتْ قَدِيدْ.
مَانَفْعُ بَدْرٍ كَامِلٍ فِي لَيلَتِي!،
والشَّمْسُ أَطْفَأَهَا الجَلَيدْ،
قُولِي فَإنَّ تَرَاكُمِي تَقْسِيمُهُ
لَا لَنْ يُفِيدْ،
قُولِي فَإِنَّ سَمَاحَتَي رَحَلَتْ
إِلِى المَّاضِي البَعِيدْ
يكرر الشاعر التساؤل ..مانفع يقطين المحبة ؟!…مانفع بدر..؟!
للتعجب والاستنكار ..فهو يتساءل ما نفع عودة محبوبته..بعد.
إظلام قلبه ..وجليد المشاعر الذي يقاسيه …
يوكد ذلك بقوله :-
قُولِي فَإنَّ تَرَاكُمِي تَقْسِيمُهُ
لَا لَنْ يُفِيدْ،
قُولِي فَإِنَّ سَمَاحَتَي رَحَلَتْ
إِلِى المَّاضِي البَعِيدْ
فكبرياء الشاعر ..وما عاشه من ألم وفراق ..يجعله ..يأبى التسامح والغفران..
ويؤكد الشاعر ذلك في نهاية النص أنه زاهد ،ويطلبها البعاد والرحيل ؛ فقد نثر حبه فوق الشوق والعذاب..
فيقول :-
غِيْبِي فَإِنِّي زَاهِدٌ
شَخْصِي الوَحِيدْ،
غِيْبِي لِيَأْكُلَكِ الجَفَا
حَتَّى تُسَاوَيْنَ البَلَيدْ،
فَالحُزْنُ فَتَّ وِدِادَنَا،
وَنَثَرْتُهُ فَوقَ الجَوَى،
حَتَّى يُقُالُ لَهُ شَهِيدْ
نص ..فيه مفارقة وتشويق وتجربة شعرية ..نستشعر الصدق فيها والاختلاف …فالشاعر هنا لا يستجدي الوصال ،بل إنه يرفض عودة محبوبته .؛.معليًا كبرياءه..وعزته..على الشوق وعذاب الحب ..
هي معاناة نفسية بين كبرياء النفس وعزتها …وبين عودة المحبوبة بعد هجرها وطلبها السماح والغفران ..



**”الفنيات والصور والأساليب “


النص ينتمي إلى الشعر الحر رغم ما ذكرنا من وجود القافية والروي ،ونجد فيه الإيجاز الشديد ، ودقة المعاني ..واستخدام اللفظ الدقيق ..والصور الجزئية والكلية
وتنوع الأسلوب ..والحركة والتناغم الموسيقى ..
والاعتماد على الرمز واستلهام التاريخ والتراث..
..وقد استخدم الشاعر الأسلوب الخبري للتقرير والتأكيد
في
فَلَقَدْ صَحَوتُ بِقَعْرِ
بَحْرٍ مِنْ دِمَائِي وَالقَصِيدْ؛/ فَالطَّعْنُ لَمْ يَكُ قَاتِلِي،
كَيْدًا وَلَيسَ لِتَأْمَلِي،/
ولكن أكثر الشاعر من استخدام الأسلوب الإنشائي لإظهار التعجب والاستنكار..ولجذب المتلقي وإثارة ذهنه
فنجد الاستفهام الذي يفيد التعجب والاستمرار في
أَرَغِبْتِ ذِكْرَانَا تَنِطُّ مِنَ القَدِيمِ
إِلِى الجَدَيدْ؟
أَرَغِبْتِني وَالنَّارُ تَطْلُبِكِ
المَزِيدْ؟
هَيَّا أَجِيبِي كُلَّ سُؤْلٍ عَادَنِي،؟!
الحُوتُ كَيفَ ظَلَامُهُ أَمْسَى قيودًا؟!
وكذلك في
مَانَفْعُ يَقْطِينِ المَحبَّةِ أَسْهِبِي!،
والقَلْبُ أَنْهَكَهُ النَّوى،؟!
وَمَشَاعِرِي كَانَتْ قَدِيدْ.
مَانَفْعُ بَدْرٍ كَامِلٍ فِي لَيلَتِي!،؟!
للتعجب والنفي والسخرية ..
نجد كذلك الأمر في هيا ..أجيبي ..قولي غيبي.
——؛؛؛؛؛——
** ويبقى التصوير من أكثر العوامل والفنيات إشراقًا في النص..فقد استخدم الشاعر الصورة المحسوسة العميقة
التي رصعها بالرمز والإسقاط ..فاتسمت الصور في مجملها بالطرافة والجمال والتحليق ..
ومن ذلك ..
الحُوتُ كَيفَ ظَلَامُهُ أَمْسَى قيودًا
مِنْ حَدِيدْ؟/وَمَدَائِنِي طُوفَانُهَا /هَلْ كَانَ مَدًا مِنْ وَرِيدْ؟
فَلَقَدْ صَحَوتُ بِقَعْرِ /بَحْرٍ مِنْ دِمَائِي وَالقَصِيدْ؛
فقد اتسمت الصور بالكلية والمشهدية
ومن اجمل الصور ووأكثرها طرافة :-
والقَلْبُ أَنْهَكَهُ النَّوى،/وَمَشَاعِرِي كَانَتْ قَدِيدْ.
مَانَفْعُ بَدْرٍ كَامِلٍ فِي لَيلَتِي!،/والشَّمْسُ أَطْفَأَهَا الجَلَيدْ،
ويستمر ذلك التصوير القوي الرائع في القصيدة ..ليجعلها
تشع بالحركة والقوة والصدق.



**””تبقى من وجهة نظري مايلي :-


١- استخدام لفظ “تنط ” وكذلك قعر ” غير شعري لا يتجاوب مع جماليات النص وفنياته .
٢- الالتزام بما لا يلزم أضر بجماليات النص فإن التركيز على استخدام القافية ليس له مبرر وخاصة في بعض السطور
أشعر أن القافية متعمدة مثل (قديد. الوحيد ..البليد)
——؛؛؛؛؛؛؛——–
قصيدة تزخر بالفنيات والجمال ..تتسم بالإيجاز والتكثيف .وعمق الحالة ..وصدق التجربة الشعرية والوحدة العضوية ، وبالصور الفنية الجمالية الرائعة ..وفيها حركة وتناغم موسيقى ..
تحقق الإمتاع والاستمتاع
تحياتي أسامـة نـور

التعليقات مغلقة.