موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

قصة حياة : الأسطى عبده …تأليف و أداء و إخراج حسين الجندي

304

قصة حياة : الأسطى عبده … تأليف و أداء و إخراج حسين الجندي

الجزء الأول :

قصة قصيرة :
(الأسطى عبده)
الجزء الأول والثاني معا..

-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم..
قالها الأسطى عبده وهو يكاد يفتح عينيه المتورمتين وينفض عنه غبار النوم الذي لا يذوقه إلا لسويعات؛كثيرا ما يهذي وهو نائم بعبارات كلها تحمل طابع عمله :
الطارة فيها رفَّة..
غيرت الزيت على ألف كيلو..
لسة خمسة جنيه يا فندم..
أما سواق حمار صحيح..
لا والله مش طريقي يا هانم أصل الدنيا هناك زحمة..
البنديرة هي كدة ولو مش عجبك انزلي وبلاش وجع دماغ..

عمله كسائق تاكسي يلتهم معظم وقته،بل يسطو على حياته..
يعمل ورديتين وأحيانا ثلاثة على تاكسي يملكه جاره الجشع،
كثيرا ما قذف في وجهه مفاتيح التاكسي وهو يغمغم:
إيه يا عم..
إنت اشترتني؟!
ولا عاوزني أشتغل ليل نهار وفي الآخر أروح لعيالي بشوية ملاطيش..
ثم يتركه وهو يلعن اليوم الذي عمل فيه عنده..
وغالبا ما يجد المفاتيح في الصباح في بيته مرة أخرى، لقد أرسلها له جاره وهو يعلم بأن
القط لا يحب إلا خَنَّاقَه..
تناولها له زوجته وهي تربت على كتفيه راجية:

  • يلا يا عبده استهدى بالله دا احنا عايشين اليوم بيومه..
    يلا يا حبيبي توكل على الله واخزي شيطانك..
    يحدث هذا المشهد تقريبا مرة على الأقل كل أسبوع..
    يزبد ويرغي في وجهها ويلعن (سلسفيل) أم الشغلانة الهباب هذه، وطبعا تأخذ نصيبها هي الأخرى من قنابل اللعن المتدفقة..

الأسطى عبده كثير العيال ودائما يساوره هاجس أنه لو لم يعمل ليل نهار سيتركهم فريسة لزمن كاسر..

حياته الحقيقية في الشارع،وبمرور السنين، عاش قصص حياة لمعظم طوائف الناس،استولت تلك الحكايات على تفكيره ولم يكن على لسانه سواها،توحَّد معها، حتى صارت حياته كتاكسي كبير يعيش داخله أكثر من أن يركبه..
صار حكيما كبيرا،يسمع لهذا وهذه ولذاك وتلك، ينصح وينقل خبرات الناس لغيرهم، وأحيانا يلوذ بالصمت فلا يخرج من فمه حرف إلا للضرورة القصوى..

النقود عنده دائما كأنها قطع (بازل)
يأخذها من الركاب متفرقة لتشكل في الأخير لوحة متكاملة،حتى إذا ما فرح بإكتمالها في آخر اليوم، إذ بفرحته تستحيل إلى حسرة بعد أن يستولي صاحب التاكسي على أغلبها ويترك له ركنا صغيرا منها، مجرد شجرة ذابلة تقبع في أقصى طرفها رسمت بألوان باهتة كحال صاحبها..

أقسم غير مرة على أن يترك هذه المهنة البائسة أو يشتري سيارة خاصة به يكون ريعها له وحده..
لكن تُحَنِّثُ الحاجةُ قَسَمَه في كل مرة..

دوران عجلات التاكسي تجعله شخصا متناقضا؛ فأيام تراه شخصا ودودا أصيلا يحمل قلب طير، وأيام أخرى تخاله وحشا قاسيا بلا قلب..

شاهده يجلس على كرسي متحرك، رجل سبعيني وحوله شابان عرف فيما بعد أنهما ولداه، أشارا إليه ليذهب بهم إلى الطبيب، وقف وقد دق داخله قلب الطير، وصل بهم إلى مبتغاهم،قام بما ليس مفروضا عليه، لقد تذكر والده- رحمه الله – في صورة الرجل المسن،فقد انتظر نزولهم، وعاد بهم إلى منزلهم،نسي معهم مهنته وتعامل معهم كإنسان..

تفاوض معه أحد الشابين على الأجرة، رفض وتعفَّف، أصر الشاب، في الأخير قال له:
-أي حاجة أنا راضي بيها يا بيه..
أخرج الشاب من جيبه النقود ووضعها في جيب قميص عبده..
انطلق بعدها وهو يشعر بالرضا وتمنَّى أن تكون جميع توصيلاته كهذه..

لا يدري لماذا أكله الفضول فوضع يده في جيبه وأخرج النقود..
فجأة تبدل شعوره بالفضول إلى الغضب والحنق البالغين؛فلقد وجد ورقة واحدة من فئة العشرين جنيها!
ظل يردد في نفسه وهو يكاد يتقطع غيظا:

المشوار ده بالميت كده يِعْمِلُّو ميت جنيه!
دي آخرة المعروف، أمَّا ناس معندهاش تقدير صحيح..
وأخذ يضرب عجلة القيادة بيديه ويدبدب برجليه في أرضية السيارة..
وفي تلك الأثناء سمع هاتفا يأتيه من داخله:
يا عم أنت هتموت نفسك ليه؟
أنت عملت خير فمتندمش عليه، كله عند ربنا..
لكنه أخرسه بصوت عالٍ:
اسكت اسكت أنت مش عارف حاجة، الناس دي كانت حاجزة عند أغلى وأشهر دكتور، وبيتهم يا عم فيلا فخيمة، لا لا الناس دي لازم تِتْرَبَّي،دول ناس بخيلة ومبتقدرش..

اتخذ قراره..
في أقصى سرعة كان أمام الفيلا، دق جرس الباب، خرج له الشاب الذي أعطاه الأجرة:
-فيه حاجة يا أسطى؟
-أيوة انزل لو سمحت
نزل إليه وكان يبدو عليه برود شديد..
دار بينهما حوار ساخن، انتهى برفض الشاب وبإصرار شديد أن يزيد الأجرة أو حتى يعترف بأحقية عبده في أي جنيه أكثر مما أخذ، بل هدده بإحضار الشرطة له إن لم ينصرف!

في الأخير..
انصرف عبده وهو يلعن تلك النوعيات من البشر التي يراها تقتات من لحم الغلابة..
لم تعد لديه رغبة في إكمال عمله؛فلقد اسودت الدنيا أمامه..
ركن في جانب الطريق ودفن رأسه في عجلة القيادة وأخذ يبكي حاله..

-تاكسي.. تاكسي..
زبون جديد يناديه ولكنه لا يجيب..
استدار الرجل ناحيته:
يا أسطى يا أسطى..
ظل يناديه ولكنه لا يجيب..

استمع للجزء الأول

الجزء الثاني

يا أسطى يا أسطى..
رد عليه بلا اكتراث :
أيوة.. خير.. فيه حاجة.. عاوز إيه؟
فاضي يا أسطى عاوز أروح…
وقبل أن يكمل عبارته قاطعه عبده بوهن:
لا لا مش فاضي ممكن تسيبني في حالي؟!
قالها ولم ينتظر ردا بل أدار محرك السيارة وانطلق بأقصى سرعة..
دقائق وكان في البيت..
-خير عاوزة إيه أنتِ كمان؟
محدش يكلمني دلوقت..
أنهى عبارته مع زوجته وغط في نوم عميق..
جاءه صوت هاتفه، كان على الطرف الآخر رقما غريبا، أغلق الهاتف في وجهه، عاد الرنين بنفس الرقم مرات ومرات وفي كل مرة يغلق الهاتف..
بدأت حواسه في الاستيقاظ، لماذا يصر هذا الرقم على الاتصال، وقبل أن يجد إجابة، رن الهاتف بنفس الرقم، في هذه المرة دفعه الفضول للرد:
أيوة مين؟
مين؟ أيوة أنا عبده، أنتَ مين؟
زبون، طيب جبت نمرتي من مين؟
بتقول إيه؟
طب إزاي؟! مش معقول، هوه بنفسه عاوز توصيلة؟
ححاضر.. دقايق وهكون عند حضرتك..
ثوان و تجهز وصار داخل التاكسي وانطلق به..
استقبله البواب بالترحاب بعد أن فتح له باب الفيلا، وتوجه معه إلى استراحة الضيوف..
دقائق وكان يقف أمامه..
رجل أعمال بالغ الثراء يرتدي ملابس رياضية، سلم عليه بتواضع شديد لا يتناسب مطلقا مع وجاهته ووضعه الاجتماعي :
أنت الأسطى عبده؟
أنا سمعت عنك كتير من عم فرج الشيف بتاعي، أكيد تعرفه؟
بمجرد أن سمع عبده اسم فرج حتى تذكره على الفور، نعم هو من قام بتوصيله ذات يوم للمستشفي وكان وقتها بين الحياة والموت، لم يأخذ منه أجرة ومكث معه حتى أفاق، لقد طلب منه حينها أن يدعو له دعوة طيبة من القلب..
لم ينس هذا اليوم..
لقد خرج بسيارته يجوب الشوارع طلبا للرزق كعادته كل يوم..
وفجأة وجد رجلا تجاوز الستين يقع في وسط الشارع ممسكا بقلبه، توقف وحمله داخل التاكسي وانطلق به بلا تردد لأقرب مستشفى، وهناك تم عمل اللازم..
فين أهلك يا عم فرج؟ وإيه اللي حصللك؟
رد فرج بعد تنهيدة طويلة:
يااااه ياابني ده موضوع كبير بس باختصار:
ربنا رزقني بتلت أولاد وبنت، ربتهم أحسن تربية وجوزتهم كلهم، وعاشوا معايا في بيتي اللي بنيته من عرقي وشقايا، حتى بنتي طلبت من جوزها يعيشوا معانا ووافق..
بس أكبر غلطة عملتها في حياتي إني دلعتهم بزيادة، محدش فيهم كان عاوز يشتغل، وكلهم اعتمدوا على شغلي، صحيح أنا شغلي كان رزقه واسع، فمحسوبك من أكبر شيفات في البلد..
بس المفروض برضه أشوفهم بيعتمدوا على نفسهم، قلت أمنع عنهم المصروف، لقيتهم زعلوا وخدوا جمب مني، لكني الحقيقة أنا صممت..
وفي يوم لقيت الكبير بتاعي جاي يمضيني على ورقة يومها قال لي دي ورقة عاوزاها الضرايب، ومضيت يا ابني وانا مش مخوِّن، وبعد أسبوع، لقيتهم بيقولولي إن
البيت ضاق عليهم وعاوزين الشقة اللي أنا عايش فيها لوحدي بعد أمهم ما توفاها الله من خمس سنين، ساعتها استغربت وقلت لهم:
طيب وأنا أروح فين؟
قالولي ممكن تشوف لك شقة إيجار، بيني وبينك لفت الدنيا بيا، بس اتماسكت، وصرخت فيهم بأعلى صوت :
لا إن كان حد فينا لازم يمشي يبقى أنتوا كلكم يا كلاب يا معدومي الأصل والتربية، أنا الظاهر معرفتش أربي..
رد الكبير بتاعهم:
البيت بتاعنا بيع وشرا وامضتك على العقد، هه فاكر الورقة بتاعت الضرايب..
أنا سمعت ده واسودت الدنيا في وشي، وخرجت وأنا مش عارف هروح فين، ومفيش كلب منهم فكَّر حتى يقول لي رايح فين وكأنهم ما صدقوا!
خرجت يا ابني وأنا بعدِّي الشارع جات لي أزمة قلبية وأنت اللي لحقتني وودتني المستشفى..
ومن يومها وأنا شايل جميلك..

أفاق من شروده وسأل رجل الأعمال :
لكن فين عم فرج؟
ساد الصمت فكرر سؤاله فأجابه الرجل والدموع تملأ عينيه:
عم فرج تعيش أنت..
مات من شهر تقريبا، ووصاني عليك وادَّاني رقمك، بس أنا نسيت أكلمك، وبالصدفة وأنا بقلِّب في تليفوني لقيت رقمك فاتصلت عليك..
على العموم أنا جايبك النهاردة علشان وصية العم فرج ربنا يرحمه..
بص يا أسطى عبده، اللي هتؤمرني بيه أنا هنفذه وبدون تفكير، هه تطلب إيه؟

شعر الأسطى عبده أن رحمات الرحمن تتنزَّل عليه وأن الله يُعَوِّضُه عن كل سنوات الشقاء، والدوران في الشوارع ومعاملات الزبائن المستفزة، وإلحاح زوجته وجشعها وطلباتها التي لا تنتهي، وصاحب التاكسي الفظ الجلف..
شعر بأن الدنيا تفرد له جناحيها عن آخرهما..

أفاق على صوت رجل الأعمال وهو يعيد عليه ألذ سؤال:
تطلب إيه يا عبده؟
يا بيه حضرتك كتر خيرك وربنا يعلم إن اللي عملته مع فرج مكنتش مستني من وراه….
قاطعه الرجل:
أنت أصيل يا عبده وربنا عاوز يريحك بعد طول التعب..
هه عاوز إيه؟
رد عبده بحرج :
لو حضرتك مصمم أنا عاوز عربية تاكسي تبقى ملكي ودخلها ليَّا ولولادي، ولَّا كده أكون جاوزت حدودي..
لا لا يا عبده تحت أمرك، العربية اعتبرها عندك في الوقت اللي تحدده.
من شدة فرحته احتضننه عبده بقوة وأخذ يقبله والدموع تفر من عينيه فوجد صوتا يصرخ بقوة:
إيه يا راجل فوووق أنت اتهبلت.

انتبه على صوت زوجته وهي توقظه ليرد على هاتف صاحب التاكسي الذي طالبه بإيراد اليوم وأخبره أنه ليس مسؤولا عن عودته من الوردية مبكرا..
قذف بالهاتف أرضا وهو يلعن التاكسي وصاحبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استمع للجزء الثاني الآن

التعليقات مغلقة.