على باب مدينتي ” هنا القاهرة “بقلم عصام القيسي
” أنا أن قدر الإله مماتي .. لاترى الشرق يرفع الرأس بعدي “
استيقظ الطفل مبتهجاً على صوت رخيم ” هنا القاهرة ” وتتوالى الكلمات فإذا بصوت عذب ” لأجلك يابهية المساكن .. يازهرة المدائن … ياقدس ياقدس .. ياقدس .. يامدينة الصلاة أصلي ” واذا بصمت طويل ليعود الصوت مدوياً ” من دمشق … هنا القاهرة ” ، واذا صوت يأتي من بعيد ” مكة وفيها جبال النور … طلة على البيت المعمور ” .
ويصمت الطفل برهة ليعود الصوت مرة أخرى ليصل الى آذانه صوت أم كلثوم الرائع ” بغداد .. بغداد .. بغداد .. ياقلعة الأسود .. ياكعبة المجد والخلود .. ياجبهة الشمس للوجود ” .
ويأتي من بعيد صوت جبلي يشدو عن بساط الريح ” مراكش فين .. وتونس فين .. بلاد الحوت والغلة والزيتون ” ، ليعود الصوت الملائكي يشدو مرة أخرى ” لبيروت .. من قلبي سلام ” ويأتي الصوت العربي من الجزيرة العربية الأصيلة ” أجل نحن الحجاز ونحن نجد .. لنا هنا مجد وهناك ومجد ” و” يا الرياض مالي على الحب إعتراض ” .
ليدرك الفتى العربي أن العرب أمة واحدة .. قلب واحد .. نبض واحد … اذا تألمت القاهرة ضجت بغداد ، واذا حزنت عمان شعرت به الرباط .
ويسترسل الطفل العربي ليتقلب بين صوت المذياع من هنا الى هناك ومن هناك الى هنا ليهفو قلبه الى ” الأسكندرية ” التي بناها الأسكندر الأكبر منذ قديم الزمان ومازالت تزهو كعروس متلالأه ، تهفو اليها العيون ” شط إسكندرية .. ياشط الهوى … رحنا اسكندرية رمانا الهوى .. يادنيا هنية وليالي رضية .. احملها بعنيا .. شط اسكندرية ” .
ويهفو الطفل الى اهل اسكندرية ” بين شطين ومية عشقتهم عنيا .. ياغاليين عليا .. يأهل اسكندرية ” .
وتتوالى الذكريات لمعنى الفداء والتراب والوطن والمدينة والأرض والحرية ” يابيوت السويس … يابيوت مدينتي .. أستشهد تحتك وتعيشي إنتي ..أستشهد والله وييجي التاني .. فداك وطني وفدا أهلي أوطاني .. واموت ياصاحبي قوم خد مكاني .. دي بلدي حالفة متعيش غير حرة .. ياشطي وبحري وشبكي وسفينتي … يابيوت السويس يابيوت السويس ” .
ومن الحرب الى السلم ومن الحب الى المرح ” لأقصر بلدنا .. بلد سواح فيها الأجانب تتفسح .. وكل عام وقت المرواح بتبقى مش عايزة تروح وتسيب بلدنا .. على أرضها اتمختر ياسطى .. بالمبسوطين أخر بسطة .. ولف بينا .. أي والله … أجمل مدينة صحيح والله … مش برضو منها .. آني من الوسطى … نردهالك في الأفراح ومهما تبعد وتروح برضو في بلدنا ” .
على باب مدينتي فمن تكون مدينتي .. فمدينتي هي القدس وقدس الأقداس عيوننا اليها ترحل كل يوم .. مدينتي هي القاهرة .. بغداد .. عمان .. دمشق .. بيروت .. طرابلس .. تونس ..الجزائر .. الرباط .. نواكشوط .. الخرطوم .. الرياض .. الكويت .. مسقط .. المنامة .. الدوحه .. صنعاء .. مقديشيو .. جيبوتي .. موروني .. الأسكندرية .. أسوان .. بورسعيد..جدة .. مكة المكرمة .. المدينة المنورة ” .
هذه مدينتي … وعلى باب مدينتي يأتي الدم العربي والتلاحم العربي مهما بعدت المسافات ومهما كانت المؤامرات ومهما كانت الصعوبات ومهما كانت المشكلات … وطن عربي واحد .. وحلم عربي وبساط الريح يمر بنا على كل بلد عربي وكل مدينة عربية نعيش أفراحها ونحزن لحزنها .
فهذا حلمنا .. حضن يضمنا كلنا كلنا … حلم نعيش لتحقيقه .. ونسعى لتنفيذه .. وطن عربي واحد .. مدن بلاحواجز … بلا سلاسل .. بلاقيود ..لأن الشعوب العربية قلوبها متقاربة يجمعها الحب والدم والصهر ولايتبقى سوى إزالة الحواجز وكسر القيود ليتحرك القطار من بغداد الى الرباط ونواكشوط ومقديشيو والى صنعاء بهوية واحدة وقلب واحد ونبض واحد .
فهل نرى هذه الحلم .. فهل نستيقظ يوماً على هذا الانجاز ؟
وهنا أشعر أن الحلم يقترب ففي مدينة جدة الساحلية عروس البحر الأحمر الذي يضم الغردقة وسواكن والحديدة يجتمع قادة الدول العربية يمثلهم دول مصر ودول الخليج والأردن وفلسطين ليجمعهم لأول مرة بزعامة مصرية قلب واحد ولتكون قوية مدوية أننا بدأنا نسترد عافيتنا وبدأ يظهر المارد العربي والحلم العربي وتوحد الشعوب والزعماء ليكون لنا قرار صوت ووجود ومكانه بين الأمم ، وليظهر استفاقة عربية وقوة عربية وليستيقظ المارد العربي .. المارد العربي .
واذا بصوت المذياع يعود مرة أخرى ليشدو ابن الجبل الذي عاش في مصر وتحدث المصرية وانتمى لمصر ” المارد العربي …. في العالم العربي .. وطنه في كل مكان في غزة .. عمان … في مصر .. في السودان والمغرب العربي .. المارد العربي في العالم العربي هو صدى الجماهير لشعوب وطنها كبير ” .
وتتوقف القصائد ليتحدث المذيع عن ” جميلة بوحريد .. وقصة تحرير الجزائر بلد المليون شهيد .. وعن عمر المختار المناضل الليبي .. وعبدالكريم الخطابي .. والمهدي .. وأحمد عرابي .. وعن جول جمال السوري ” وهكذا درسنا تاريخنا العربي .
ليعود الحلم العربي على صوت يأتي من بعيد :
” أجيال ورا أجيال .. هانعيش على حلمنا … واللي نقولوا اليوم … محسوب على عمرنا .. جايز ظلام الليل .. يبعدنا يوم إنما … يقدر شعاع النور يوصل لأبعد سما .. دا حلمنا .. طول عمرنا .. حضن يضمنا كلنا كلنا ” .
هذه مدينتي .. وعلى باب مدينتي .. وعلى باب مصر .. والأعلام العربي ورسالته ورسالتنا في جريدة على باب مصر .
في مقالي هذا وإن تحدثت عن ” على باب مدينتي ” فلابد لي أن أقف زاهياً مفتخراً ” على باب مصر ” .
فلابد لي من أنتهز الفرصة لإيضاح رسالتنا ورؤيتنا وأهدافنا في هذه الجريدة وراديو ” على باب مصر ” وماذكرته في هذه المقال متعمداً من قصائد واغاني لأوضح أهمية الإعلام والفن والثقافة في بناء ” الوعي ” وبناء ” السلوك ” وبناء وتشكيل ” الوعي المجتمعي ” والإدراك ” وفي تقارب الشعوب .
وعلى باب مصر رسالتنا وأهدافنا وطريقنا واحد لايحيد إعلام متميز صادق بأهداف نبيلة سامية وبأقلام لاتعرف غير الحق والجمال والعلو والنقاء والأدب والحيادية والقلب الصادق الذي لايحيد ولايتلون عن مبادىء القيم والأخلاق والمبادىء .
رسالتنا إعلام يبني ولايهدم .. إعلام يعلو في سماء الرقي والأدب ، فهذا طريقنا .. وهذه مبادئنا .. وهذه قيمنا .. وهذا شموخنا في ” على باب مصر .. وعلى باب مدينتي “.
على باب مدينتي المدينة الفاضلة .. المدينة التي يحلم بها الأدباء ويهفو اليها الشعراء ، مدينة الجمال والرقي والأدب والأخلاق .. على باب مدينتي وعلى باب بلادى اهفو الى المدينة الفاضلة مدينة الفارابي والبلاد التي يتمناها جبران خليل جبران في قوله ” يابلاداً حٌجبت منذ الأزل .. أين أنتي ومن أين السبيل ” .
وأعود إلى على باب مدينتي القاهرة .. القاهرة .. بنت المعز القاهرة .. حتى الصباح ساهرة …جميلة رقيقة .. نبيلة مسامرة .. ممتلىء ترابها .. بالنفحات العابرة .. شامخة لاتنحني .. كبراَ صبور قادرة .. كم هزمت ممالك .. وكم طوت جبابرة … في كل شبر فوقها .. ذكرى تطل سافرة “
هنا القاهرة .. القاهرة ..هنا القاهرة الساحرة الآسرة .. الهادرة الساهرة .. هنا القاهرة الزاهرة العاطرة .. الشاعرة النيرة الخيرة الطاهرة .. هنا القاهرة القادرة .. المنذرة الثائرة الظافرة “
هنا القاهرة .. ومن دمشق هنا القاهرة .. ومن القاهرة للقدس سلام … هنا القاهرة .
التعليقات مغلقة.