موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

مقاربة نقدية بين نص “ذات”للاديب  محمد البنا و نص “أللحزن مذاق آخر للقاصة سماح رشاد

89

مقاربة نقدية بين نص “ذات”للاديب  محمد البنا و نص “أللحزن مذاق آخر للقاصة سماح رشاد

………….

المقاربة بقلمالأديب / محمد البنا

ذات قصة قصيرة بقلم محمد البنا ٢٠٢٠

لم تكن سوزي حين تزوجته قد بلغت الثلاثين من عمرها بعد، حينئذ كان يكبرها بعشرة أعوامٍ فقط..رجلٌ أربعيني ذو مركزٍ مرموق، مثقف، متحرر، كثير السفر، كان يرى في الزواج قيدًا لحريته، لكنه عندما رأها لأول مرة صبيحة يومٍ مشمس، واقفة تجفف جسدها إثر خروجها من المسبح المكشوف في النادي الأرستقراطي، لم يشعر بنفسه وهو يقترب منها ويسألها في جرأةٍ متناهية ” هل أنتِ متزوجة ؟ ” .. ولم ينتظر ردًا منها، بل استطرد وعيناه تسبقانه بالقول ” إنّ لكِ قوامًا أذهلني! “

كانت سوزي بالفعل تملك قوامًا متناسقًا ومدهشا، يكاد يماثل التمثال الشهير المنحوت من الرخام لآلهة الجمال عند الإغريق ” إفروديت “، هى كانت تعلم ذلك، فلم يكن جديدًا عليها أن تسمع هذا الإطراء، أو أن تلمح ذلك الإندهاش البادي بجلاء في حدقتي عينيه، فما من شابٍ أو رجلٍ سبقه إليها إلا وقال ما قاله وأكثر، الفارق الوحيد بينه والأخرين أنه الوحيد الذي طلب الإقتران بها، حتى عندما كانت زهرةً تتفتح في نهايات عامها الثالث عشر، عندما ضبطها أخوها شبه عارية بين ذراعي حارس الفيلا، وعلى فراشه العفن في غرفته الخاصة، الملحقة بالحديقة الخلفية للفيلا، ودافعت أمها عنها بشراسة، وتعللت أنها لا تزال صغيرة، وألقت اللوم كله على الحارس الشاب حليق الذقن، فما كان من أبيها إلا أن طرده، واستقدم حارسًا آخر ذا لحية كثة، ولكنها ناعمة يشبه ملمسها ملمس الحرير، إلا أن نظراتهما لها تتطابق تمامًا، هى لاحظت ذلك وأهتمت، ولكن أباها لم يلحظ، وإن لاحظ لم يكن ليهتم…أخوها كان عضوًا في جماعة عبدة الشيطان وصديقه أيضًا..تخاصما لفترةٍ وجيزة، ثم ما لبث أن عادت المياه لمجاريها، ذلك الصديق كان وقتئذ في عمرٍ يقارب عمر أخيها، أخوها الذي يكبرها بخمسة أعوام فقط، ومع ذلك لم يتقدم لأبويها طالبًا يدها، وكذلك فعل كل من تلاه من شبابٍ ورجال.

زوجها دائم السفر، لذا كان جل اهتمامها هو العناية بطفلتهما ” إنجي ” ذات الأثنى عشر ربيعًا، وقطتها المدللة ” بوسي ” …تلك القطة التي استجلبها والدها لها من إحدى العواصم الغربية التي يتردد عليها، يومها قال لها مازحًا وهم يتناولون غداءهم في الحديقة الأمامية والمجاورة لحمام السباحة الصغير، حينما رأى القطة تلهو برشاقة، وتموء بين فينةٍ وأخرى، كأنما تحدث قطًا تراه، وهم لا يرونه..قال : إنجي..عليك أن تعلميها الفرنسية، ولا تدعيها تختلط بقططٍ غريبة.

إنجي لم تكن لتهتم بما قاله أبوها، ولكن سوزي اهتمت، واستدعت مدرسًا للغة الفرنسية، وطلبت منه أن يعلم الطفلة وقطتها المدللة اللغة الفرنسية، تبسّمت عندما تذكرت ملامحه المندهشة والمستغربة طلبها الغريب، لكنه سرعان ما وافق، فكيف لشابٍ في مقتبل حياته العملية، أن يرفض مكافأةً مغرية كهذه المكافأة، بدا ذلك واضحًا بعد فترةٍ وجيزة من بدء الدروس، وتردده المنتظم على الفيلا، ذلك حين مد يده بورقة صغيرة ملفوفة بعناية إليها هامسًا ” هذا رقمٌ خاص جدًا، هاتفيني إن أصاب مثلًا قطتك المدللة سوءًا أو احتاجت لمن يحنو عليها “.

شكرته وهى تعلم أنه يراها قطةً مدللة، رأت ذلك في عينيه مرارا، لكنها لم تهتم، فقد سبقه كثيرون من أصدقاء زوجها، ولم تهتم بهم أيضًا، كانت قد آلت على نفسها أن تودع مجونها قبل الزواج إلى غير رجعة، فألقتها في مكانٍ ما، لاتدري يقينًا أين هو، لكنه تتذكر فقط أنه مكانٌ آمن، لكن الورقة التي أعطاها لها صديقٌ آخر لأخيها حين مغادرته الباب الأمامي للفيلا ذات ليلة، لا تزال تحتفظ بها إلى الآن في علبة مجوهراتها، في درجٍ خاص بها في دولاب غرفتها، ومفتاحه الوحيد متدليًا آمنًا بين نهديها، في سلسلةٍ ذهبية عيار 24 قراط، ألبسها أياها زوجها في الذكرى الأولى لمرور عامٍ على زواجهما، ولم تبارح عنقها منذ تقلدتها إلى الآن، لم تكن الهدية الوحيدة التي أهداها زوجها لها، بل تنوعت الهدايا بين سلاسل ذهبية وأقراط ماسية، وخواتم مرصعةً بالماس الحر، إلا أنها كانت الوحيدة التي طوق بها بيديه عنقها، ربما لذلك السبب لم تفكر لمرةٍ واحدة في خلعها، أما ثيابها غالية الثمن فكانت لا تفتأ ترتدي زيًا لسويعاتٍ قليلة، ثم تبادر باستبداله بآخر، فقد كان زوجها غائبًا، وابنتها لاهيةً مع قطتها المدللة، أو تستذكر دروسها، والخدم كأشباحٍ يروحون ويجيئون، وهى متكئةٌ على ساعدها الأيسر تتصفح المجلات الغربية، التي يواظب زوجها على استجلابها معه من الخارج، أو تتطلع بملل إلى شاشة التلفاز ذات ال ٨٠ بوصة.

تدرك جيدًا أنها تختلف عن أمها في كثيرٍ من الصفات، وكذلك زوجها يختلف عن أبيها، فأمها كانت تهتم بإقامة الحفلات والمسامرة مع سيدات المجتمع الراقيات، وكان أبوها ينفذ لأمها كل رغباتها، أما زوجها فدائمًا ما يأتي بما يريده هو لها، وليس بما تريده هى لنفسها، كانت تتألم لأنها تريده هو دائمًا، ولا تجده غالبًا.

وتعي أنها تشبه أمها في شيءٍ واحد، وواحد فقط.. أمها استقدمت عازفًا للبيانو ليعلم الطفلة المدللة العزف، بينما هى استقدمت مدرسًا للفرنسية ليعلم ابنتها وقطتها المدللة اللغة، ولم تعرف إلى الآن وبعد مرور ثلاث سنواتٍ على وفاة والدتها، إن كان عزف البيانو قد دس في يد أمها ورقةً ملفوفةً بعناية، مثل تلك التي دسها في يدها مدرس اللغة الفرنسية.

تلك الورقة التي لا تعرف يقينًا أين وضعتها، لكنها تعرف فقط أنها في مكانٍ آمن.

كانت الأشباح تظهر نهارًا، وأما الآن وقد داهم الليل سماء المدينة وشوارعها، فلم يتبق إلا شبحٌ واحد..فها هو حارس الفيلا يستأذنها، إن لم تكن تريد شيئًا من الخارج، فسيغلق الباب الحديدي المكهرب للفيلا، فالآن معظم الأغنياء يكهربون أسوار منازلهم وأبوابها، فقد أضحى أكثر من ثلثي سكان المدينة لصوصًا وقاطعي طريق، بعد أن فقدوا أعمالهم، ولا يجدون ما يسدون به رمق ذويهم ممن يعولون، أذنت له فمضى، ندت عن شفتيها ضحكةٌ خافتة، كان أيضًا ذو لحية تشبه كثيرًا لحية حارس فيلا أبويها، ثم ما لبث أن ضحكت وهى تقارن بينه والحارس الأخر الذي لمحته يتلصص عليها مختبئًا خلف جذع إحدى الأشجار في الفناء الخلفي، وهى بين ذراعي صديق أخيها، ولم يجرؤ على الإقتراب منهما، وكيف له أن تأتيه الشجاعة لفعل ذلك، وهو يعلم يقينًا أنّ إشارةً من إصبعها كفيلةٌ بطرده، فقدكان يكفي أن تتهمه بمحاولة التحرش بها، ولم يكن ليدافع عن نفسه، وهو الذي لبى كل رغباتها كلما عنّ لها أن تتحرش به، وخفتت ضحكتها قليلًا حينما داهمها بغتةً سؤالٌ، طرق أبواب ذهنها..أتراه رأي إنجي في الحديقة الخلفية، وجبُن أن يشي بها مخافة طرده ؟!.

هدأ كل شيءٍ حولها، إلا بعض نداءاتٍ لصرصور الليل بين لحظةٍ وأخرى، وصرصور آخر يلح في أذنيها أن أبحثي عن الورقة، وداهمتها على حين غفوةٍ عيناه…همست مندهشة ” يا الله ..إن عينيه لجميلتان، وشرهتان أيضًا” تساءلت كيف لم تلحظ سوادهما الشديد البراق، والمتقد كجمرٍ ملتهب يدعوها للإحتراق!!، تأملتهما مليًا، غرقت حتى أذنيها في بحر حيوانيتهما، أحسّت بنار نظراته تخترقها، لم تدر بنفسها وهى تهرول باحثةً عن الورقة، إلى أن وجدتها في درج الكومودينو الخاص بها، اتصلت، همست سائلةً، خطت بلهفةٍ ما أملاه عليها، أنهت المكالمة، وسارعت بارتداء أحب ثيابها إليها وأكثرها أناقة، قاطعها رنين الهاتف، إنه زوجها يزف لها البشرى المرتجاة والتي انتظرتها ما يزيد على العشرة أعوام، ” أعود غدًا مساءا، ولن أسافر مجددًا يا زوجتي الحبيبة “

أجابته في فتور ” سأسافر صباح الغد إلى شرم الشيخ لليلتين، فقد ترأست جمعية خيرية لرعاية المتقاعدين،انتظرني ريثما أعود ” .

…………………

أللحرية مذاقٌ آخر ؟! بقلم سماح رشاد..يوليو ٢٠٢٢

أكلت كتابين ليلا، حدثت غريب نهارا، وزعت بسمات على المارة، توقفت عن الحديث معك، محيتك، شربت الشاي دون سكر، ارتديت الأسود دون موت أحدهم، لعقت النوتيلا من أصابعي، جلست بزواية الظل، حرقت الرسائل، على صوتي، ناديت، صرخت، صمت..ثرثرت، لن أبرر لأحد ولا تبرروا، لم أنم ليلا، نظرت للسقف، نزعت بطاريات الساعة، أغلقت النافذة حين حاول النسيم أن يمر، لن يذهب الياسمين لمكان، أغلقت كل الأبواب في وجه الأفكار حتى لا تعبر خلالي، لا أعرف الرسم ولكن لطخت جدراني بألوان رمادية، أدع الصنبور ينقط لا أغلقه لأسمع سيمفونية الليل والفراغ، أربت على كتف وسادتي

” فلتتحمليني ” كسرت عدة أطباق قصدا لأشعر نشوة لا تضاهى، ثم وشوشت دفترًا بكلمتين في أذنه ودسسته تحت سجادة الغرفة ، وصمتُ برهة وعدت لتكسير الأكواب لأصنع كومة من الحطام راقت لي سرياليتها، ثم عاودت الصراخ صمتًا وجهرا، تذكرت أني ضلع أبي المعوج وهو يشتكي أعوجاجي وأنا أشتكي ألم استقامة أضلعه، فنزعت ألمي ونشوز أبي، تسللت، إلى الدرج بالخارج نظرت لأعلى وأسفل رأيتهم ينتظرون خبرا، لكن لم يدق أحدهم بابي ليسأل، فلن أشفي انتظارهم ولن أفسر سبب تساقط الدماء من يدي ومن ابتسامتي، أملك جسدي وأفكاري وأفعالي ولن أبرر قراري بالموت والحياة بالحياة.

……………………………….

المقاربة الموضوعية

………………………

من اهم العناصر التي يهتم بها الناقد حينه دراسته لنص أدبي خاصة القصة والقصة، يأتي على رأسها عنصران، اولهما عنصر روح النص، وثانيهما وحدة الموضوع.

والمتأمل لهذين القصتين، لا يستعصي عليه تلمسهما وبسهولة دون مشقة، فالنصان رغم أنهما سرديان، إلا أن طريقة سردهما تتماهى مع الشعر في تدفقهما الملحوظ، فبديا للقارئ كدفقة شعورية لحظية متصلة، هذا عن المقاربة الروحية، فماذا عن وحدة الموضوع؟

نجد أن النص الأول ( ذات ) يتناول مشهد حي لمشاعر امراة

من طبقة ما في المجتمع، رغم ندرتها إلا أنها موجودة بيننا، بينما النص الثاني ( أللحزن مذاقٌ آخر) بدوره يتناول مشهد حي لمشاعر امرأة من طبقة ما أكثر شيوعًا في مجتمعنا.

والمقاربة الثالثة تتضح في أن كليهما مركز الحدث فيه امرأة، كنواة ذرة يدور حولها الالكترونات، ففي النص الاول انثى يحوطها الذكور كأشباحٍ تظهر وتختفي، بينما هى النقطة التي لا يخفت بريقها في بدءًا من اول حرف وحتى آخر حرف في القصة، وكذلك القصة الأخرى..المراة أنثى يحوطها المجتمع بتقاليدها وعاداته ورجاله ونسائه، وما هم إلا الكترونات سالبة تسعى النواة للتخلص منهم بتمردها على السطوة الذكورية المهيمنة، لتتحرر وتكون كما تريد وتشتهي ولو في سبيل ذلك سفكت دم رجل او انتحرت، ففي كلا الحالين تحرر.

وجدير بالذكر ها هنا أن ننوه ان هذا الأسلوب السردي المستحدث أطلقت عليه الناقدة السورية / كنانة عيسى Kinana Eissa a مصطلح الشبكة العنكبوتية، وذلك في معرض دراستها للنص الأول ( ذات ).

والمقاربة الرابعة أن القاص ( محمد البنا ) اتكأ على ضمير الغائب كساردٍ لنصه، وما كان ذلك منه إلا التزامًا بالحيادية التامة في عرض فكرته دونما أدنى تأثير يميل لايدلوجية معينة من قبله او بأرغام المتلقى على قبول الرأي، وإنما ترك له حرية الحكم دون توجيه او تلميح منه للانحياز لرأي دون آخر ( مع أو ضد ).

بينما اتكأت القاصة ( سماح رشاد ) على ضمير المتكلم كرأو لقصتها، وكان ذلك ذكاءً منها وفطنة لأن الشخصية ها هنا تحتاج لتبئير نفسي خاص جدا يلزم لاقناع المتلقي بواقعيته وتقبله له أن يكون الحدث يوحي بتجربة انسانية ذاتية.

المقاربة الخامسة تجلت في التقنية المعالجية للفكرة..إذ اتبع كلاهما ( القاصين ) أسلوب السرد المشتت بطرقتين مختلفتين، ففي النص الأول كان التشتت صعودا وهبوطا، بينما في النص الثاني كان التشتت جملاً مشهدية بدت في ظاهرها جزرًا منعزلة، لكنها مع الاقتراب من لحظة التنوير تدانت الجزر والتحمت كجزيرة واحدة، وصدقت ووفقت غاية التوفيق الاستاذة كنانة حين نعتت هذه التقنية بالعنكبوتية.

المقاربة السادسة متعلقة بالمتن السردي نفسه للقصتين، إذ يظهر لنا شيئين بوضوح، أولها ان النصين خليا تقريبا من الحوار واتكأ النصان على السرد كمطية أساسية لبلوغ الهدف المرتجى، وثانيهما أن كلا الكاتبين اعتمدا المشهدية الحركية الوصفية الموحية بذاتها للمتلقي دون اقحام لرؤية الراوي او الكاتب، ففي النص الاول اعتمد الكاتب حديث النفس ( ذات )، بينما في النص الثاني تركت الكاتبة الافعال الحركية والوجدانية تفصح عن نفسها

والمقاربة الأخيرة تتعلق باللغة السردية، إذ اعتمد الكاتبان اللغة العربية البسيطة السلسة دون تقعر فساهم ذلك في عدم تشتيت ذهنية المتلقي وتركيزها على تجميع الأحداث فقط ليصل إلى متعته الوجدانية والذهنية معا وبسلاسة ويسر.

محمد البنا..القاهرة في ٢١ يوليو ٢٠٢٢

التعليقات مغلقة.