موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

من أعماق الفكر الريفي العميق بقلم د: أحمد إبراهيم مرعوه

187

من أعماق الفكر الريفي العميق بقلم د: أحمد إبراهيم مرعوه

الْأيَّامُ كَمْ هِي صَعْبَةٌ فِي سُكُونِهَا وَفِكْرِهَا عَنْدَمَا تَجُولُ بِخَاطِرِكَ الْخَوَاطِرُ الْمُتَعَاقِبَةُ، كَالْحَمَائِمِ الَّتِي تَطِيرُ جَمَاعَاتٍ جَمَاعَاتٍ، وَفِي أسْرَابٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي أَشْكَالِهَا وَأَلْوَانِهَا وَأَحْجَامِهَا لِتَرْحَلَ إِلَى أَمَاكِنَ أُخْرَى غَيْرِ الَّتِي سَئِمَتْهَا لِتَدْنُوَا مِنَ الرَّاحَةِ وَلَوْ قليلًا بَعْدَ عَنَاءِ الرَّحِيلِ، كَمَا نَرْحَلُ دَوْمًا إِلَى عَالَمِ الْمَجْهُولِ لِنَبْحَثَ عَنِ الْمُسْتَحِيلِ! فَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ مَوْضُوعٍ، الْأَصْلُ فِيهِ: عَنَاءُ التَّفْكِيرِ فِي أعمَاقِ بَلدًتِي (البسَاتِين ـ أَجا ـ دَقَهْلِيَة).

فَلَرُبَّمَا يَظُنُّ بَعْضُ الْعَامَّةِ أَنَّ التَّفْكِيرَ فِى الرِيفِ لَيْسَ لَهُ عَنَاءٌ، وَقَدْ يَظُنُّ أَيْضًا أَنَّنَا نُهَوِّلُ لَهُ، وَقَدْ لَا يُدْرِكُ أَنَّ عَنَاءَ الدُّنْيَا كُلِّهَا فِي كَثْرَةِ التَّفْكِيرِ، وَأَصْعَبِهِ الْجَمْعُ مَا بَيْنَ التَّفْكِيرِ فِي لُقْمَةِ الْعَيْشِ لَدَى أَدِيبٍ مُفَكِّرٍ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ قُوتِ أُسْرَتِهِ، وَقُوتِ عَقْلِهِ الَّذِي يَظَلُّ مَشْغُولًا بِالْجَمْعِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا، وإِنْ كَانَ يَمِيلُ فِي مُعْظَمِهِ تِجَاهَ عَقْلِهِ الْحَائِرِ دَوْمًا، كَالْعُصْفُورِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحُطَّ عَلَى أَيِّ غُصْنٍ آمِنٍ، يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى عُشٍّ وَعَيْشِ أَوْلَاَدِهِ، فَيَلْمِسَ قِسْطًا مِنَ الرَّاحَةِ يُرِيحُهُ مِنْ تَعَبِ السَّيْرِ وَالْمُسَيَّرِ، وَيُرِيحُهُ مِنْ كَثْرَةِ التَّرْحَالِ وَالرَّحِيلِ!

وَنَحْنُ الْمُفَكِّرُونَ كَكُلِّ الْعَصَافِيرِ الْحَائِرَةِ، إِنْ عَمِلْنَا كَثُرَتْ مَتَاعِبُنَا، فَنُرِيدُ الرَّاحَةَ لِنَكْتُبَ مَا عَانَيْنَا، وإِنْ جَلَسْنَا فِي بُيُوتِنَا نَكْتُبُ مَتَاعِبَنَا، زَادَتْ فَوْقَهَا مَتَاعِبُ أُخْرَى كثيرةٌ، أَصْعَبُهَا كَيْفَ تَرْكَنُ إِلَى الْكِتَابَةِ وَتَتْرُكَ عِيَالًا يُرِيدُونَ طَعَامًا لَا كَلَاَمًا، يُرِيدُونَ فِعَالًا لَا أقوالًا، يُرِيدُونَ حَقِيقَةً لَا خَيَالًا يُرِيدُونَ النُّقُودَ لَا يُرِيدُونَ النُّفُوذَ!

فَهَلْ وَصَلْنَا إِلَى هَذَا الْحَدِّ مِنَ التَّرَدّي، لِتُصْبِحَ حَيَاةُ الْمُفَكِّرِينَ وَالْمُبْدِعِينَ الْمُجِيدِينَ، الَّذِينَ لَا يَتَقَرَّبُونَ لِأَيِّ جِهَةٍ، حَيَاةً حَائِرَةً مَا بَيْنَ إِطْعَامِ الْمَعِدَةِ وَإِشْبَاعِ الْعَقْلِ فِي دُوَلٍ تَرْعَى الرَّاقِصَاتِ وَرَقْصِهِنَّ، وَتَرْعَى الْمُحْتَالِينَ الْقُدَامَى مِنْهُمْ وَالْجُدُدَ، وَبَائِعِي الْوَهْمَ وَمُشْتَرِيِهِ، وَإعْلَانَاتِ الْخَلَاَعَةِ، وَإِثَارَةِ الْغَرَائِزِ، وَمُطْرِبِي الإسفافِ الثَّقَافِيِّ، فِي زَمَنِ التَّخَلُّفِ، وَمُثَقَّفِي الشَّعْوَذَةِ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ اللهَ،ِ وَالْمُنَافِقُونَ وَالْأفَّاقُونَ، وَنَوَادِي الرِّيَاضَةِ الَّتِي تَسْتَنْزِفُ أَمْوَالَ الْبُؤسَاءِ مِنَ الشَّعْبِ لِلصَّرْفِ عَلَى مُدَرِّبٍ أَجْنَبِيٍّ؛ حَتَّى مُدَرِّبَ الْكُرَةِ الَّذِي نَسْتَوْرِدُهُ َ نَصْرِفُ عَلَيْهِ بِسَخَاءٍ، وكثيرًا مِنَ النَّاسِ بُؤسَاءَ؟

قَدْ يَقُولُ الْبَعْضُ مِنَّا: إِنَّ الْكِتَابَةَ بِفِكْرِهَا وإبداعِاتِها هِي وَلِيدَةُ الْمَتَاعِبِ لَدَى كُلِّ مُفَكِّرٍ عَاقِلٍ مُلِمٍّ بِمَتَاعِبِ الْحَيَاةِ وَقَسْوَتِهَا، بَلْ مُلْقٍ بِنَفْسِهِ فِي أَحْضَانِ مُعَارِكِهَا، وَنَقُولُ لَهُ: إِنْ كَانَ كَلَاَمُكَ صحيحًا، فَمَا بَالُنَا بِمُفَكِّرِينَ وَأُدَبَاءَ مَا عَاشُوا خُشُونَةَ الْمَلْبَسِ، وَمُرَّ الطَّعَامِ، وَمَا صَعُبَتْ عَلَيّْهِمْ الْحَيَاةُ يَوْمًا، بَلْ وُلِدُوا مُتْرَفِينَ مُنَعَّمِينَ، وَلَكِنَّهُمْ عَزَفُوا عَنِ الْحَيَاةِ بِمُغْرَيَاتِهَا، وَدَخَلُوا بِإِرَادَتِهِمْ وَبِغَيْرِهَا حَلَبَةَ الْفِكْرِ وَالْأدَبِ وَالْإبْدَاعِ وَالْكِتَابَةِ الْمُؤْلِمَةِ، ولِمَ لَا وَالْفِكْرُ عِنْدَهُمْ حَيَاةٌ، وَالْحَيَاةُ عِنْدَهُمْ فِكْرٌ يَصْعُبُ تَجَاهُلُهُ، فَكِلَيْهِمَا اللَّذَّةُ الْوَلِيدَةُ الَّتِي يُعْقِبُهَا الْألَمُ ! وَإِذَا كَانَتِ الْحَيَاةُ هِي الْفِكْرُ، وَالْفِكْرُ هُوَ الْحَيَاةُ ذاتُها، فلِمَا لَا نُحَاوَل أَن نَرْتَقِيَ بِفِكْرِنَا لِتَرْتَقِي الْحَيَاةُ بِأدَبِنَا. فَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلَّا مَتَاعُنَا بِفِكْرِنَا؟

التعليقات مغلقة.