كاد اللعين أن يفلح بقلم.. سيد جعيتم
حَرَصْت على ارتداءِ زيي اَلْأَزْهَرِيّ أثناءَ تجوالي في باريس، كانَ يَلفِتُ نَظَرَ الكثيرينَ فيطلبُونَ التِقاطَ الصّورِ معي.الاعتدالُ والقدوةُ الحسنةُ صاحباني في عَمَلي كإمامٍ لأحدِ المساجدِ.صَادَقَتْ الأسرَةَ التي تُجَاورُ سَكني، بددوا وحدتي.صاحبْتَهُمَا في نزهةٍ، ارتديْتُ بَدْلَة أنيقةً، تبادلْنا الحديث، هو فَرَنْسِيّ كَاثُولِيكي، وزوجَتُهُ مَلامِحُهَا شَرْقِية، علمت أنها يَهُودِيَّةُ الديانةِ، ارتَبَكْت فلمْ أُقَابِلْ أحدَ اليهودِ من قبل، رَبَّتَ الزوجُ علي يدي.لاحظت ما اعتراني؛ أطالَتْ النَّظرَ إلي تُحَاولُ الولوجَ لما يَجُولُ بخاطِري، تعمدْتُ ألا تلتقي نظراتُنَا.تماوجَتْ أفكاري بين الرفض والقبول( اليهودُ أشدُ الناسِ عداوةً لنا… هم أولُ جِيرانِي ونحنُ وُصِّينَا علي سابعِ جارٍ، يحثُّنا دينُنَا علي التسامحِ والرحمةِ والحوارِ مع الآخرِ) اطمأنت نفسي.أكْنَنْتُ صورتَها في نفسي رَغْمًا عني، استَقوَيْتُ وتَلوتُ (وَاعْلَمُوا أَنَّ اَللَّه يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).زوجةُ جار ببابي مُبْتَسِمةً تلقي تَحِيَّة الصباحِ، رائحةُ عِطرِهَا تَخَلَّلَتْ أنْفِي، نَظَرتُ للأرضِ، قالت:- أَعْدَدْت كيكة فَرَنْسِيَّة وَأَوَدّ أنْ تُشَارِكَنَا في تَذَوقِهَا.تَكرَّر تبادلنا للزِّيارات… على المائدةِ جلسَتْ قُبالي، مُشْرِقَةَ الوَجه… فُسْتَانُهَا يُظْهِرُ مَفَاتِنَهَا، تَعَذَّبْتُ كثيرًا لأتجنَّبَ النَّظرَ إليها.قبل تناول الطعامِ… تلي كلٌّ منَّا صلاتَهُ:- ربنا أنتَ المنبعُ الدائمُ لجميعِ الخيرات، إليكَ نتوسلُ بأن تباركَ وتقدسَ لنا هذا الطعام.- اللهم أطعِمْنَا وزِدْ لنا في بركاتِك.اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِيمَا رَزَقْتَنَا وارْزُقْنَا خيرًا منهُ وقِنَا عذابَ النار.اشتركنا كُلُّنَا في قولِ آمين بعدَ كُلّ دعاءٍ.لاحظَتْ الزوجةُ أنَّ يَدِي لا تَمْتَدّ على اللحمِ، قالَتْ:- إنَّهُ لحمٌ (حَلالٌ) بِنَاءً علي عَقِيدَتِكُم و (كشروت) بناء علي عَقِيدَتِنا مَذبوحٌ ومُستَنْزَفُ الدماءِ، ولحمُ الخنزيرِ محرمٌ عِندَنَا يا ابن العم.هزتني الكلمةُ ولم أستسغها، ردَّدْتُ:- طعامُكُم حِلٌّ لنا يا سيدتي.قال اَلزَّوْج: ـ سأغيبُ عن المنزلِ يومين، أوصِيك بالسؤالِ عن زَوجَتِي، نِسبَةُ السكرِ تَرتفعُ عِنْدَها.عند عودتي من المسجدِ كانَتْ جَالِسَة بكاملِ زينَتِها في حديقةِ البيتِ، تَسْتَمعُ لموسيقي هادئةٍ، دعتْنِي بصوتٍ خفيضٍ للجلوس، لاحظتُ شحوبَ وجهِهَا وحباتٍ غزيرةٍ من العَرَقِ علي جبهتِهَا.- هل أنتِ بخيرٍ يا سيدتي؟- أرجوك استدعِ الطبيب.أوصانِي الطبيبُ بِرِعايَتِها… وَضعنِي في موقفٍ لا أُحسدُ عليْه.أكسبَها ضعفُها جمالًا، لاحظَتْ نَظَراتِي والصراع المشتعل داخلي، ابتَسَمَتْ:لمَ لَمْ تُحْضِر زَوجَتَك معك؟- ماتَتْ زَوجَتِي يا سيدتي؟أمسكَتْ يدي ونظرَتْ في عيني، ارتجفْتُ لملمسِ يدِها.قالَتْ: ـ كُلّ أديانِ الدنيا حتى الأرضيةِ منها لها نفسُ الوصايا العشر(لا تزنِ لَا تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ)بقلم :سيد جعيتم جمهورية مصر العربية
التعليقات مغلقة.