مايا بقلم.. محمد كسبه
ذات صباح ذهبت مايا برفقة والدها إلى المصحة النفسية ، التي تعالج بها والدتها .
الأب يسير مترنحا يمينا و يسارا و لا يدري إلى أين يذهب ؟ و لا يعرف من تلك الفتاة الجميلة التي تمسك بيده ، لكنه يشعر نحوها بالراحة .
- أيتها الفتاة الجميلة الحسناء من أنت ؟
- ألا تعرفني ؟ لا تعرف من أكون ؟
- لا يهمني من تكوني ؛ لكن انا أحبك ، هل تتزوجيني ؟
- انا أحبك كثيرا ، أكثر مما تتخيل .
- إذا فلنتزوج الآن و إلى الأبد .
- أريد أن أضمك إلى صدري ، ما أجمل شفتيك ! أحب تلك العيون السوداء و أعشق ذلك القوام الممشوق ، أنت أجمل نساء الأرض ، بل أجمل نساء الكون ، بل أجمل ما في الكون .
هيا هيا تعالى أقبلك تحت تلك الشجرة . - اصمت و تابع السير أوشكنا على الوصول لذلك المشفى
- أي مشفى ؟ أنا لا أريد الذهاب للمشفى ، فلنذهب معا للحانة و ترقصين معي و نغني سويا ، و نشرب كؤوس الخمر معا .
- كفى ، بالله عليك كفى ، أصمت يا أبي ، ما أقذر الخمر الذي ينسيك حياتك .
- خمر !!!! أين الخمر ؟ ما أجمل الخمر ، النساء ، الغناء و الرقص ، تلك هي المتعة تلك هي الحياة .
- حياة ! أي حياة تلك التي تعيشها و أنت مخمور ، لا تدري ماذا تقول ؟ و لا تعلم ماذا تفعل ؟
- تلك هي اللذة يا حبيبتي ، تلك اللذة ، هيا ضميني إليك .
- نعم سأفعل سأضمك لأنك ملقى على الأرض .
- أرض أي أرض ذلك الفراش الذي سيجمعنا.
يمسك بأكياس القمامة و يضعها تحت رأسه . - ما أجمل تلك الوسائد !!! تعالي إلى جواري هنا .
- يا أبي لعن الله الخمر ، التي جعلتك لا تعرف السماء من الأرض ، يكفي هذا .
الناس تنظر إليك كأنك معتوه أو متسول .
-دعك من الناس إنهم سكارى و حمقى ، إن كل هؤلاء أغبياء ، يعيشون الواقع و أنا أعيش الخيال كما أريد .
المخدرات تجعلني أطير في السماء عاليا ، و أنسى كل المشكلات .
من أنت ؟ - أنا ابنتك الوحيدة مايا .
- لا أنت حبيبتي يا مايا .
- هيا يا أبي ، هيا ندخل المشفى.
- لم ندخل المشفى ؟
- كي نزور والدتي ؟
- من والدتك ، والدتي زوجتك .
- لا … لا … لا أريد أن أرى تلك العجوز التي تكرهني .
- هي لا تكرههك أبدا ، و لم تكن تكرهك يوما ، هي فقط تكره أفعالك .
- أفعالي تريحني و تعجبني ، هيا لنذهب بعيدا ، أنا لا أحبها ، و لا أحب أن أرها .
ألا تذكرين أنها كانت دوما تصرخ في وجهي و تسرق أموالي و تنعتني بأقذر الألفاظ . - يا أبي إنها الآن لا تعرفك ولا تعرفني و لا تعرف من هي .
- هذا جيد ،إذن فلماذا نذهب لأحد لا يعرفنا ؟ هذا جنون .
- يكفي أننا نعرفها يا أبي .
- لكن أنا أعلم ، أنها حين تراني ، ستنهال علي بالسب و الشتم و تسمعني أقذر الألفاظ .
- يا أبي إنها الآن لا تتكلم ، إنها تتألم فقط و حالتها تزداد سوءا .
- هذا أفضل ، إنها المعجزة ، إنها إرادة الله لتلك العجوز التي أحببتها و تزوجتها ؛ لكنها دمرت حياتي جعلتني سكيرا .
- يا أبي إنها كانت مخلصة و أنت كنت مستهتر ، يكفي أنك خسرت المصنع و الأرض في القمار .
- لكن أنا ما زال لدي أموال ، أنا أعيش من أرباح أموالي .
- فلندع الأموال جانبا ، و نتحدث عن زوجتك .
- تقصدين أمك ؟
- نعم أمي زوجتك .
- لكنك جميلة فهل هي جميلة مثلك .
- بل أجمل مني – لعن الله الخمر التي تلعب برأسك –
- أجمل منك ، أذن أحب أن أراها ، أين هي ؟
- في المشفى ؟
- و لكن هل هناك مشفى للجميلات .
- نعم إنها تتزين لك .
- تتزين في المشفى !! كيف ؟
سأذهب معك لأرى تلك الجميلة ، بشرط ألا تكلمني و لا تنطق بكلمة . - يا أبي إنها لا تتكلم
- لماذا ؟ لماذا لا تتكلم ؟
- لأنها تعاني من اضطرابات في الصحة العقلية و حالتها النفسية سيئة جدا .
- لو كانت تشرب الخمر ، ما كانت حالتها النفسية تسوء أبدا .
- يا أبي الخمر الذي تشربه أنت و سبب لك الخسائر , جعلك رجلا فاسد هو السبب في مرضها .
- يا بلهاء الخمر أنا أشربه و هي تمرض منه ، كيف ؟
تدخل معه إلى غرفه العزل في المشفي و هو ما زال يثرثر - اصمت يا أبي ، هذه أمي .
- إنها جميلة هل تزوجيها لي ؟
- أسأليها هل تتزوجني ؟
على السرير في ركن الحائط تجلس الأم واضعة رأسها على يديها فوق ركبتيها ، تنظر لهما و تنهمر الدموع من عينيها.
يبكي الأب و تضمه مايا و تبكي هي الأخري .
التعليقات مغلقة.