قصة للنقد: عذاب لا يبرأ بقلم.. محمد مندور
أصدقائي الأعزاء:أقدم لكم الليلة في فقرة قصة للنقد، قلمٌ موهوب بدرجة محترف، لكنه يتوارى عنا بمحض اختياره، وهو الأولى بتصدر المشهد، اقرؤوا هذا النص وأخبروني، هل بالغت في قدره؟
النص
عذاب لا يبرأ بقلم.. محمد مندور
كأن القيامة قد قامت، لم أستطع الوقوف من شدة الطرق، الصوت أفزعني، أهرب، وإلى أين أهرب؟ والسكون محشور معي، فكل المقابر خاشعة لصوت يدك الأرض ويرج صدري، الصبار في يدي، ولم يصبرني؛ بدونه لن أدهن جلدي، الخوف ألغى حدة السكين.
أمسكين دفنوه حيا، أم أنه عذاب القبر؟
جلدي يتمزق من شدة الحك، لا بد من قطع الصبار، علاجي.
الطرق يبعث الذعر في دمي، وطاقتي تدفع معي أوراقه، شوكه المحاصر في قبضتي. السكين المهزوم على الأرض، يتعجب من أصابعي كيف تتحمل؟
دم؟!
ما مصدره؟ لا أشعر بآلام في يدي؟
النبات!
أيكون الطرق غضب أني أعذبه؟ لا حيلة، لا وقت. إنه ينفصل، لون الدم يتغير، يسيل على يدي.
تتساقط القطرات بلون الماء، أجري به على حدود الموت، يخرج من قلب الحياة (حي) : لماذا تجري؟
الطرق، الصوت، العذاب…
-تمهل.
أخشاه وأقصد البيوت.
تستقبلني( سيدة) بعد العمار، ما بك؟
-الطرق، العذاب، الدم.
تسقنى شربة ماء، أحكي لها عن مرضي والصبار. تلفه في قماشة تمسح لذوجته، تضعه في كيس كبير. أحمله على كتفي.
أسير وأقسم ألا أذهب يوما للمدافن. يتأففون من عفني، يقلبونني بازدراء، يقول أحدهم:
ياللقرف.
وآخر: لولا حرمة الميت لدفناه بلا غسل.
يصبون الماء والعطر.
أُحمل والنظرات تشيعني، أرى (الحي) في الجموع على استحياء يقولها:
ألم أخبرك أن تتمهل.
عيناه تنسحب إلى الأرض.
سكينك لا يزال بجانبي، وأنت تذبحني.
ونفس السيدة تودعني من بعيد.
حمّلتُك ما يبرؤك ولم تأخذ مني غير شربة لن تغنيك عن الافتراق.
يختفي ما حولها من عمار. أهتز والطرق يعزف صياحي :
عشت خائفا ولم يحك جلدي غير أصابع تحملت آلامه.
الرؤى الانطباعية والقراءة النقدية:
نور الدين عبيدي:
إنها بطريقة ما فلسفة الفراغ الذي يحيط بنا ، والذي يؤذينا ، والذي يدمرنا والذي ندركه والذي لا يمكننا شيئا ، نشعر من حولنا بهذه الرائحة الكريهة للجيف ، لذلك ، نحاول أن نعطر أنفسنا ، لكننا متعبون.
جمال أبو أسامة:
قصة مؤثرة حقاولو كان هناك حبك أدق لكانت من روائع القصص
مايسة إمام إبراهيم:
أعتقد أن للكاتب رؤية فلسفية معينة لا يعلم كنهها سواه مما يجعل الموضوع يبدو غامضا إلى حد كبير وإن كنت أراها وجهه نظر عن الحياة ومن فيهاالكاتب أراه يملك قدرة عالية على تطويع الصور البلاغية في أماكنها علي سبيل المثال ( أجرى على حدود الموت )كذلك نوع الكاتب في الأساليب مابين الخبري والإنشائيوإن كنت لا اقتنع بتعدد الاستفهام في القصةالمح في القصة وصف لحالة نفسية ما لبطل القصة ولكن لم يوضح الكاتب الأمر بمايكفي.
إسحاق إسحاق:
الخوف من الواقع الذي نعيشه اليوم لقد أصاب دماغنا هلوسة المجهول المنتظر لان الأعداء لنا بالمرصاد ينتظرون سقوطنا اتمنى لكم التوفيق والنجاح الدائم والسعادة.
جمال الخطيب:
أنا معك في رؤيتك وتوصيفك هذه الحوارية بنوعيها في نفس الوقت تنم كاتب مهيب منزو .هذه النوعية البارعة لا تحب الظهور ..ورغم أن النص مجزوء الا انه مكتمل بحد ذاته عبر عن قصة كاملة .للحقيقة انا أغبط هذه النوعية كل الحب لك وله.
محمد المغربي ممدوح:
مستوى عال من الأفكار، فلسفة راقية لما يدور فى النفس البشرية وكأنها تستعد للمشهد الأخير عندما يسدل الستار عن عمر جرى وسال على الأرض وما أخذ من زرعها الكثير ..أعجبتنى الفكرة العميقة أن نراجع أنفسنا فيما عشناه وقدمناه دمت بخير الأخ الفاضل والأديب الراقى.
محمود حمدون:
كأني أعرف صاحب النص, قصة تحمل توقيع ” م.م”على حسب ظني, النص شديد الترميز, صاحبه حكّاء من طراز رفيع, يتلاعب بالقارئ, يرجّ عقله بعنف, حتى يصل لنقطة أراها من وجهة نظري يقول فيها بصوت عال: أن أشد أنواع الموت, أن يموت المرء وهو على قيد الحياة, فما كان الفناء للجسد فقط هو المؤلم, بل غياب الروح تحت ركام كبير من المعاناة.
فتحي محمد علي:
تناول قطاع من حياة البرزخ بطريقة مبتكرة على نمط_مع فارق في القياس ماجاء برسالة الغفران.
صابر قدح:
عمل رائع ومميز يمتلك أدوات ورؤية وصائغ بحرفية عاليةولكن لى سؤال بسيط هل أصبحت القصة القصيرة لكى تكون قصة أن تدور فى لوغريتمية ونجرى جريا وراء مقصد القاصدمتم بخير وعافية.
السيد الشيتي:
رؤية فلسفية عميقة. يكتمها الكاتب تخرج من بين ثنايا كلماته القوية وأسلوبه المعبر ونظراته الحائرة تحياتى وتقديرى وتمنياتى له بالتوفيق.
نرمين دميس:
نص عالي الرمزية، وكأن صوت الطرق المدوي كان طرق الكاتب لعوالم خفية مجهولة، أخذنا في رحلة بين الحياة والموت، رحلة روح تهرب من الموت وسكنة القبر، تنأى بنفسها من عذاب القبر المحتوم، عافانا الله وإياكم، تتمسك بالصبار ترياقها الوحيد كما تظن، فلا ينفعها كما لم ينفع سكان القبور بينما يعتليها أو يقف جانبها وحولها، تفشل الروح في محاولة النجاة، فلا عاصم من أمر الله إلا من رحم.سردية رمزية تقول الكثير، غاص بنا الكاتب في عالم البرزخ الغيبي، وهو يشير بإصبع واحد إلى الحياة، التي إن عشناها أمواتا، نكون أشد عذابا من سكان القبور، فلنحي أحياء بحق، لنعد العدة للرحلة الأخيرة إلى العالم الآخر، كل التحية والتقدير لمبدع النص.
علي جبل:
نص موغِل في الرمزية، وكأن الكاتب/ةيريد من القارئ أن يستخدم الصبر، ويُعالج بالصبار الذي عولج به في النص.فهل هو حُلم؟ وهل يقصد الحياة الدنيا، أم حياة البرزخ، أم الحياة الآخرة، أم هو يصف حالته النفسية ونظرته للحياة الدنيا؟وعلى كل الأحوال أجاد الكاتب/ة في طريقة السرد، واستخدام بعض الصور البلاغية الرائعة، كما أجاد أيضا في حيرتنا.كل التحية والتقدير للكاتب/ة.
محمد كمال سالم:
عرف الأستاذ محمود حمدون زعيم القصة القصيرة ولا ريب، كاتب هذا النص من القراءة الأولى رغم أن النص ينشر لأول مرة وهو للصديق المبدع الأستاذ محمد مندور ، وهو كاتب يعتز ويتمسك بأسلوبه الفلسفي عالي الترميز، هذا هواه وهذا هو وجدانه الخاص، يكتب مايريد وماينفعل به، لا يكتب ما نريده نحن أو المتلقي، سأطلق عليه من اليوم (يوسف شاهين القصة القصيرة )
تحياتي لحضراتكم ولمبدعنا الرائع وشكرا جزيلا لكم وانتظرونا مع نص جديد.
التعليقات مغلقة.