(أنْ)المخففة من الثقيلة بقلم.. عاشقة اللغة العربية الدكتورة وجيهة السطل
(أنْ)المخففة من الثقيلة بقلم.. عاشقة اللغة العربية الدكتورة وجيهة السطل
تاتي أن المخففه في أربع صور فتكون: مصدرية ناصبة، أو زائدة، أوتفسيرية أو مخففة من أنّ المؤكدة الثقيلة.
وهذه وقفتي مع الصورة الرابعة.
(أنْ)المخففة من الثقيلة:
تخفف (أنَّ)المؤكِّدة، وتبقى عاملة. فتنصب الاسم وترفع الخبر. إلاّ أنّ اسمها يحذف، ويبقى مقدّرا في النية ضمير شأن. ولا يبرز إلاّ في ضرورة، كقول الشاعر : فلو أنْكِ، في يومِ الرَّخاءِ، سألتِني طَلاقَكِ لم أبْخَلْ، وأنتِ صَديقُ
وبروزه هنا ضرورة شعرية. وأجاز بعضهم بروزه في غير الضرورة. ونُقِلَ عن البصريين: لا يلزم تقدير اسمها المنْويّ ضميرَ شأن.
وقدر سيبويه ضمير كاف الخطاب في قوله تعالى: {ونادَيْناهُ أنْ يا إبراهيمُ، قد صَدَّقْتَ الرُّؤيا}الصافّات١٠٤-١٠٥ أنْكَ يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا. وهناك من قال إن (أنْ) هذه تفسيرية. فالنداء نوع من القول.
و بعيدًا عن الخلاف بين الكوفيين والبصريين، فالجمهور على أنّ اسم أن المخفّفة من الثقيلة، ضميرُ شأن محذوف.
والجملة بعدها خبرية.
وتُعرَف هذه المخفّفة التوكيدية العاملة ،بمايسبقها أو ما يليها.ويختلف معه حكم رفع الفعل المضارع بعدها، بين واجب أو جائز
أولًا:مواقعها ووجوب الرفع:
الأول-إذا وقع قبل (أنْ) فعل من أفعال اليقين، نحو:علم، رأى، وجد، ألفى.. فهي حتمًا (أنْ) المخففة من أنَّ الثقيلة. والفعل المضارع بعدها مفصولًا عنها بفاصل، واجبُ الرفع.
محو قوله تعالى:{….أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا … } سورة الرعد: ٣١
(أنْ) هنا سبقت بما يدلّ على العلم و هو ييئَس. كما ذكر المفسرون، حيث قال ابن كثير – رحمه الله – (أفلم ييئس الذين آمنوا) أي: ألم ييئَسوا من حدوث الإيمان
لجميع الخلق، ويعلموا أو يتبينوا {أن لو يشاء اللهُ لهدى الناس جميعًا} فلفظ يئس في هذه الآية يقود إلى معنى العلم في وجهه الآخر .
الثاني-إذا وقع بعدها فعل جامد(عسى،ليس نِعمَ)
عسى: {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَىٰ أَن يَكُونُ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} سورة الأعراف/١٨٥
وأنْه عسى اسمها ضمير شأن وخبرها جملة الرجاء.
ليس: {وأنْ ليس للإنسانِ إلا ما سعى} سورة النجم الآية ٣٩ . وأنْهُ ليس. اسمها ضمير الشأن المحذوف، وخبرها جملة النفي.
نِعمَ: في قولنا:
مدح الشيخ تلميذه أنْ نِعْمَ التربيةُ تربيتُك ياولدي.
أنْه: الاسم محذوف ضمير شأن، والخبر جملة المدح.
الثالث – إذا وقع بعدها ما يفيد الدعاء: {والخامِسةُ أنْ غَضِبَ اللهُ عليها} النور: ٩
وقولك: غاضَبَهم، وكتب إليهم أنْ لابارك الله فيكم.
أنْه، اسمها ضمير شأن محذوف، والخبر جملة الدعاء.
وندر مجيئها مخففّة ، مع عدم الفصل بفاصل، مع غير الجامد والدعاء، من ذلك قول الشاعر: عَلِمُوا أنْ يُؤَمَّلُونَ فَجادُوا قَبْلَ أنْ يُسألُوا، بأعظَمِ سُؤْلِ
الرابع-إذا وقع بعدها جملةاسمية: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين} مَا قَبْلَهَا مُبْتَدَأٌ، وَالجملة الاسمية في موضع الخبر؛ولأنّ المصدرية الناصبة تختص بالأفعال؛ف (أنْ)هنا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ نَاصِبَةً لِوُقُوعِ الِاسْمِ بَعْدَهَا. فهي الْمُخَفَّفَةُ مِنَ
الثَّقِيلَةِ. الخامس – إذا أتت بعد فعل من أفعال اليقين. وفصل بينها وبين الفعل المضارع بعدها فاصل، من هذه الغواصل: (قد، التسويف..لو الشرطية ،النفي،) والفاصل إشعار أكيد بأن (أنْ) ليست الناصبة للمضارع، بل هي المخففة.
ومن المهم أن نعرف،أنه لا يُفصل بلا النافية إلا مع رأى القلبية،دون غيرها من أفعال اليقين.من ذلك قوله تعالى:
{أفلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}سورة طه/٨٩
أنْهُ لا يرجعُ . اسمها ضمير شأن وخبرها جملةيرجع .. . وأمثلة ذلك ما يلي:
السين : { عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ
اللَّهِ}سورة المزمل/٢٠ وليس للمضارع هنا سوى وجوب الرفع لاقترانه بالسين. -وقول الشاعر :
زعم الفرزدقُ أن سيقتلُ مِرْبَعًا
أبشِرْ بطولِ سلامةٍ يا مِرْبَعُ
وقول آخر:
واعلمْ، فعلمُ المرءِ ينفعُه
أنْ سوف يأتي كلُّ ما قُدِرا
◇- حرف الشرط غير الجازم (لو):
{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} الأعراف:١٠٠،
أنْ هنا سبقت بما يدلُّ على العلم و هو: أوَ لمْ يهدِ أي : أوَ لم يعلموا.أو أوَ لم يصل إلى علمهم. وفصل فعل اليقين بفاصل عن المضارع بعد أن. فالفعل واجب الرفع. ◇ قد: {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ
أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا…} الأعراف /٤٤
أن مخفّفة من أنَّ.واسمها ضمير الشأن محذوف، والجملة الفعلية هي الخبر والفعل واجب الرفع. ورآها بعض العلماء تفسيرية؛ لأن النداء نوع من القول.
◇ أو حرف نفي، لن نحو قوله تعالى: {….عَلِمَ أنْ لنْ تُحْصُوهُ فتابَ عليكم….} المزّمّل: من الآية :٢٠ والمضارع منصوب بلن، والجملة خبرية.
ثانيًا: جواز الرفع أوالنصب:
إذا وقعت (أنْ) بعد فعل من أفعال
الرجحان.
أو أي فعل يقيني غير رأى،بفاصل نفي ب(لا). * أو بعد فعل يقيني بغير فاصل بينها وبين المضارع.
جاز النصب مع الرفع. .فالنصب على أنها (أن) المصدرية من نواصب المضارع: {وحسبوا ألا تكونَ فتنة}المائدة:٧١ والرفع على أنها (أنْ) المخففة من أنّ على قراءة من قرأ الآية برفع المضارع {وحسبوا ألا تكونُ فتنة}.
أما تخريج الرفع فعلى أن حسب بمعنى ظن
والظن الراجح، يقرب من اليقين، فينزل منزلته. ف(أنْ) هذه هي المخففة من أنّ التي تفيد التوكيد. لأنّ فعل ظنّ وما تفرع منه لم يردفي القرآن الكريم -على سبيل الاستقصاء- إلا بمعنى اليقين. ولم يأتِ بمعناه الحقيقي الظن والشك إلا مرة واحدة،في قوله تعالى:{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}سورة النساء/ ١٥٧ +
أسعدكم ربي .
ولكم تحياتي.
أسعدكم ربي .
ولكم تحياتي.
التعليقات مغلقة.