لن تعبر الباب…
بقلم عصام الدين محمد أحمد الباب
لن تعبر الباب
يجلس – دوما- قبالتي، بصراحة يضايقني قعوده هكذا.
أغافله، لا أُحدث ضجيجا.
أفتح – بهدوء- الباب، أتسلل خارجا.
ألتفت في شتى الاتجاهات لأتأكد من عدم ملاحقته إياي.
لا أحد بالشارع.
تنتشر الغيوم، تخفت الإضاءة.
الدرب في قريتنا كالثعبان؛ينثني يمينا ويسارا، يضيق ويتسع.
أشعر بأن شخصا يلاحقني.
أنظر للخلف.
لا أحد.
أخطو بضعة أقدام؛حفيف حركة ينبت فجأة.
أقف تماما ، يتلاشى الهسيس.
نهيق يتبعه نباح، خواريلحق به ثغاء.
أستأنف السير مستأنسا بأنغام سيمفونية معتادة.
يشبك ذراعه في ذراعي، يجرني وكأنني ضرير.
نغادر القرية والخور، نبتعد كثيرا.
يتوافد العشرات، يحملون المشاعل.
يضيئون أرض الرمال المنبسطة.
يتصايحون، يغنون، يرقصون، يتحاطبون.
نتوغل في الصحراء، نتجاوز الأحقاف.
يعتلي رؤوسنا الجبل الغربي.
يرسمون دائرة ونحن مركزها.
يفلت ذراعي، ليصدر الأوامر.
يجرجرون صخرة عملاقة.
بمعاول الحديد والنار يصنعون عرشا.
يصطفون.
يشكلون ممرا.
يدفعونني لتسلق الصخرة.
أتموضع فوق العرش.
يعزفون بأفواههم صفير النصر.
تصخب السماء.
يشير إليهم فيصمتون.
يعاود التمركز في دائرة المنتصف.
يتفوه بحديث لا أسمعه.
ينحنون، يركعون، يسجدون، ينتصبون كالأوتاد.
نغمات اللهاث تسري في الأجواء.
البعض يكوم أطنان الأوراق فوق التل المتاخم.
يشعلون النار،شخوص الأوراق المحترقة يصرخون.
يلتمسون النجاة.
أصواتهم تتناثر:
ما أردنا الأمارة.
نحن الأسوأ!
القصص التي جمعتنا وهم يا سادة.
لا جريرة لنا، لم نخلق أنفسنا!
دعونا نذهب ولن نغامر ثانية.
لم تُبق الأرمدة شيئا!
أخشى على نفسي الهلاك، أبحث عن فرصة للهرب.
لماذا الهروب وأنت الملك المتوج؟
احترقت كل الحكايات،وما أنا إلا حكاية!
تتغنى جوقتهم بالترانيم.
أهبط من العرش.
يلمحونني.
أعدو..أعدو..
يلاحقونني.
أصوات ترج الأرض:
ألم ترد الأمارة؟
لمن هذا العرش أذن؟
ها هو مازال يحول بيني وبين الباب، يترصدني حتى لا أخرج ، أتوسل إليه:
يا عمي الحاج ارحمني.
لا تكبلني بوجودك.
كرهتك.
نبراته ترهقني:
لم أدعهم يفتكون بك.
أتفلسف:
مسرحية عبثية، لا تتوهم كثيرا.
يعاتبني شامتا:
دانت لك الأمارة فهربت.
صدى صوتي الآخذ في الأفول:
صدقا؛ هربت منك إليهم، ومنهم إليك.
يعلن عن ضغينته:
ألم أقل لك الباب موصد.
تمت
بحمد الله وتوفيقه
التعليقات مغلقة.