مكالمه من البرزخ بقلم.. عصام الدين محمد احمد
آلو…
من؟
نبرات مضطربة:
أتاهت منك نبرات صوتي؟
لا.. ذكرني، أحيانا قد تنفع الذكرى!
صوت اعتدت عليه يستقيم:
الذكرى تنفع المؤمنين، دعك من الجدال الممجوج ، كيف حالك؟
بخير والحمد لله.
زين.. أقلب التلفاز.
لماذا؟
أستعرض بقية القنوات.
لماذا يا فيلسوف؟
صوت نجواك يجلجل في أذنيّ:
يمكن أكون خيالا أو طيفا أو سرابا!
أمط الحوار لعلي أستكنه النغمات:
ألم تتخل عن التنكيت يا ربيب الهوى؟
المهم .. ستجدني أشلاء أسفل عربة القطار المحترقة، لا تتركني منثورا هكذا.
يا عم المغبون خفف من لزوجة عصير سخريتك الماسخ.
لا تشغل دماغك بالفهم، ولا تبحث عن ألفاظ لمعالجة الموقف، فاليوم لن يؤذيك مزاحي ولن تزعجك نبراتي.
ما المطلوب مني بالضبط؟
أذهب حيث تتراكم إجزائي ،لتواريني التراب.
أيسمحون لي بعبور الجند والوصول لجثمانك؟
أتخشاهم وتدع لهم رفاتي؟
حتما سيجمعون نثارك،ستحظى بموضع في مقابر الصدقات.
هذا عهدي بك دوما متبلد المشاعر!
ألديك فسحة من الوقت لتحك لي الحدث؟
نار من فوق ، من تحت ، عن اليمين، وعن اليسار، والمحصلة أرمدة لا تملأ جرة صغيرة من الفخار.
طيب.. ألم تتصل بأمك؟
لا ينقصها الحزن والوجع، الدور عليك، قل لها :
صابر يحبك بكل كيانه ، ويتمنى رضاك.
سافر لبلاد الله ليكفك شر العوز ولكن الأجل لم يمهله لتجفيف مآقيك.
ما أجمل طعامك، وما أرق حدبك!
قل لها أيضا:
أنه رجل لم يعهد إلا الشقاء.
يؤنبني :
لماذا لم تبدل قناة التلفاز؟
لم أجمع شتاتي بعد.
بصوته الرائق ينصح:
لا تبك، فقد ملأت صوري كل الشاشات، أخيرا أصبحت مشهورا….أكتظ الأثير بالمسئولين، يعلنون براءتهم من دمي، قالوا أنهم سيصرفون عشرة آلاف جنيه عوضا عن وجودي المأزوم، عموما الفلوس مفيدة، تقضي مصلحة، والآن يشغلك أمر الهاتف المحمول، أليس كذلك؟
لم أتخيل كيفية حصولك على النقال!
أثناء كنس رفاتي وقع تليفون العامل في حجري.
تعاندني الكلمات ، تأبى الخروج، مازلت لا أصدق.
يرق صوته:
قل لأمي :
زغردي.
لماذا يا مثكول؟
لا أحد يجيب.
أقذف الهاتف بعيدا، أبحث عن موعد صرف التعويض على شريط الأخبار.
تمت بحمد الله وتوفيقه
التعليقات مغلقة.