مناجاة على قارعة الطريق بقلم.العيد بوعون
بكت نفسي الألم عن تلك ، وشكت واشْتَكت وتَضرَّعت ، حتَّى هامْت على وجهها تبحث في غير وُجهة ولا مُنْقَلبٍ
عَاتبها الدّهرُ وصَفعتْها الأيّام بكِلتا يديها فهوت صريعةً بين مهاب الضّياع ،ومِن على أرصِفةِ الطُّرقاتِ تَجد متّكأ، وملجأ ، ومأو، ضريرةٌ أنت يا سيّدتي ، وياأُمَّنا .ما أصْبَركِ على نوائِب الزَّمن وما أجْلدك وأنتِ تُصارعين موتا حتميًا يترصدُك وفَلذاتُ كَبدك ، لقد توسَّدوا ذراعك الأَهزلِ وأحتضَنْت مُحيَّا صغيرك الذي تَرينه حُلما دَفينا، وسِراجا مُنيرا يُبدِّدُ غياهب الإدْقاعِ ، ويَكلحُ في وجه من ؟ أمَّاه نِمت وما النٌوم الا سِنة مُسترقةٌ من جَيب الجُفون بعد حِوار مع الجَوزاءِ وهي معلقةٌ بعيدا تَنظُرينها وكأنّها ضَريعةُ الأَحْلام تُفكّرينَ في غدٍ وبعده ،وفي الفُصول وتَواليها والطّقس وتقلباته ،وبَني جِلدتك ومَيلاَنُهم بوجُوههم عنك فهلاَّ تذكّروا القول: يا أخي لا تَمِل بوجهك عنّي ما أنت بدر ولا أنا بفرقد(فحم) أمّاه نَظرتِ بُنيَّتك الشّقراء وما عفّرته اللّيالي والنُّهر من شَعرها المَسدول وما رسمته الأيَّام من تجاعيدَ ألم وكمدٍ وبؤسٍ على وجنتيها الورْديتَين. هي نائمةٌ ترى الدّنيا وما فيها وأنت تحتضنينها ،ترى الأملَ، ترى الطُّفولة ممزوجةً بالكهولة والعجز ، ترى الأيّام وهي قادمةٌ تمرُّ مَرَّ السّحاب ، ترى الرّحيلَ قبل الرحيلُ ، ترى الشّوك في الورود، ولا ترى فوقها النَّدى إكليلا ، لقد سُرقَ وسُلب منها كلّ جَميل حتَّى من يَعُولها ويرعاها رحَل بعيدا لا ترى منه سوى أُخَيلةً خافتة من سراجها الضًئيل بعدما كانت تَستمدُّ منه البصر ، لفترةٍ بل لبرهةٍ . هي وأخِوها وأعزً النّاس في معتركِ الحياة يَمْـتشقون سيْف الإصْطِبار والمغالبة لقواطِع الفقر ، ومخالب الآدمية الغادرة ،وجور السٌلطان ، ما أَحنَّ الرَّصيفَ، وحنوِّ قلبه عليكم من أولئك الذين يفترشون الحرير، ويتوسدون اللُّجين ويلتحفون العُقيانَ دونما تبصُّرٍ وبصيرةٍ، هم موتى تجرَّدوا مِن من انسانيتهم ، هم أشقياء بشقاء نفوسهم وشقاء عيشهم ، لكن أنت ياسيّدتي سعيدةٌ ما دمتي تمْنحين السَّعادة فلذات كبدك من بنات قلبك ….
التعليقات مغلقة.