هزيمة أب … بقلم نوال أحمد رمضان
أبي ماذا بك، لماذا نشعرُ بك مهزومًا ؟!
ابتعادُكم عنى سرُ هزيمتي.
لكننا معك دائمًا!
بأجسادِكم فقط عقولكم.. أفكاركم.. أحلامكم.. بعيدة جدا عنى.
سُنة الحياةِ يا أبى،
سُنة الحياةِ أن أحلم لكم وأفكر فيكم ثم تأبون أن أشاركم الرأي والحُلمَ وتُشعروننى أن كلَ شئٍ
لا يساوى شيئًا وبأنني حافظةُ نقود …لا أكثر.
أبى، لا تُعظم الأمورَ ولا تُصعِب علينا النقاشَ، نحن نحبك، لكنها تصاريف القدرِ وسنةِ الحياةِ وضغوطِها.
أية حياة تلك التى تُفرقنا أفكارًا وأحلامًا وقراراتٍ؟! الحياةُ لا تُفرق الا من يريد الفراق أما ما تفعلونه بأسمِ سُنة الحياةِ فهراء، لقد صار إلقاءُ السلامِ يابنى هو كل ما بيننا وان حاولتُ أن اطمئن على أحوالك تبتسم: ” الحمد لله”
واذا ألححت السؤال رددت: ” لا جديد ” وان تمنيت أن أحلم معك تهز رأسك: ” أحلامٌ قديمة لا تنفع لهذا الزمان “
أما أنتِ يا قرة عينى، حين أدعو لك بشريكِ حياة، شاب وقور متدين تبتسمين: ” أبى، ماذا يفيدُ كلُ ذلك إن لم يكن غنيًا يملك شقة فاخرة وسيارة أحدث موديل وحسابًا زاخرًا بالبنك، هذا الزمن يا ابت، المالُ سيده والجاهُ سلطانه، فمن فضلك أكمل الدعوة …”
هذا بعضٌ من كثيرٍ تفعلونه وترددونه، تبتعدون عنى أرواحًا وتقتربون مني أجسامًا، إنها الهزيمة الكبرى يا ابنائي، فلطالما لقبني الأصدقاءُ برجلِ المبادئ، والأن لا أعرف كيف السبيل لأجعل المبادئَ والقيمَ أساسًا لأفكارِكم وأحلامِكم وأفعالِكم.
الحياةُ تغيرت يا أبى ولم يعد الشعارُ رجل مبادئ، أو فتاة خلوقة، صارت الألقابُ شابًا -لارج-، واسعَ الأفقِ، وفتاةً انيقةَ متحررةً، سامحنا فالعيب ليس عيبنا وحدنا، الرفاق والإعلانات وشروط الفتياتِ فى عريسِ الغفلةِ ورغبة الفتىِ في عروسٍ تعمل وحبذا لو أنها غنية، صدقني يا أبى، العيب ليس فينا بل فى زمنٍ لا يعترف بالمبادئٌٍِ زمن يبحثُ عن وجهٍ ضاحك ولا يهم ان تكون الضحكةُ من القلب، المهم ألا يشعرُ الآخرون بهمومِك؛ فليس لديهم وقت كى يواسونك.
سامحنا أيها الأب العظيم، رجل القيم والمبادئ وأقسم لك أنك أب عظيم ولم تكن أبدًا مهزومًا ولن تكون .
ابنائي أرجوكم لاتدعوا تلك الأضواء المبهرة الزائفة تكبلكم فالزيفُ يزولُ سريعًا .
نعدُك ابى أن نحاول، الأهم ألا تغضب منا أو علينا؛ فرضاك من رضا الله الذى هو أغلى أمانينا وأحلامنا.
التعليقات مغلقة.