موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

زجاجة شاى بارد بقلم.عصام الدين محمد احمد

487

زجاجة شاى بارد بقلم.عصام الدين محمد احمد


يتلو الرقيب الأسماء، تحاذي الحافلة المُتهالكة الباب ، نصعد الأتوبيس.
تُشيِّعنا الشتائم.
انحشرنا ، روائح العرق تَزْكُم الأنوف، تـُحيط بنا الأسلحة الآلية.
لا أملُك إلا الصبر، أتجهَّم.
تَنْخُر الحافلة البيداء، رمال وخِيام منثورة ،تُعانِدُ الحافلة طول المشوار، وأخيرًا وَصَلنا إلى مُجَمَّعِ المحاكم.
قُبة عِمْلاقة مُرتكِزة على أعمدة خُرَسَانِيَّة.
نَصْطَفّ ثانية، تُلاحقنا الأوامر، نصعد دَرَجَات السّلم في هَرَج مَزكُوم، نَلِج الساحة الفسيحة، توزعنا إلى مجموعات بما يتفق وقرارات الاتهام، انتشرنا في شتى القاعات.
موازين العدل تزخرف الحوائط .
يحتويني قفص اتهام، بِضْعَة مقاعد يلتف حولَها سورٌ خشبي بارتفاع نصف متر، ينادي الحاجب .
أبطئ الخُطى، الشُرطي يدفعني، أدور في الحَيِّز الضيق ، خلفَ المِنَصَّة صاحب الوجه المُتَبَرِّمُ، يُعْلِنُ دون التفات:
السِّجْن سنة ونصف ،ومئتا دينار غرامة .
يُنَفِّض المحامي النّعاس، يستجمع كلمة أو اثنتين للتعليق ولكنه ينخَرِس.
أضحك، أنظـُر إلى السقف، أخرُج فاقدًا التماسُك، أخبط الأرض بقدمين حائرتين.
أحَاطَ بي رجال الشُرطة ، يتهامسون ، تُجلجل ضحكاتي.
وفجـأة بكيت، كل مكونات جسدي المُرتَعِش انخرطت في التشنـُج، جف ينبُوع الدمع، اكتنفني ذهول وشَتَات، أستجدي من الوجوه النجدة ، لا أحدٌ يلتَفِت إليّ، أستشِف في عيونهم الرَّاحة.
أمسك بي الضابط، دفعني الجنود إلى داخل الحافلة، دفنت رأسي في عبي، لا شيء أفعله سوى إدرار الدموع.
صرير باب يُفتَح، وآخر يُغلَق، ووجدتني مُقرفِصًا، يواجه القعدة الرفاق، أطبَق علينا الصمت، كلما ارتفعت نبرة نلتَفِتُ، تتحجر دموعي على عتبات السكون .
من بين عشرات الجلوس صوت يربت نفسي الهلعة:
سنة ونصف تستغرقهما في دور “كوتشينة” .
أحرك لساني ؛ لا أقدِر على الكلام ، نَهْنَهَاتي تقلقل الحضور فيزعق صوت :
ترجل يا خرع ، ) بكرة ( تَخرج، وتبقى الذكرى .
ولأول مرة تتكوم أمامي السجائر، أمست الأرض رُقعة رماد، مع كل سيجارة مائة حكاية.
اختنقت الغُرفة بساكنيها ؛ رنين ، صراخ ؛ أحاديث جانبية.
يتمطَّى ” فاتح “مُترنّمًا، لا يهتم بأحد ، يستل حقيبته من أسفل وِسَادته، فهو من القلة الذين يَمْلِكون فِراشًا، يدس زُجاجة شامبو وصابونة لوكس، يغمغم :
صابونة وجردل مياه فائرة تُزيل وسخ السجن .
لَغَط الحديث، ينتابُني الشرود، أناطح السراب، أتناجى :
ماذا فعلْتَ ؟ ؟
لا أحد يجيبني.
باتت رأسي ماكينة خَرِبة، ضُرُوسُها مهدومة الحَوَاف، صداع … وصداع … رأسي “يا بوي” انفلق ، صَخِبَت الزنزانة ، تصدُمني الرؤى :
( تتوارد أمام عيني ، تتبختر، تتمنع، ألهَث خلفها، تصُدّني، ننتقل من مقهى لمقهى والقلب لا يحزن، جميلة بحديثها، تتقول في حُبُور :
الحب يعني زواج والزواج يعني مال!!)
أطرُدها من مُخيلتي، أتأسى بالتدخين، أمست الزنزانة مطفأة، مع التدخين لا عَفَن، لا شيء يُفيدني الآن سوى النوم، أُغمض جِفنِي، ينوح فاتح :
طَمِعَ الأخ في الأرض، احتال واستولى على كل شيء،في كل بنك حساب باسمه .
وأمي تحتل البيت الكبير، غُرَف كثيرة وفاضية، وقبل أن أطلُب منها شيئـًا تصرُخ :
لا مطرح عندي لزواجك .
تـُدميني الأشواك، أهرب، إلى أين ؟ ؟ .
يَلْطِم وجهه بفرْدَتَي الحذاء.
ينهض، تَسْبِقه الدوخة، يتهاوى على كاهلي الغافي، فأفزعُ ، تمُر لحظات، لا نملُكُ أنفـُسَنا من الضحك والتنكيت.
لم يَجِد فاتح بديلًا عن النوم، هاج وماج البحر ولم يُخَلِّف إلا الأملاح الكاوية .
أتناجى:
لا أحد يدرك فداحة جرمي!
الصوت يعلو:
أحببت بنتًا ؛ حلوة وجدعة.
أنظر يمينا ويسارا، حل بهم التعب فناموا، مما حفزني لرفع النبرات:
رُحنا القناطر للنزهة، تسللنا لركوب فلوكة مُكَهرَبَة بالنيون ، ومع الغروب والهواء المُنعِشِ ولحمها الطري هجمت عليها بالتقبيل .
تتلوَّى، أجذبُها بقوة، تَخْمِش وجهي بأظافرها، تقفُز في المياه، تستنجد.
جَبُنْتُ، لا أجيد العَوْم، أزعق على الإنقاذ النهري، تَغْطِس وتطفو، ) تطبش) بذراعيها، لا أجروؤ على القفز خلفها، فاختبأت في خُنِّ المركب.
كيف أعود بدونها ؟ ؟
هَرَبت إلى المدينة هذه، يكتريني العمل نهارًا، وفي المساء تُطارِدني، لا يُغادر طيفها فراغ الغُرفة الباردة التي اسكنها، أبتلع حبوب التخدير، زاحمَ طيفها الهواء.
كيف أتخلص منه ؟ ؟
الحبوب فقدت التأثير ، فلأجرب الهيروين !
في الليل و النهار هيروين وطيفها يكويني، يعذبني، ولكن أنى لي بالثمن ؟ ؟
زعيق المُغني الشهير يُنْقِذني:
أسرق، حَطّمْ ، أقتلْ …
أجرب السرقة، لقفتني الشُرطة .
يتمطى السجان ليفتح الباب آمرًا :
الشاي .
أتململ في رَقْدَتِي، وقفت وبطنَ يدي يدعُك عيني ، تحركت مُقدِّمًا خُطْوة ومُؤخِّرًا الأخرى، وقبيل الوصول إلى الباب لمحت شُرطيًا يضرِب ويركُل الخارجين، تكوّمتْ الأجساد أمام الباب ، تراجعت، سألني الرفيق :
لماذا عُدتَ ؟ ؟
قصَصْت عليه ما رأيت، ضَحِك وكأنه لم يسمع شيئـًا.
تذمَّر من ضَعْف قلبي ، شد الزجاجة وكأنه لم يسمع شيئـًا مُدمْدِمًا :
مصيرك التعود .
نفش جسده، طوح ذراعيه يمينًا ويسارًا في عُنف ، شهق وزفر، خرج مُندفعًا، سبقه الصراخ، عاد بعد رُبع ساعة وبيده زُجاجة الشاي، وقميصه مُمزق وخدوده مليئة بآثار الأصابع، تُضَعْضِعُ جسده الناحل، رشف بُق شاي مُتمتمًا :
يهون في سبيلك أي عذاب .
على غير المتوقع نادى علينا الشُرطيّ لنتبعه إلى مكتب القائد..
أبلل أصابعي بريالتي، أمررها على عيني ، قدماي تتداخلان.
صعدنا إلى الطابق الثاني، قعدنا على دكة أمام مكتب العقيد.
نرنو إلى جميع الاتجاهات، الهدوء يركب الموقف، انفتح باب الغُرفة ، الغـُرفة واسعة ، تتوزع فيها المقاعد الوَثِيْرَة، على الحائط تتقاطع الأسلحة ؛ سيوف، خناجر ، بنادق ، طبنجات ، هِرَاوَات ، العقيد يهتز بالمِقْعَد ، بيده عصًى من الأبنوس.
وبالغُرفة تاجر أتى من مِصر خصيصًا للسؤال عن أحوالي، هيئته معهودة لدي، يشبه الحبيبة المغرر بها، ولم يتعدَّ الحوار مِضْمَارَ الحديث المنتزع.
دماغي كادت أن تنفلق، ألُفّ في دوامة لا أدري مداها .
ربما أتى ليثأر!
فالمدينة تعدو وتقفز وتتبهرج والناس فيها يلهون، وأنا هاهنا لا أقوى حراكًا تكبلني قيود الوجيعة، يجرّوني الآخرون إلى هُوَّة سحيقة لا فِكَاكَ من ضلوعها الضامة.
انقضت الزيارة.
رجعت بنفس هلعة تنتظر الانتقام.
ربما تتخلص من دبق الماضي!
بحثت عن زجاجة الشاي.
أهينم :
لابُد من تسخين الشاي !!
قطعت جزءًا من البطانية، لففتها كإسطوانة، مزقت عُلبة بلاستيك طوليًا، أشعلت فيها النار، يسيل البلاستيك على الـُّلفَافة، انصهرت تمامًا ، صببت الشاي في عُلبة زيت فارغة، ثم أشعلت اللفافة المُسندة أسفل عُلبة الشاي، سخن الشاي، نتناوب الارتشاف فإذا بالشُرطي يدخُل من باب اللارية ) فِناء يتوسط الزنزانات ( .
يتجه نحونا.
زعق بغضب :
من أشعل النار ؟ ؟
تمت بحمد الله

التعليقات مغلقة.