في جهاد الصحابة ” معاذ بن جبل ” رديف النبي..الحلقة السابعة والأربعون…مجدى سالم
في جهاد النبي والصحابة..
الحلقة السابعة والأربعون.. معاذ بن جبل.. رديف النبي..
مجدى سالم
أولا.. مقدمة.. هو معاذ بن جبل أعلم الأمة بالحلال والحرام.. وقد كان الصحابي الجليل.. على صغر سنه.. عالمًا بالقضاء..
- وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرحم أمتي بأمتي أبو بكر.. وأشدهم في الله عمر.. وأصدقهم حياء عثمان.. وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب.. وأفرضهم زيد بن ثابت.. وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل.. ألا وإن لكل أمة أمينًا.. وأمين هذة الأمة أبو عبيدة بن الجراح”..
- فهو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس.. هو أبو عبد الرحمن.. وأسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة.. وشهد العقبة مع السبعين وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله.. وكان له من الولد عبد الرحمن وأم عبد الله وولد آخر لم يذكر اسمه..
ثانيا.. في روايته للحديث.. فقد أردفه رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه.. وهو راوي أحد أشهر أحاديثه صلى الله عليه وسلم..”يا غلام.. إحفظ الله يحفظك.. إحفظ الله تجده تجاهك.. وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.. ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.. رفعت الأقلام وجفت الصحف”..
- وقد خاطبه صلى الله عليه وسلم بلغة الود البالغة.. يوم قال له في الحديث الشهير حين سأله معاذ: أو مؤاخذون نحن بما نقول يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. “ثكلتك أمك يا معاذ.. وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم.؟”..
- وقد أحب النبي الكريم معاذا حتى قال له مرة.. (يَا مُعَاذُ.. وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ.. وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبّكَ”.. فَقَالَ:
” أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ.. وَشُكْرِكَ.. وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)..
كما أحبَّ معاذ النبي حباً شديداً حتى بكى يوماً خشية فراقه عليه الصلاة والسلام..
ثالثا.. في معاذ في اليمن.. بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن بعد غزوة تبوك وشيعه ماشيًا في مخرجه وهو راكب.. وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجَنَد هناك.. يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام.. ويقضي بينهم.. وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن.. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم اليمن على خمسة رجال: (خالد بن سعيد على صنعاء.. والمهاجر بن أبي أمية على كندة.. وزياد بن لبيد على حضرموت.. ومعاذ بن جبل على الجند.. وأبي موسى الأشعري على زبيد وعدن والساحل)..
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل- حين وجهه إلى اليمن: بم تقضي؟ قال: بما في كتاب الله. قال: فإن لم تجد.. قال: بما في سنة رسول الله. قال: فإن لم تجد. قال: أجتهد رأيي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله..
- وقد تجلت إحدى علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.. حين حدد لمعاذ بن جبل كيف يجد القبلة حين يؤسس مسجد صنعاء.. فقال له “إجعل الغرض الفلاني الشهير عن يمينك.. وصل إلى قمة الجبل”.. وظلت القبلة هناك وظل برج الإذاعة فوق قمة الجبل.. وجاءت الأقمار الصناعية لترسم الخط بين القبلة والقمة.. فإذا بالخط يسقط عموديا على الكعبة.. صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
- وكان معاذ بن جبل رجلاً شابًا جميلاً من أفضل سادات قومه.. سمحًا لا يمسك.. فلم يزل يستدين حتى أغلق ماله كله من الدين.. فأتى للنبي صلى الله عليه وسلم.. فطلب إليه أن يسأل غرماءه أن يضعوا له.. فأبوا.. ولو تركوا لأحد من أجل أحد لتركوا لمعاذ من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فباع النبي صلى الله عليه وسلم ماله كله في دينه.. حتى قام معاذ بغير شيء.. حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليجبره.. فمكث معاذ باليمن أميرًا.. وكان أول من اتجر في مال الله هو.. فمكث حتى أصاب.. وحتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلما قدم قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه.. وخذ سائره منه.. فقال أبو بكر: إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم.. ولست بآخذ منه شيئًا إلا أن يعطيني.. فانطلق عمر إليه إذ لم يطعه أبو بكر.. فذكر ذلك لمعاذ.. فقال معاذ: إنما أرسلني إليه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبرني.. ولست بفاعل.. .. ألقاكم غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.