لم أكن أنوي الكتابة بقلم /نورا صبحي
لم يكن حلمي… الكتابة
بل كنت أبحث في السطور
عن مصطلح يدعى سعادة
في أول السطر الذي
به عرقلتني يد الرتابة
شىء مكرر داخلي أبعدته
كان يعاند في الخطى
ويشل أقدام الإرادة
أطلقت حينها زفرة
أكملت بالقلب استعاذة
ومضيت أركض في السطور
كى تحظى روحي باحتضان المفردات
وكأنها مدن جديدة تدعوه قلبي للإقامة
أنكرت سطراً بين السطورحثني
أن أمسك القلم وأكتب جملة
فهربت منه واختبأت
في ركن قلبي ..
بين الدفاتر والمحابر
وألف سطر خطه قلمي هناك
منذ الولادة ..
لكنني حقا …
لم أكن أنوي الكتابة!
أيقنت أني محاصرة
أينما وليت وجهي مفردات
كلما أطرقت رأسي مناوشات
وكأن أفكاري التي أودعتها مدن السكات
تأبى الجلوس إلا على رف معربد بالخيال
تنتظر عصف الشتاء ..
كي تحظى منه بحفنة من أمنيات
عشرون عاماً وأنا ألون في الورق
في كل ليل يشاكس النوم الأرق
فأقوم حيث دفاتري ونظل نحكي ما نشاء
ثم أعود لوسادتي لا ألقي للأمر احتفاء
وأقول في نفسي :اهدئي
أنا لست أبدا كاتبة
إنما..
في قلبي يسكن مارد
يغدق عليا في الخفاء
لأرص في مدن الكتابة
عشرين بابا في سعادة
مفهرسين بالمحبة والعتاب
معنونين بدقة
من بعد إلغاء البكاء
لم أكن أنوي الكتابة
فكتبت سهوا ..
بمفردات هادئة ..
بفكرة مشاكسة
بكل ضجري في المواقف
وحنين ذكرى ..
أبكت السطر الذي
أخفى الدموع في القوافي بكبرياء
وكتبت قصداً ..
لم أكن أنوي الكتابة إنما
لا أدري حقاً ؟!
منذ متى صارت لأوجاعي دواء !
منذ متى جعلت بقلبي أصدقاء !
صارت مطارات تعود بي حيث أشاء
وخارطة ..
وطن على جنح السحاب
رغم البرودة واضطراب الطقس في هذا الفضاء
نلقى المدافىء والمعاطف كلها في حضن سطر
كتبته أيدي الأوفياء …
لم أكن أنوي الكتابة
لكنها كانت غيوما
وأنا المتيم بالشتاء
في غربتي كانت ملاذا
آوي إليها تضمني بلا جفاء
كلما اشتقت..
فرحت ..
أو تملكني البكاء
مدت لقلبي ريشة ..ووريقة للاتكاء
أسرد فتسمعني طويلا ..
أكتب حروفا من صفاء
وأعود كالأطفال أضحك بعدها ..
وكأن قلبي قد تماثل للشفاء
لم أكن أنويها حقا وظننتها يوما هراء
وكم نوايا تبدلت! والله يفعل ما يشاء
فلتخبروني إذا قرأتم ما سبق..
كيف الهروب من المحابر والدفاتر والورق؟!
من شطر بيت مبهم قد رتبته يد الأرق !
من آخر السطر المقفى بالحنين عند كل مفترق!
من ألف خاطرة على أبواب قلبي المنغلق!
من هزة القلم الذي يبكي ويضحك في ألق!
من ينجي قلبي إذا ما أبحر في الورق
بحثاً عن المعنى المخبأ كالآلىء
أو يُظله في السطور من الودق!
لم أكن أنوي الكتابة لكنها
صارت فصيلة الدم التي
كتبتني فوق جدارها
فكتبتها..
تحمل غذاءاً أبجدياً
إن قطع حبل مدادها
ماتت مشاعر وتيتمت أشباهها
وأنا التي منذ البداية …
لم أنتوِ فعل الكتابة ..
بل كنت أبحث في السطور
عن مفردات للسعادة
التعليقات مغلقة.