رجال في التاريخ بقلم مدحت رحال
ثاني اثنين أهلكهما الحسد ،
والكِبر ،
ثاني الحكمين ،
ابو الحكم / عمرو بن هشام المخزومي
ابو جهل فيما بعد ،
وقد قدمت له في مقال آخر
أبو الحكم / أمية ابن أبي الصلت الثقفي
موضوع مقالنا هذا
( أخشى أن تعيرني نساء ثقيف )
قالها قبله أبو طالب :
( لولا أن تعيرني نساء قريش)
شاعر جاهلي وأحد شعراء ثقيف ورؤسائها ،
وهكذا كان أبوه / أبو الصلت
أمه قرشية عبشمية : هي رقية بنت عبد شمس بن مناف عتبة وشيبة : أبناء خاله ربيعة بن عبد شمس
اشتهر أمية ابن أبي الصلت بالحنيفية ،
كان ممن نبذوا عبادة الأوثان ،
وكان محبا للترحال ،
رحل إلى الشام وإلى اليمن في رحلات تجارية ،
واتصل بالفرس في اليمن ،
وبالرهبان والأحبار في الشام ،
وسمع منهم وقرأ كتبهم .
كان كثير الإطلاع على كتب الاديان ،
وكان أحد رؤساء الحنيفية في الجزيرة العربية ،
المنادين بتوحيد الخالق ونبذ الأوثان .
يقول :
أربا واحدا أم ألف رب
أدين إذا تقسمت الأمور
ولكن أعبد الرحمن ربي
ليغفر ذنبي الرب الغفور
كان يُعِد نفسه ليكون النبي المنتظر .
فقد علم من كتب اليهود والنصارى ،
وسمع من الأحبار والرهبان أن نبيا سيبعث في جزيرة العرب وقد أظل زمانه .
نظر فيمن حوله ممن يدينون بالحنيفية ،
ومن تؤهلهم عقيدتهم الموحدة للنبوة ،
فوجد أن بعضهم قد مات ،
ومن بقي فقد بلغ من العمر عتيا ،
ولا يصلح لأعباء النبوة والرسالة .
ورأى أنه أجدر الناس بها ،
فكان يرجو أن يكون هو ذلك النبي ،
ووقر هذا الخاطر في نفسه ،
لدرجة انه صرح به لبعض نساء ثقيف
عرف الحق فراغ عنه حسدا وكِبرا ،
لقيه أبو سفيان بن حرب بعد أن أوحي إلى محمد عليه الصلاة والسلام فقال له :
يا أمية ، قد خرج النبي الذي كنت تنتظر .
فقال له أمية : أما إنه على الحق فاتبعه .
قال له أبو سفيان : وما يمنعك أنت ؟
فقال : ما يمنعني إلا الإستحياء من نساءثقيف ،
إني كنت قد أخبرتهن أني أنا هو ،
ثم يرينني تابعا لغلام بني عبد مناف ؟
عرف الحق ،
وتنازعه تياران :
_ تيار الحق ،
يدفعه إلى أن يلحق برسول الله ويسلم ،
فهو يعلم يقينا أنه النبي المنتظر ،
_ تيار الكِبر والحسد ،
أيصبح تابعا بعد أن كان يُعِد نفسه ليكون ذلك النبي ؟
ثم ماذا يقول لنساء ثقيف كما أخبر أبا سفيان ؟
وكاد الحق أن ينتصر في نفسه ،
فإذا هو يرحل يريد رسول الله في المدينة بعد بدر ،
فقيل له : أتدري من في القليب ؟
قال : لا
قالوا : فيه عتبة وشيبة ابنا خالك ربيعة بن عبد شمس .
فجدع أذني ناقته وقطع ذنبها ، وكانوا يفعلون ذلك إذا داهمتهم مصيبة أو أمر جلل ،
ثم ذهب فوقف على القليب وأنشد قصيدته في رثاء قتلى بدر :
ألا بكيت على الكرام
بني الكرام أولي الممادح
كبكا الحمام على فروع
الأيك في الغصن الجوانح
ماذا ببدر فالعقنقل
من مرازبة جحاجح
ألا ترون كما أرى
وقد أبان لكل لامح
أن قد تغير بطن مكة
فهي موحشة الأباطح
وهكذا ،
بعد أن أفنى عمره يطلب الحق وينشده ،
حال الكِبر والحسد بينه وبين اتِباعه ،
ولقي حتفه قبيل فتح الطائف ،
على غير دين الله الواحد القهار .
ثلاثة أهلكهم الحسد :
_ أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي في مكة .
ظن أن محمدا عليه الصلاة والسلام قد سلبه السيادة
والشرف .
_ أمية ابن أبي الصلت الثقفي في الطائف .
ظن أن محمدا عليه الصلاة والسلام قد سلبه النبوة
_ عبد الله بن أُبَي ابن أَبِي سلول الخزرجي في المدينة
ظن أن محمدا عليه الصلاة والسلام قد سلبه مُلكا .
فقد كان قومه ينظمون له الخرز ليتوجوه .
(( الله أعلم حيث يجعل رسالته ))
التعليقات مغلقة.