موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

جُمّار ودقيق قصة قصيرة بقلم /عصام الدين محمد أحمد

238

جُمّار ودقيق قصة قصيرة بقلم /عصام الدين محمد أحمد

‏‏ هاجمتني الوخزات :
“الأرض متجمرة؛ فالشمس تخبط وترزع ‏.
‏أسفل شجرة الجميز العتيقة قعدنا نستظل، جلبابي مُتنسل ولكنه لايسلبني الشعور بتفردي‏.
القرية مختبئة في البيوت وأسفل الأشجار الوارفة الظلال‏،‏ حتي الأوز والبط يحفرون القاع بحثًا عن أتربة رطبة،‏ الدور مُسنكرة وحوائطها الكالحة ملتهبة‏،‏ الجاموس والأبقار تركن في زوايا الزرائب ملتمسة بعض الظل.
مع هذه الحرارة نتخانق على اختيار لعبة نتسلى بها،‏ أنلعب سيجة؟
يرفض بقية الأولاد‏..‏
فلنجرب الاستغماية‏، بعضهم يقترح‏:‏
فلنلعب عسكر وحَرامِيَّةّ.
لكل فرد منا رأي‏، وكعادتنا نختلف أكثر مما نتفق وفي النهاية نحتكم إلى القرعة أو”كلوا بامية‏”، كل مقترح يمثل لعبته ومن يفوز بالقرعة يفرض لعبته، أخيرًا تكسب مسابقة الجري.
أدفس ذيل الجلباب في السروال‏،‏ ننخلع من الأرض قبل انتهاء العد.
أطير، أبتلع الأرض دون مضغ‏، يكويني صهد الأرض، لاشيء يلهيني عن السبق، أركب الجسر الترابي‏، الأحجار المسنونة مولعة نار، تماما كالسكين الموضوعة علي المسن، تعبرني الحمير العائدة المتجمرة ، أبرق كالدبور‏،‏ أحتضن شجرة الجميز،‏ ألهث‏، عرقي غزير ولساني جاف‏، نبضاتي لها صوت مسموع‏،‏ ألتقط الأنفاس.
لا أحد يأتي بعد‏،‏ أدعك ثمار الجميز‏، تدبقني ألبانها‏، أفك أسر جلبابي، بقبقت بطنا قدمي،‏ ريالتي الجافة لاتبردهما، أعوز جردل مياه، عندما يعود الأولاد،‏ ويقرون فوزي سأغطس قدمي في حوض البهائم‏، هكذا صبًرت نفسي.
هل بقية الأولاد تباعًا.
الصدور تعلووتهبط كبالون تتصل فتحته بمكبس هواء خربان‏، ابن العمدة يقضم الجمار، أقول‏:
‏‏‏أناالفائز.
‏‏يضحكون‏، يتغامزون‏، تنهال عليّ العصي و”فين” يوجعك‏، أنهار‏، يمضغ الأولاد رقائق الجمار‏، تغيب الدنيا‏، تشرق كومضة‏، تأفل وفي حوزتها عينايّ.
الخفراء يحملونني إلى المستشفي‏،‏ أمي تولول‏، تشهق الكمد وتزفر الحزن،‏ وكأنه مكتوب عليها الغم،‏ والدي يتوه في دهاليز التحقيقات،‏ مخبر وضابط ووكيل نيابة وأوراق تروح وتعود‏، وأناعنهم لاه‏، تائه في سراديب البلاهة، قالوا لي‏:‏
إنني ظللت طريح الفراش أكثر من ثلاثة أسابيع، أذناي تلتقطان الغمغات‏، تشم أنفي روائح البرتقال والموز والكحول والضمادات، أفتح عيني‏، مازال الظلام يسيطر‏، انتفت الهيئات‏،‏ صداع قاتل يكبلني،‏ أحرك ذراعي في الفراغ باحثًا عن الوجوه ، كل الوجوه انسحبت مبتعدة إلا نحيب أمي و‏(‏ عديدها‏)‏، أبي يعجز عن الحركة‏،‏ فاليد قصيرة والعين بصيرة‏.‏
العمدة يربت كتفه،‏ يلعن شقاوة العيال‏، يعاتب القدر،‏ يدس في جيبه رزمة بنكنوت‏.‏ تغلبت على الظلام بالمثابرة والدرس، تفوقت في دراستي وأصبحت محل فخر، ولكن في القلب جمرات مشتعلة دوما، ربما تخمد النيران بمرور الوقت!”
‏‏الباب يُدَق‏، يتذمر البكري ذو الأعوام الثمانية بعنف ‏‏‏وهو في طريقه لفتح الباب،‏ أزعق،‏ لعلهم يسكتون‏، أحذرهم بقطع المصروف‏، لا يأبهون، أنده أم العيال، أيضا لا تجيب، ترتعش أناملي ، يتعالى صراخهم‏.
ألتمس الطريق إليهم‏، أحفظ الشقة، كرسي على اليمين وكنبة على اليسار‏،‏ أنكفئ على وجهي‏،‏ كومة خشب تعترضني .
ما بال الخشب ينبت فجأة !
أزيحها‏،‏ أهتدي بالحائط إلى مدخل الغرفة‏.
‏عم السكون‏،‏ ولكن حركات أقدامهم لم تهدأ بعد‏، أتوعدهم‏،‏ تتشتت كلمات الوعيد‏،لا أسمع إلا توتر الأنفس، أعود إلى الكنبة بخطوات وئيدة، أستند على الجدران.
يدخل أحمد السائق‏، يسبقه التبرم، أمرته بالنزول ثانية‏، قمت صلبًا وكأن قوى العالم جميعها انصهرت في جوفي‏،‏ حاول أن يسندني ولكنني رفضت،‏ فكلما انهطلت من درجة سلم أختبرت الأخرى، ارتكنت فوق المقعد الخلفي‏ دار محرك السيارة، تطارحني التوجعات‏:‏
‏‏”ما أقسى الصقيع في دروب الوحدة‏،‏ ربما يزيح السفر الهموم‏، فما أجمل استنشاق هواء الحقول الآن‏!
ولكن تنقلي أعالني بالكُرَب فالمرشدة منشغلة بوهم اسمه الوقت‏، أستأجرها بنصف قروش البعثة لتغادرني في الجامعة كصندوق البضاعة المستوردة من الشرق، ثم ؛ آه من ثم هذه!
تعود لتجرني إلى المكتبة.
تعبث يداي بالحروف البارزة‏،‏ تهدأ المكتبة تماما ، يهمس أمين المكتبة في أذني معلنًا أن وقت الرحيل قد أزف‏،‏ تأتي مهرولة لتقودني إلى الغرفة الثلجية‏،‏ صوتها حاد ينم عن تكوينها الآلي‏، وكثيرا ما أغفلت تشغيل جهاز التدفئة، في بداية الأمر لم أفكر في البحث عن‏(‏ زر‏)‏ التشغيل واكتفيت بالبطاطين ومحاكاة الوضع الجنيني أسفلها،‏ إلى أن عهدت قدماي الطريق إلى مفتاح التشغيل‏.
كمحاولة أخيرة أخضع ليد جراح عيون، مكابدات يؤطرها الأمل، أسفل الضمادات غبشة، ومع الفجر تشرق العين، أكتم خبري مع زوجتي‏.”
أتقلقل فوق المقعد‏،‏ أهتز كالبندول‏، غبار الضجيج يطير في الهواء‏، يصدم أذنيّ في توال‏، لا أغمض جفنيّ‏. فما فائدة الإغماض؟
‏‏‏ من الضروري الإجادة ؛ حتي لا يُفتضَح أمرك.
الصبر .
ليس سخفاً ادّعاء العمى، حتى عم أحمد يشاركني التمثيل!
صوت انفتاح الباب يدفعني إلى الحركة،‏ أمسك يده ‏، وبيدي الثانية العصا المتذبذبة‏،‏ أصف له البيت‏:‏
‏‏أكبربيت علي يميني‏.‏
‏‏تنبح الكلاب‏،‏ أحس بحركة السائق المترددة‏،‏ لا حس ولانفس‏،‏ ابتلعت الكلاب صلصلة نباحها، رياح الشتاء تصفعني.
تباعدت خطواته، غاب طويلًا، سطح المصطبة يزداد برودة‏،‏ لا أستطيع رؤية البيوت حتي بيتي الذي ورثته عن أبي تاه منذ زمن بعيد عن ذاكرتي، مع ذلك اشتريت عشرأفدنة وبنيت على رأسها منزلا قالوا لي‏ حينها:‏
هندسته جميلة وراقية.
أنفقت فيه المال الوفيرحتي لاتطير جذوري مع من طاروا‏.
أحاديث هامسة تتضح نبراتها‏، العمدة يشدني إلى أحضانه، أتماسك فصدره منتفش،‏ لسانه يتهدج‏:
‏‏أهلا بالدكتور‏.‏
‏‏بصوت حاولت أن يبدو هادئًا أسأل‏:‏
‏‏كيف حالك يا عمدة؟؟
‏‏زين‏.‏
‏‏كلمات يمين وكلمات شمال والحوار لاينضب‏، هكذا جعلته يبدو، خلص كلام فقلت له‏:‏
‏‏ ياعمدة‏ أنا رجل كبر وشاخ وأنت عارف أن الأولاد لم يروا الأرض، يعني لا رابط يشدهم لها وأقترح عليك أن أتنازل عنها لك‏.‏
‏‏يحك ذقنه‏،‏ يتعجل القول‏:‏
‏‏والله يا أستاذنا طلبات الناس تخلخل أعتًي تل‏.‏
‏‏أجهزت عليه قائلًا‏:‏
‏‏عاذرك‏..‏ ولكن لإقناع زوجتي أعرض عليك التسابق وللفائز أرض غريمه‏،‏ وطبعا لن أسبقك لظروفي‏، وبذلك تكسب الأرض وأم العيال لاتعترض‏.‏
‏‏يسخر، يصرح بعجزي‏،‏ يدير الأمر في ذهنه‏، يكتشف غبائي‏.
أصر على خط الاتفاق في وثيقة.
‏ أهالي القرية يتجمهرون‏،‏ يسر لي السائق بوصول أجولة الدقيق إلي عتبات الدور، يقفون‏، حفيف تزاحمهم لايقلقني، يصفرون معلنين البدء‏.
يطير بانتهاء العد‏، تتراشق التعليقات‏، يشق أسيجة الهواء بسرعة مطردة.
تخطئه أنظار السابلة‏،‏ ألف خلف الجدر،‏ لا حاجة للف‏،‏ ولكن للعيون المشرئبة حاجة إلى الغشاوة‏،‏ أعود ثانية‏،‏ ذهب الصباح وخلفه المساء ولم يعد، أو هكذا أتخيل‏!‏
تمت بحمد الله

التعليقات مغلقة.