من الميلاد إلى الميعاد…بقلم أ. أحمد فؤاد الهادي
الميلاد، كلمة عندما نذكرها أو حتى ترد على خاطرنا نجد الزمن ملازما لها،
وكلنا يردد: إن الزمن يمر، ولكن بشيء من التأمل والتروي نكتشف أن الزمن لا يمر علينا، ولكن نحن من يمر عليه!
فالزمن خط ممتد من حيث لا ندري إلى حيث لا ندري، يسير عليه الكون بكل ما يحتويه من مخلوقات في اتجاه واحد، وهو اتجاه النهاية، ولا يملك من يسير عليه أن يعكس اتجاهه عائدا ولو لثانية واحدة.
وفي كل نقطة على هذا الخط تستجد كائنات حان توقيت ولادتها وتختفي أخرى قد انتهى عمر بقائها عليه.
والإنسان أحد مكونات الكون التي يشملها هذا النظام المحكم، ففي لحظة محددة يولد فيظهر على خط الزمن عند علامة تشير إلى تأريخ بعينه، وتوقيت غاية في الدقة، ومن تلك اللحظة تبدأ مسيرته على خط الزمن، من تلك البداية في اتجاه النهاية.
وما نسميه “اليوم” تمر ساعاته في نفس الاتجاه حتى تنفذ، فنصل إلى الغد، واليوم الذي تركناه أصبح أمسا، ولكنه باق لم يتلاش، كل شيء فيه باق، فهو لم يتركنا ولم يرحل، بل نحن الذين غادرناه وصرنا عند النقطة التي تليه على خط الزمن.
كذلك فإن عام 2022 لم يرحل، بل نحن الذين قطعنا مسافته حتى بلغنا عام 2023 ومازلنا نتحرك في اتجاه واحد نحو النهاية، البشر والزرع والضرع والحشرات والكواسر والأرض والجبال، كل المخلوقات صار عليها ما صار علينا، لا يملك أي منها سلطانا يوقفه عن التحرك في هذا الاتجاه أو النكوص، حتى يبلغ كل نهايته فيزول.
والنهايات المختلفة للبشر هي جزء من النهاية الكبرى التي تحصد من تبقى منهم دفعة واحدة ليصمت الكون انتظارا ليوم البعث.
ومسيرة الإنسان على خط الزمن، والتي تبدأ بميلاده وتنتهي بوفاته يمكن قسمتها إلى مرحلتين أساسيتين:
1- مرحلة ما قبل التكليف: وتشمل الطفولة والصبا وبعض المراهقة.
2- مرحلة ما بعد التكليف: وتشمل بعض المراهقة والشباب حتى سن الأربعين وما يليها حتى الكهولة.
ومن الطبيعي أن بعض الناس لا يقطعون هاتين المرحلتين بالكامل، فتوقيت مغادرة خط الزمن لكل إنسان لا يعلمه إلا الخالق العظيم.
وتعتبر مرحلة ما قبل التكليف تمهيدا وتأهيلا لمرحلة الاختبار التي تبدأ بعد التكليف، حيث يُسَجَل للإنسان ويُسَجَل عليه ما يخطه في الدنيا التي تمثل ورقة الإجابة، فإذا حل أجله نزعت منه ورقة الإجابة -الدنيا- وصعدت روحه ورقد جسده كمن سبقوه انتظارا ليوم يحاسب فيه على ما خطت يداه أمام الحكم العدل الرحمن الرحيم.
كلنا يسير في اتجاه نهايته، لا يمكنه توقيف الزمن لالتقاط الأنفاس، يسير في كل أحواله: مستيقظا ونائما، واقفا وجالسا، كلما أشرقت الشمس وغربت، يسير طالما ظل قلبه نابضا.
التعليقات مغلقة.