أكسوجين قصة قصيرة بقلم /محمد الدولتلي
ركضا يسبقان النسمات العطرة التي أحاطت بهما ما أن وقعت أنظارهما على بعضهما، كان جناحيها الذي حلقت به فوق الدنيا وهو يحملها طائرا بها ليريها الكون أسفلها ممسكة إياه براحتيها.
لم تعد تسمع آذانهما سوي صوت الضحكات الصافية، لم تعد عيونهما ترى الا بريق الفرح الذي يغطي وجهيهما وزهو الألوان التي شاركتهما أحاديث الشوق وحكايات الحياة البريئة التي يفتقد فيها كلا منهما الآخر، النهر والطيور تعزف لهما ألحان السعادة، الزهور تتراقص حولهما على نغمات مهرجان البهجة الذي يغطي الألوان الرمادية التي إنسحبت من مشهد لا مكان لها فيه.
حاول جاهدا ألا يظهر الرعشة التي سرت في جسده وهو يراقب عقارب الساعة التي تتحرك بقسوة غير مكترثة بزيادة إعتصارها لقلبه الذي يكاد يخرج من بين الضلوع.
أمسك أناملها الصغيرة واضعا إياها على شفتيه المرتعدة ناظرا الي عينيها الجميلتين ودمعتها تنسال على نياط قلبه مقطعة إياها كشفرة حادة تطلب منه بصوت يخنقه البكاء ألا يرحل، صغيرة هي حتى تدرك أن الشهيق يتبعه الزفير، أن تدرك أن الوقت الذي حدده قانون الرؤية قد نفذ قبل أن تروى عطشها منه.
نظر إلى ظلها الذي يرحل مبتعدا تاركا الألوان الرمادية تعود لتحتل حدقة عينه الذابلة.
أدار وجهه راجعا الي مرقده داخل قبره الحي .
التعليقات مغلقة.