عبدالله بن عباس و الخوارج .بقلم.مدحت رحال
دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين
فكان عبد الله بن عباس :
البحر والحَبر
كان كأبيه هادي السمت في مهابة ،
سديد الرأي جهيرا .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدمه على شيوخ قريش في المشورة .
جاء عليٌَ ابن أبي طالب رضي الله عنه يستأذنه في أن يذهب فيقعد مع الحرورية ، فرقة من الخوارج ، فيكلمهم .
فقال له علي : إني أخافهم عليك .
ثم أذن له .
ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إليهم وقد اجتمعوا في دار لهم وكانت عدتهم ستة آلاف .
رحبوا به وقالوا :
ما جاء بك يا ابن عباس ؟
قال : جئتكم من عند ابن عم رسول الله .
قال بعضهم : لا تخاصموا قريشا فإن الله قال فيهم :
( بل هم قوم خصمون )
أي أنهم قوم ذوو بلاغة وحجة ، فلا يُغلبون في مخاصمة .
وقال بعضعم : لنستمع لابن عباس .
قال ابن عباس : ما تنقمون من ابن عم رسول الله وختنه وأول من آمن به ؟
قالوا : ننقم عليه ثلاثا .
قال وما هن ؟
قالوا :
حكٌم الرجال في دين الله ،
والله يقول : ( إن الحكم إلا لله ) .
قال : والثانية ؟
قالوا : قاتل ولم يسبِ ولم يغنم .
قال : والثالثة ؟
قالوا : محا عن نفسه أمير َ المؤمنين.
قال : أعندكم سوى هذا ؟
قالوا : حسبنا هذا .
قال ابن عباس : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم ، وحدثتكم من سنة نببه ما لا تنكرون ،
أترجعون ؟
قالوا : نعم .
قال :
أما قولكم : حكٌم الرجال في دين الله ،
فإن الله تعالى يقول في الصيد :
(( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم …. إلى قوله :
يحكم به ذوا عدل منكم )) .
وقال في شقاق المرأة وزوجها :
(( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها … ))
أنشدكم الله ،
أحكم الرجال في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم أحق ،
أم حكمهم في صيد أرنب وفي بُضع امرأة ؟
ولو شاء الله لحكم ، ولكنه صيره إلى الرجال .
قالوا : اللهم في حقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم أولى .
قال :
وأما قولكم قاتل ولم يسبِ ولم يغنم ،
أنشدكم الله ،
أتسبون أمكم عائشة ،
وتستحلون منها ما تستحلونه من غيرها ؟
إن فعلتم ذلك فقد كفرتم ،
وإن قلتم ليست أمنا فقد كفرتم أيضا وخرجتم من الإسلام ،
فالله تعالى يقول :
(( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجه أمهاتهم ))
قالوا : نعم
قال :
أما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين ،
فإن رسول الله كتب في صلح الحديبة :
هذا ما عاهد عليه محمد رسول الله ،
فاعترض سهيل بن عمرو وقال :
لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ،
ولكن اكتب : محمد بن عبد الله
فقال رسول الله : أما والله إني لرسول الله ،
أكتب يا علي : محمد بن عبد الله .
أنشدكم الله ،
أليس رسول الله أفضل من علي ؟
وما أخرجه من النبوة أن محا ( رسول الله) في كتاب الحديبية .
قالوا : اللهم نعم .
فرجع منهم ألفان وقُتِل أربعة على ضلالة .
ولعل التاريخ يعيد نفسه .
ها هم أئمة الضلالة ،
الضالون المضلون اليوم قد فهموا النصوص باديَ الرأي
وبسطحية دون تأمل ، كما فعل الخوارج ،
فوقعوا في تحريف النصوص وتأويلها عن معناها الصحيح .
بل وقعوا في أسوأ مما وقع فيه الخوارج ،
فخرجت طائفة منهم تنكر الصلاة كما صلاها المسلمون وأخذوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ خمسة عشر قرنا وكذلك الزكاة ،
بدعوى أن القرآن لم يبينها .
(( كبرت كلمة تخرج من أفواههم
إن يقولون إلا كذبا ))
ختنه : زوج ابنته
التعليقات مغلقة.