أغنياء الروح بقلم الكاتبة اسلام العيوطي
إن الغنى الحقيقي هو غنى النفس والسعادة الحقيقية في الرضا وإسعاد الأخرين ولو على حساب أنفسنا ، فأغنياء الروح هم أسياد الحياة..
تعرفهم بسيماهم إذا وجدتهم تراهم يتميزون بنبل أخلاقهم وطيب عنصرهم وحسن سجاياهم، يؤثرون غيرهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، إنّهم مُفعمون دائما بالإيمان يستقون منه مكارم الأخلاق التي تجعلهم ينعمون بالحرية والعفوية والبساطة والرحمة والسعادة الدائمة…
فهم متواضعون ولا يتكلفون في حديثهم مع الأخرين لأنه نابع من القلب وما كان من القلب وصل للقلب، ولكي تحيا حياة الروح الغنيّة.. عليك أن تتغيّر باستمرار طبقا لقوانينك الخاصة وكذلك وفق قوانين المجتمع المحيط بك، فالسعيد كما قال الإمام ابن الجوزي :-
هو” مَن تَأهَّبَ لِلِقاءِ ربه بتأديب نفسه وتطهير قلبه “
“فتنقية الضمائر تعلي من شأن الخلائق “
ولا يتسنى لك ذلك أيضا إلا بالرضا بما قدر الله لك في جميع أمورك ليصبح ” المنع عندك عين العطاء ” فيما قضى الله وقدر، وبذلك تكون أوثق بما في يد الله مما في يدك،
والرضا ما هو إلا سر رباني يقذفه الله في قلب عبده المؤمن، فتكسوه هالة من نور وتحيط به سكينة من الملأ الأعلى فإذا نظرت له رأيت في وجهه نضرة من نعيم أهل الجنة !!
فلا تعجب أولئك هم المتصالحون دوما مع أنفسهم ومع من حولهم، ومع أقدارهم فتراهم فرحين مستبشرين حين المنع وحين العطاء على حد سواء.
يتساوى لديهم ما يملكون، وما يحرمون وما يأملون وما يألمون .. سمتهم الطمأنينة في كل شيء..
وإنك لتعجب كل العجب عندما ترى أصحاب الابتلاءات وقد تزينوا بالصبر،
وتسأل نفسك في حيرة!! كيف تستمر حياتهم مع الابتلاء و الألم؟!!
حتى تجد نفسك يوما ما وقد ابتليت بما كنت تحسب نفسك لا تستطع عليه صبرا.. فينبت الله لك بتلات خضراء من صخور الألم، تزهر بها نفسك وتزهو من جديد ويأتيك ربيع بعد طول خريف، فتفهم من ذلك تربية الله لقلبك.. فترضى به، وترضى عنه.. حتى أنك تظن نفسك أغنى أهل الأرض وأفضلهم حالا..
فقط بما من به الله عليك دون سواك، فسلوا الله العفو والعافية في الدين و الدنيا والآخرة والرضا وحسن الخاتمه والستر الجميل وصحبة إمام المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم.
ياربُّ جَمِّل بالتقى أخلاقنا، وثبِّت قلوبنا واهدنا وأصلح أحوالنا واجعلنا سببا لمن اهتدى.
التعليقات مغلقة.