” البشعة ” بين الحقيقة و الخيال بقلم : مدحت رحال
قليلون جدا من سمعوا ب ( البَشعة )
ولعل البعض يقول إذا لمس شيئا حارا ( ياااه بشعة ) ،
يقصد أنه حار جدا ،
وهو لا يعلم أصل التسمية ، ولا يعلم لماذا قالها ،
سمعهم هكذا يقولونها .
( البشعة ) :
هي أسلوب عملي لكشف ما استعصى من جرائم ، كالسرقة أو الخيانة .
وهي إلى حد ما تشبه في مبدئها ( سلسلة ) بني إسرائيل ،
التي يمسك بها البريء ، وترتفع عن المجرم في الجرائم التي لا يُعرف مرتكبوها ،
.
و( البشعة ) تنهج نفس الفكرة ،
لنُعَرف أولا : ما هي ( البشعة )؟
هي : حديدة محماة في النار لدرجة الإحمرار ،
غالبا ما تكون ( محماس ) القهوة ،
او حديدة مبسلطة على شكل المحماس ،
والمحماس هو الذي يحرك به البن على النار لتحميصه .
.
تقوم فكرة عملها على ما يلي :
إذا وقعت جريمة ما ولم يعرف مرتكبها كالسرقة مثلا ،
وكان هناك متهمون ،
فإنه يذهب وفد من ذوي العلاقة من الطرفين إلى رجل في إحدى البلاد يعرف ( بالباشع ) ،
ويكون الباشع محترفا وعلى درجة عظيمة من الدقة والسرعة ،
يُعرض عليه المتهمون ليستخرج المجرم من بينهم بواسطة ( البشعة ) :
.
تكون الحديدة محماة بالنار إلى درجة الإحمرار ،
يخاطب الباشع المتهمين ويفهمهم بأن على كل منهم أن يمد لسانه ،
ويمرر الباشع البشعة في حركة كلمح البصر على لسان المتهم ،
فمن كان بريئا لا تضره البشعة
ومن كان مجرما تحرق لسانه ويُفتضح أمره وتلبسه القضية ،
.
وكان هذا معتقدا يؤمنون به وليس تخويفا ،
فإذا جد الجد ، فإن المجرم يعترف بجريمته حتى لا تحرق البشعة لسانه،
.
إلى هنا تنتهي ( البشعة ) كطريقة لكشف الجريمة ،
وكانت مستخدمة عمليا وليست رواية أسطورية ،
وقد شاهدت صدفة قضية من هذا النوع في مقطع فيديو لامرأة من الصعيد متهمة بالخيانة الزوجية ،
أُحضِرت إلى الباشع ، وإلى جانبه حديدة مبسلطة مدفونه في الجمر الملتهب ،
أخذ الباشع يستنطقها ويبين لها خطورة الأمر وهي مصرة على الإنكار ،
وأقسمت وراء الباشع ثلاثا أنها لم ترتكب خيانة .
أخرج الباشع الحديدة وهي في لون الجمر ،
وقربها منها واستنطقها للمرة الأخيرة لكنها أصرت .
طلب منها أن تلحس الحديدة ، وبسرعة البرق سحبها عن لسانها ولم تتأذ وأعلن براءتها .
وانطلقت الزغاريد .
.
مستخدموا البشعة يعتقدون أن فيها سرا يجعلها تلسع المجرم ولا تؤذي البريء ،
ولكن في الحقيقة لها تفسير علمي ،
هو :
تسمعون كثيرا بأن فلانا ( نشف ريقه )
و ( شيء ينشف الريق )
ولعل بعضكم ( نشف ريقه ) لأمر ما !
.
أنا شخصيا ( نشف ريقي ) اليوم لأمر ما ،
فذكرني ( بالبشعة ) ،
وأوحى لي بأن أحدثكم عنها ،
.
التفسير العلمي للبشعة :
عند البشعة :
إذا كان المتهم بريئا فإنه سيبقى متماسكا نفسيا وعقليا وجسديا ، فهو على يقين بأنها لن تؤذيه ،
وهم يؤمنون بهذا إيمانا يقينيا
فيتقدم إلى البشعة باطمئنان ،
وريقه يملأ فمه ،
فيمرر الباشع الحاذق البشعة بحركة سريعة كلمح البصر على لسان المتهم فلا تؤذيه ،
لماذا ؟
لأن الريق فوق اللسان يكون عازلا بين اللسان والبشعة ،
وحركة البشعة السريعة كلمح البصر فوق اللسان أقصر من أن تنشف وتجفف الريق ،
فيبقى الريق عازلا فلا تؤذيه البشعة لسرعة حركتها ،
.
وأما إذا كان المتهم هو مرتكب الجريمة ،
فعندما يتقدم إلى البشعة ،
يكون على يقين بأن البشعة ستأخذه وتكشفه ،
فينشف ريقه ويجف من الخوف ،
فإذا مرت البشعة فوق لسانه،
فليس هناك عازل من ريق يعزلها عن اللسان ،
فتلسعه وتكويه وتترك بثورا فوق اللسان ،
ويُعرف بأنه هو المجرم ،،،
.
هل عرفتم الآن لماذا تقول للشيء الحار :
( بشعة ) ؟؟!!!
مدحت رحال ،،،
التعليقات مغلقة.