وداع من تحت الأنقاض .بقلم.العيد بوعون
في ليالي الشّتاء يكن لدفء البيوت رونقا وجمالا ، وفي أحضان الأسرة يحلو السمر ، وفي نظرات فلذات الكبد شَحذ همم ، واستراقُ جَذوة حياة نوقد بها حطب أيامنا المعاشة بأرزائها وأفراحها وأتراحها ، ونحن كذلك حتى زلزلت الأرض زلزالها فلم نستفق إلاّ على واقع أشبه بالحلم كانت نهايته عودة للبدايات وما رُسم من أحلام ضارعة مِلؤها السّعادة الأبدية ، والعمر المديد ، لكن مقادير ربي وقدرته تتجلى وضّاحة ولارادّ لها سوى ترديد الحوقلة والحمدلة ، وتعظيم الأجر .
بنيتي يانصف حُشاشتي وكبدي المُفتلذ ، ويا سندَ العمر ومتكّأه ، ويا قيثارة الحياة التي أعزف على أوتارها لتسمعني أغاني الحياة المعنوية ، مُذ قليل كنت أسامرك وأنت تستعدين لنومة ترحل بك إلى جوار ربك ، وكنت أنتظر بزوغ فجر جديد لنعدّ بقايا العمر من عقد الأيام ، لكن لم أحتضنك ، ولم تقبلي أباك لقد حالت الأنقاض بيني وبينك عدا ما تبقى ظاهرا من جسدك النحيف ، هي يدك وأناملها التي كنت أحاول بعث روحي عبرها لتكن روحَك ، وتبعثين أنت عبر ٱخر الأنات كلمات أحبّك يا أبي …..ٱه يا حبيبتي لقد تجرعت الموت أنفاسا ومتّ ألف ميتة ، وتقطعت أوصالي وتذوقت علقم الفراق حتى ثُمالته ، كيف بي من بعدك وروحي قد استلت من روحك ،
فلذة الكبد لقد إدلهمّ المكان بعدما صار يبابا ، وتغير المحيا وأرْبَدَّ وجهي وصِرت شيخا هرما عادت عليه نوائب الدّهر ومصائب الأيّام بكلْكلِها ، حتى أحببت الرّحيل قبل الرحيل .
بنيتي أنِينُك مازال يتردّد في أذني ، ويجري بداخلي مجرى الدم من العروق حتى ضجّ الألم بقلبي وعجّ في صدري ، وأضحى فراقك حشرجات أصعّدها وزفرات أرسِلها
يا مُؤنستي رحلت وفي رحيلك بقايا أب مفؤود ، كُسر ظهره بلوعة فراقك ، فلم تعد له في دار الشقاء سوى عودة وأوبة إلى من بيده ملكوت السماوات والأرض تضرعا وحمدا وشكرا فهو ولي ذلك والقادر عليه .
التعليقات مغلقة.