افول نجم.بقلم.بوعون العيد
في ليلة قمراء ساهرت نجومه حتى كدت أملّها لست أدري مالخطب لكن قلت : سأغادر هذا الفضاء لبرهة لعلني أروّح بعض الشيء عما اعترض النفس من قلق حال بيني وبين الكرى .
وأنا على ذاك الحال حتى أخذتني سنة نوم لم أستفق منها إلا على رسالة نصية مفادها # إنا لله وإنا اليه راجعون # حينها ربطت الخبر بسَابِقِه من تبريك ومباركة ، ودعاء باليمن والخير ،والسعادة في الدارين فلم أجد مايخفف لواعج الأحزان ومكامِن الأشجان سوى الرجوع إلى التي قال عنها ورحل وهو يردد اسمها وبأغلى كلمة في الوجود ألا وهي كلمة _ أمي – الدكتورة وجيهة السطل – حينها أيقنت أن ذاك النجم قد أفل بعدما كان يضيء الفضاء الأزرق حتى بدّد من على أرض الشام غيوم المعاناة فأنار وهادها ونجادها ،وسهلها ووعرها ، وعامرها وغامرها ، فأضحت حروفه النيرات من قصائده المرصعة بجواهر الحكمة يتغنى بها الشعراء ويخطب بها الخطباء ، وأضحت عينا ثرّة ثجّاجةً تغذي زرع كل قلب متفئد .
أخي ( جمال بالفرد) رحلت دون سابق إنذار فقد كنت تنسج ٱخر أبيات قصيدك تزُف من خلالها بُنيتك حبيبة إلى عشِّ الزوجية وكلك أمل أن تَسعد وتُسْعد نَدَّها ونظيرها ، والموت ينسح أكفانك في الغيب وأنت لا تدري .
أخي لقد بكى الباكون والباكيات عليك ، وتفجعوا ، وضعفت قواهم عن احتمال مرارة الفراق ولوعة البعد … لكن الكل سينام وتستمر حاله وحياته ، ولم يبق ساهرا في ظلمة فراقك عدا زوجة تبكيك العمر كلّه، وعيون قريحة تنظرك ما بقي عودها هم فلذات كبدك .
أخي لقد بسق نخلك وسمق ، وكان من طلعه قنوان دانية ، كيف لا وأنت حكيم متحكم ،ولك من الحكامة شعرا ما رددته شوارع سوريا وأزقتها مدوية هاتفة بما خطت يمينك ( الشام تبكي من الأوجاع ) ، لك الفخر والعزة أنك حي على كل لسان صادق صدق زخات حرفك ونبل شِعرك وشُعورك حتى استبان كلامك وكٕلِمُك روضة غناء وواحة رحراحة يتفيأ ظلالها كل من اشتد عليه لفح هجير الٱلام .
أخي لله ما أعطى ولله ما أخذ ،وكل شيء عنده بمقدار ، فنسأله أن يتغمدك برحمته وأن يسكنك الفردوس الأعلى ،ويلهم أهلك وذويك جميل الصبر والسلوان .
الشاعر جمال بالفرد رحمة الله عليه
التعليقات مغلقة.