“حساب عسير” بقلم محمد كمال سالم
يخبو ضجيج الشارع رويدا رويدا، إلا من بعض سيارات تسابق الشمس، وهي تنحدر نحو المغيب، تكاد تتفلت من الشرفات، تاركة خلفها حسابا عسيرا، تنسحب من الأفق في هدوء، لا تنتظر أحدا.
لاذت الشابة بالحقيبة، بعد معركة شرسة من تزاحم وتدافع مع مثيلاتها من نساء يتوشحن بجلاليب جرباء وأخمرة مهترئة، تصيح في الموزع بصوت يحتضر:
اربع وجباتيا عم، أربع وجبات والنبي، تكررها، تباري نسوة وبعض الصبية ينافسونها؛ يصيحون:
خمس وجبات. تلات وجباتياعم.
_ يا حاج تلاتة
تشب تمد يدها على طولها:
ايوه أنا هنا، أنا أربع وجبات.
يناولها اخيرا، تختطفها بلهفة، تخلص روحها من بين الأجساد المستميتة على نافذة المبرة الخيرية، ابتعدت بضع خطوات تلهث، تنظر خلفها متأملة هذه الموقعة، تنظر للحقيبة التي ظفرت بها، تتأمل بدنها النحيل المرتعد، لاذت بأقرب رصيف، جلست، وضعت حقيبتها خلفها، تناولت طرف خمارها بكفيها، وراحت تعتصر مقلتيها فيه وراح جسدها يرتج بنشيج مكتوم.
التعليقات مغلقة.