قراءة انطباعية في ق ق ج.. خراب للأديب / مهدي الجابري
بقلم : عاشور زكي وهبة
أولا: النصّ
خرابٌ
لبس عقل الماضي، سار به إلى أطلالهم، اعترضوه، انزلقت قدمه في حفرة عميقة، كانت تصريف مياه الحضةرة، عاد إلى مستنقعه الآسن.
ثانيا: القراءة
١. العنوان: خراب
مصدر من فعل ثلاثي صحيح (خرب)، يفيد: دمار/هدم/هلاك تخريب/ أطلال… إلخ. ومضاده: إقامة بنيان عمران تشييد عمارة… إلخ.
يعرض لنا القاص حالة من حالات الخراب المادي والمعنوي للحضارة الإنسانية عموما، والحضارة الإسلامية العربية تحديدا.
٢. متن النص
يبدأ القاص بجملة فعلية في زمن الماضي لشخص( لبس عقل الماضي)، والعقل يعني الفكر الماضوي القديم والذي يشتمل على الموروثات التراثية والفكرية القديمة من عقائد وعبادات وعادات وتقاليد… إلخ.
الجملة الثانية: سار بعقل الماضي إلى أطلالهم.
كان الشاعر الجاهلي يبدأ قصيدته بالبكاء على الأطلال وذكر الأحبة. ويذكر لنا القرآن الكريم الكثير من الأمم التي بادت، وأصبحت أثرا بعد عين، فلم يبق منها إلا آثارٌ دارسة لتكون عبرة لمن يعتبر من المؤمنين، ويتعظ به الكافرين.
فهل يريد البطل إحياء الماضي بإعمار الأطلال، أم جاء للبكاء عليها؟ ومن الذين اعترضوه؟!
هل هم دعاة الحداثة ونفي الماضي؟ أم عقول السابقين أنفسهم يمنعوه من العودة إلى الوراء؟ لأن لهم فكرهم، ولنا طريقة تفكيرنا.
هل المعترضون هم الأجداد الغابرين أم الأحفاد المعاصرين؟
والاعتراض يعني أنه ليس مرحبًا به في بلاد الأطلال.
وبالتالي يعني ضمنا حثه على الهروب.. هروب البطل من موقع الأطلال.. وماذا بعد؟
انزلقت قدمه في حفرة عميقة. هل هي هاوية سحيقة؟ هاوية الماضي والتفكير الماضوي؟
بالفعل للماضي ذكرى تنفع المؤمنين. نتلاشى فخاخه وشراكه التي كانت سببا في الخراب الماضوي، ونتفادى فتنه التي تؤثر على الحاضر والمستقبل…
هل هذا البطل أحد دعاة جهنم؟ هؤلاء الدعاة الذين أحيوا تراثا ماضويا تفكيكيا أثار النعرات الطائفية والإثنية وأحيا الفتن الغابرة…
والفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها بعد مرور أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان.
كانت هذه الحفرة العميقة التي هوى فيها السابقون، ويريد الداعي أن يعيد حفرها ليسقط فيها المعاصرون.. فما هي إلا تصريف مياه الراكدة للحضارة الغابرة…
نصيحة القاص: حينما نلج في الماضي نلج بحرص لنتجنب هذه الحفر المميتة التي تعيد لنا مستنقعا آسنًا تغرق فيه حضارتنا المعاصرة.
والناظر لواقع العديد من دولنا العربية والإسلامية الحالية يجدها سقطت بالفعل في هذه الحفرة العميقة: إعادة عقل الماضي والسقوط فيما سقط فيه الأولون: (المستنقع الآسن).
وإذا عدنا إلى العنوان (خراب) الذي نجح القاص في استخدامه ليحذرنا من أولئك الدعاة الذين يريدون منا ارتداء عقل الماضي لنسقط في مستنقع الحاضر الآسن.
في الختام أحيي الأديب المبدع على قصته الرائعة متمنيا له دوام التوفيق.
.
الثلاثاء 2023/5/16
التعليقات مغلقة.