الخيلُ والبِغالُ والحَميرُ ..للشاعر .عبد اللطيف غسري
لوحةُ شَكْلُ وَجْهِها مُسْتطيلُ
جائزٌ في الوجوهِ أوْ مُسْتحيلُ
منْ ترابٍِ تجَسَّدَتْ في شُكولٍ
لمْ يُبَدِّدْ وُضوحَها التشْكيلُ
قدْ رأتْها بِمَرْسَمِ الدهْرِ عيْني
زَخَمًا ما لهُ بشيءٍ مَثيلُ
أفُقٌ يَسْتجِمُّ فيهِ سَحابٌ
وأديمٌ تَكِرُّ فيهِ الفصولُ
وأناسٌ تَفَرَّقوا زُمَرًا في
كلِّ فَجٍّ يَلوحُ منهمْ قَبيلُ
في يمينِ المَجالِ قومٌ تحَلَّوْا
في السَّجايا بحُلَّةٍ لا تزولُ
بالعطايا تصايَحُوا كجِيَادٍ
في تخومِ الندى لهُنَّ صَهيلُ
رَجُلٌ أبْلَقُ الجبينِ جَليلٌ
مُورِقٌ فوقَ هامِهِ التبْجيلُ
في التفاني أفْنى منَ العُمْرِ رَدْحًا
شَعَرٌ أبْيَضٌ وجَفْنٌ كَليلُ
واضِعٌ كَفَّهُ بكَفِّ يَتيمٍ
رأسُهُ فوق عاتقيْهِ يَميلُ
ورفاقٌ في المكْرماتِ تنادَوْا:
يُّها الناسُ كلُّكمْ مسؤولُ
أسُؤالٌ سبيلُهُ تعْمِيَاتٌ
كسؤالٍ سبيلُهُ التعليلُ؟
ما حياةٌ تُطْوَى بغيْر عطاءٍ؟
مُهْجةُ النهرِ خيْرُها مبذولُ
ثمَّ نَقَّلْتُ مُقْلتيَّ شِمالاً
فبدا لي خرائبٌ وطُلولُ
وجموعٌ منَ المُقِلِّينَ كُثْرٌ
أكْثَرُ الجَهْدِ منْ قِواهمْ قليلُ
كبغالٍ لها – إذا جاءَ حادٍ –
منْ جحودٍ حوافرٌ وذيولٌ
قوَّةُ الرَّأيِ في العنادِ لدَيْهِمْ
ليْسَ فيهِمْ إلا الغَضوبُ الجَهولُ
سَفَّهُوا حُجَّةَ المُجادِلِ حتى
ليسَ يُجْدي عندَ الحِجَاجِ دليلُ
دَبَّروا أمْرَهُمْ بحِسِّ جمادٍ
ورؤوسٍ قدْ فارقتْها العقولُ
موقفٌ لمْ يُبارحوا فيهِ أرْضًا
تحتَ أقْدامِهِمْ دَهَتْها السيولُ
أسْفَلَ الصورةِ انْزياحٌ لقومٍ
خطْوُهُمْ منْ مهانةٍ مَغلولُ
ساحةٌ أوْكَلَ الزمانُ إليْها
عبَثًا ماضيًا إليهِ يؤولُ
فكأنَّ التاريخَ صُفِّدَ فيها
فهْوَ في القيدِ عاجزٌ مشلولُ
سادةٌ عَرْبَدوا بها وعبيدٌ
دأبُهُمْ منْ أذى العناءِ العَويلُ
حُمُرٌ لا تحاولُ السيْرَ إلا
أثْقلتْها براذعٌ وحُمُولُ
ألْهَبَتْ منهُمُ الظهورَ سِيَاطٌ
في يدِ الدهْرِ بعْضُها محمولُ
أوْجُهٌ خيَّمَ الشقاءُ عليها
مُقَلٌ بينَها أناخَ الذهولُ
فُتِحَتْ فُسْحَةُ الغباءِ فقاموا
يتهادَوْنَ والطريقُ طويلُ
‘زادُهُمْ’ منهُ مُسْتمِرٌّ مَريرٌ
ولديْهِمْ بهِ تراثٌ ‘أثِيلُ’
لوْحةٌ حينَ صافحَتْها شجوني
أدْبَرَتْ والفؤادُ منها عَليلُ
آيت اورير – المغرب
27/11/2014
التعليقات مغلقة.