خاتم جدتي… شعر د. ريهان القمري
أمي أتتني في المساءِ بخاتمٍ
قالتْ سيحمي من شرورِ الفتنةِ
ميراثُ جدَّتكِ الحبيبةِ يابنتي
فلتحفظيه وورثيهِ حفيدتي
ولمسته فشممتُ رائحةَ العبيرِ…
…بكفها ورأيتُ صورةَ جدَّتي
و كأنها شمسٌ تهلُّ من الشروقِ…
…ولا غروبَ لسحرِ تلك البسمةِ
همستْ ليصدحَ صوتهُا :” ميراثُنا
أغلى من الألماسِ وقتَ الذروةِ”
“الكنزُ فيه لا يباعُ ، و يُشتري”
حتى نهايةِ عمرِنا يا دُرتي
حتى ولو تاهَ الضميرُ هُنيهةً
“حتى ولو هجمَ الزمانُ بشدةِ”
ميراثُنا سيظلُّ شمسًا في الصباحِ …
وفي المساءِ ضياؤه كالنجمةِ
فأخذتُ خاتمَها و قلبي موقنٌ
أنَّ الأمانةَ لاختبارِ عزيمتي
مرَّ الزمانُ وجاء يومٌ ممطرٌ
وتوالتِ الأيامُ تكتبُ قِصَّتي
كان الطريقُ ملبدًا ، طينٌ و أحجارٌ…
…تُقَوِّضني و تَخْنُقُ خطوَتي
ورأيتُ حافلةً ، على عجلٍ قفزتُ
بمقعدٍ مثلَ الخَزانةِ مصمتِ
ففتحتُهُ ووجدتُ ثعبانًا من …
…الخشبِ القديمِ ونابُه في ضِحكةِ
وحقيبةً مفتوحةً فيها البقايا
و الكثيرُ منَ الدُّمَى الْمَؤودَةِ
والذكرياتُ تقودُني لطُفولَتي
فحَمَلْتُها و مَسَكْتُها في رَأْفَةٍ
لكنَّ آلامًا جرتْ حتَّى النخاعِ …
فنابُهُ قَضَمَتْ حَشا سَبَّابَتي
وسمومُهُ شَلَّتْ يدي و أصابعي
آلامُها حَرقَتْ أديمَ الخمسةِ
وإذا بخاتمِ جدتَّي يَهوِي سريعًا
ضائعًا ، يا شَقْوتي …يا وَيْلتي
وإذا العزيمةُ ثَبَّتتْ أوصالَهُ
فَمَنَعْتُهُ ومَسَكْتُهُ في لَحظَةِ
والسائقُ المشغولُ بين إشارةٍ
والناسِ في عرْضِ الطريقِ وقِطَّةِ
نسيَ الطريقَ وجاء لي ، عَصَرَ السُّمومَ
وقيحَها من عمقِ تلك العضَّةِ
لكنَّها زادَ اصفرارُ صديدِها
قالَ اضْغَطي وتَخَلَّصي مِن مِدةِ
وإذا رأيتِ النزفَ يعلو فاعلمي
أن النزيفَ تَطَهُّرٌ و لِحِكمةِ
ونَزفتُ حتَّى سالَ نزفي من يدي
وتَساقطتْ أنهارُهُ مِن مُهْجَتِي
وتوقَّفَتْ أمطاريَ الحمراءُ تسقطُ …
…من يدي , كَشَفَتْ بشاعَةَ نَدْبَتي
ففزعتُ أسألُ هل سيذهبُ قبحُها؟
قالوا اشكُري ربّ الورى و الرَّحْمةِ
لولا الندوبُ لَمَا فهمتِ دروسَها
“آلامُنا أنوارُنا في الرحلةِ”
فتَبَسَّمَ الوِجدانُ قُلتُ : حقيقةً
إني سمعتُ صدىً لنفسِ الجملةِ
ورأيتُ شمسَ ملامحٍ محبوبةٍ
بين الضلوعِ شروقُها في قوةِ
كانتْ تقولُ حَفيدَتي و الآن صار
حُلِيُّها أبهى حُليِّ النِّسْوَةِ
فرفعتُ رأسيَ لِلسَّماءِ بعزةٍ
في بسمةٍ قَبَّلتُ خاتمَ جَدَّتي
التعليقات مغلقة.