ورحلت أمي خاطرة بقلم / عبلة العربي
رأيتها تفارق الحياة أمام عينيّ ، لحظة واحدة شعرتُ بعدها بأنني وحيدة في هذه الدنيا بكل مَن فيها .. شعرت باليُتم الذي كنت أسمعُ عنه ولا أعيشه .. اختنق صوتي .. غامت الدنيا أمام عيني .. صَغُر كل شيء .. تضاءَلْتُ وأنا في عِقدي السادس !
تضاءَلْتُ حتى أصبحت طفلةً ضعيفةً تتشبث بأمِها ..
أمي.. لا ترحلي.. لا تتركيني وحدي بدونك .. بدون قلبٍ يعشقني ويؤْثرني على نفسه مهما فعلتُ ومهما أخطأتُ .. لا تتركيني أتجرع مرارةَ الفقدِ بعدكِ .. لم أكن أتخيل أن المرة الوحيدة التي سيموت فيها شخصٌ أمامي سيكون هو أمي .. لم أصدق أنها رحلت ..
لا .. لم تَمتْ .. لازالتْ على قيد الحياة .. لم أصدق أختي التي كانت تبكي أمامي وتصرخ قائلةً : ماتت أمي
لا .. لم تَمتْ .. تأكدوا .. لا لم تَمتْ.. أين الطبيب ؟
كنتُ كالمصعوقة لا أريد أن أُصدق ..
ناديتُ على الجميع عَلَّ أحدهم يقول إنها لم تَمتْ .. إنها لا زالت على قيد الحياة ..
لِمَ لا تفهمون . .؟
أمي لا تموت.. لن تذهب وتتركني إلى غير عودة !!
أرجوكم تأكدوا أنها فارقت الحياة ..
لقد كانت تُحدثني وتنظر إلىّ الآن ..
ماذا حدث ؟
آهٍ يا أمي آهٍ يا وجعي
آهٍ يا يُتمي ووحدتي من بعدكِ ..
اختلفتُ معها كثيراً .. بَعُدتُ عنها أحياناً ولكني لم أكن أتخيل أبداً أن تموت
كنتُ دائماً أدعو ربي أن يُطيلَ في عمري حتى لا أتركُها وهي مريضة وضعيفة وتحتاج إلى رعايتي..
أدركتُ الآن أن المريضةَ الضعيفةَ هذه كانت هي الأقوى ..!
أقوى في وجودِها ..في تأثيرِها.. في قلبِها الذي يسعنا جميعاً ويغفر لنا مهما أخطأنا ،
الأقوى رغم كل شيء ..
سامحيني يا أمي ، يا نفسي ، يا كل العالم من حولي..
سامحيني لأنني لم أعرف قيمةَ وجودكِ في حياتي إلا بعد رحيلكِ ..
أنظر إلى صورك .. أُحدثُكِ .. أُطيلُ النظرَ إلى عينيكِ الطيبتين الجميلتين..فأنتِ دائماً جميلة ، رقيقة ، هادئة ، حنونة..
أبحثُ عن هاتفي لأتصل بك وأطمئنُ عليكِ ولكنك لا تُجيبين . .
سأظلُ يا أمي أبحثُ عنكِ في كل الوجوه .. أتشممُ رائحتكِ .. أرتدي ملابسَكِ وأشعر بكِ معي ..
أمي الحبيبة .. اشتقت إليكِ شوقاً يفوقُ خيالي ..
اللهم ارحمها بقدر حبي لها ووجعي لفراقِها ..
فلتحافظوا على أمهاتِكم راضياتٍ عنكم فلن تعرفوا وجعَ الفقدِ إلا بفقد الأم ..
رحم الله أمي وأبي وجميع موتى المسلمين..
التعليقات مغلقة.