ما هذا الحبل .. ؟ مقال طبي بقلم د.صبحي زُردُق
بات الإجهاد و الضغط العصبي Stress سمة أساسية من سِمات العصر الحديث ، بل هناك من يسمية بـــ “وباء العصر ” ، و نظراً لخطورته فقد استوفى العلماء دراسته و دراسة مخاطره على الصحة النفسية و البدنية …
و في الطب النفسي ينقسم الضغط العصبي إلى نوعين : ضغط عصبي إيجابي (المحفز) و ضغط عصبي سلبي ( الكرب)
فالضغط العصبي الايجابى : و استجابة داخلية من الجسم تمنح الطاقة للشخص و تحفزه على إتمام المهام و الواجبات أو تساعده على تجنب خطر أو الدفاع عن الذات أو الغير، لذا أسماها العلماء باستجابة الهرب – المواجهة.
أما الضغط العصبي السلبي (الاجهاد): فهو الطاقة المتولدة نتيجة مواقف تثير فينا الحزن أو الشعور بالعجز و اليأس و الإحباط أو القلق ، و هى مواقف الكرب التى نعيشها فى حياتنا فتؤدي إلى الإضرار بالجسم و النفس، حيث لا يستطيع الشخص لا الهرب و لا المواجهة ، فتتحول الطاقة المتولدة إلى صداقة ضارة بالأعضاء ، فترى الشخص قد اشتكى من أعراض مرضية متنوعة .
و بناءً عليه فإن الضغط العصبي الايجابي هو أمر نافع ، و الضغط العصبي السلبي هو أمر ضار ، و الأخير هو ما يعرف طبياً بالإجهاد أو الجَهد ..فما هى أعراض الإجهاد ..؟
أعراض الاجهاد:
يُسبب التوتر انخفاضًا في أداء وظائف الجسم خاصةً الجهاز المناعي والجهاز الهضمي.
تشمل الأعراض الجسدية للتوتر: زيادة معدل ضربات القلب. زيادة معدل التنفس. التعرُق. التشنجات العضلية. الصداع. اضطرابات الجهاز الهضمي مثل الانتفاخ أو الإمساك أو الإسهال. صعوبة النوم أو النوم المتقطع، ضعف الجهاز المناعي.
الأعراض العاطفية للتوتر تشمل :الغضب وسرعة الانفعال ،ضعف التركيز، النسيان. التأهُب المستمر ،الأرق ،الحزن، قضم الأظافر. الإحباط والاكتئاب، الخوف والشعور بانعدام الأمان ،نوبات الذعر (الهلع).
الأعراض السلوكية للتوتر تشمل: تعاطي المخدرات ،إدمان الكحول، الإفراط في التدخين ،البكاء المُستمر ،الإفراط في تناول الطعام أو الامتناع عنه،تجنب العلاقات الاجتماعية والعُزلة.
قصة :ما هذا الحبل ..؟
ومن أجل عدم الوقوع في حبائل الإجهاد و الضغط العصبي فقد جاءت رسالة الإسلام بالتيسير لا التعسير و بعدم تكليف الإنسان نفسه ما لا يطيق أو ما لا يتحمل..
فقد دَخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: ما هذا الحَبْلُ؟ قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ.( صحيح البخاري)
و معنى الحديث أنه يَنْبغي على المُسلمِ ألَّا يَتكلَّفَ ما لا يُطِيقُ أو ما يَشُقُّ عليه؛ لأنَّ اللهَ تعالَى لم يُكلِّفْه بذلك؛ قال تعالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وهكذا كان هدْيُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتوجيهُه للأُمَّةِ، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ المسجدَ، فوجَدَ حَبْلًا مَربوطًا بيْن السَّاريتَينِ، وهما أُسطوانتانِ كالعَمودَينِ، فسَأَلَ عنه، فأُخبِرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الحَبْلَ لزَينبَ بنتِ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّها تَضَعُه إذا صَلَّت، حتَّى إذا فتَرَتْ ومَلَّتْ تَعلَّقَتْ به، فرَفَضَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك، وأمَرَ مَن معه أنْ يَحُلُّوه، ثمَّ قال: لِيُصَلِّ أحدُكم نَشاطَه، فإذا فتَرَ فلْيَقعُدْ، أي: ليُصلِّ كلُّ مُسلِمٍ وَقتَ نَشاطِه وقُدرتِه على الصَّلاةِ، فإذا تَعِبَ أو أصابَه الملَلُ فلْيَقعُدْ، والمقصودُ بقولِه: «يَقعُد» إمَّا أنْ يكُفَّ عن الصَّلاةِ ويُسلِّمَ، أو أنْ يَجلِسَ فيها.
كيف نحصل على نوم جيد :
وطبقا للطب النفسي فإن عادات النوم الحسنة (النوم الصحي) نستطيع أن نحصل عليها بما يلي:
اذهب للنوم في الوقت نفسه كل ليلة واستيقظ في الوقت نفسه كل صباح، بما في ذلك أثناء عطلة نهاية الأسبوع.
اجعل مكان نومك هادئاً ومظلماً ومريحاً وبدرجة حرارة مناسبة، إن أمكن.
قلل استخدامك للأجهزة الإلكترونية، مثل التلفزيون والحاسوب والهواتف الذكية، قبل النوم.
تجنب الوجبات الثقيلة والكافيين و القهوة و الشاي والكحول قبل وقت النوم.
مارس بعض التمارين الرياضية. فالنشاط البدني أثناء النهار يمكن أن يساعد على النوم بسهولة أكبر في الليل.
اشرب كوب من الحليب بالموز أو الحليب فقط ، لاحتوائهما على الكالسيوم و البوتاسيوم المهدئان للأعصاب.
لماذا نتحدث عن النوم تحديداً ؟
لأن النوم علمياً يُعيد استتبابات الجسم إلى قيمها الأصلية و الطبيعية ، فيعيد ضغط الدم إلى مقداره الطبيعي و سكر الدم كذلك و معدل ضربات القلب كذلك ، و لأن النوم يشحن بطاريات الطاقة في الخلايا و الجسم من جديد و يساعد على ترميم أى تمزقات أو تهتكات بالأنسجة ، و لأن النوم يوفر جزءا مهماً من الطاقة و بالتالى لا يصاب الشخص بالاجهاد البدنى أو النفسي و بالتالى تجنب العديد من الأعراض البدنية و النفسية الخاصة بالإجهاد .
نصائح طبية لإدارة الضغط العصبي:
إذا كنت تشعر بأعراض الضغط العصبي، فإن اتخاذ خطوات إدارة الضغط العصبي لديك يمكن أن تكون لها العديد من الفوائد الصحية. استكشاف إستراتيجيات إدارة الضغط العصبي، مثل:
ممارسة نشاط بدني منتظم لأنه يزيد من هرمون الاندورفين المُرخي للعضلات و الأعصاب ( ٢٠ إلى ٣٠ دقيقة يومياً).
ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل التنفّس العميق أو التأمل أو اليوجا أو التدليك.
الحفاظ على روح الدعابة و مشاهدة بعض المقاطع المضحكة.
قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء
التفاؤل بما هو آت يرفع من الهمم و يحسن من المزاج.
سماع ما تميل إليه الأذن و تحبه يحسن من المزاج .
تخصيص وقت للهوايات، مثل قراءة كتاب .
الاستمتاع بحمام دافىء أو بارد .
فهمنا الآن لماذا اسميت عنوان تلك المقالة بــ “ما هذا الحبل ” و هو السؤال و التعجب النبوي من حال زوجته زينب ، ثم جاء الأمر بفك ذلك الحبل و أن تصلي قدر نشاطها فقط فإن فترت استراحت حتى لا تُصاب بالتعب و الاجهاد.
فاللهم إنا نعوذ بك من جَهْد البلاء و دَرَك الشقاء …
التعليقات مغلقة.