لم تكن وهمًا بقلم / محمد كمال سالم
كنت أُجري بثا مباشرا على صفحتي، تتصاعد هذه القلوب الحمراء، وعلامات الإعجاب كفقاعات من أسفل إلى أعلى حتى تختفي في منتصف الصفحة، معظمها وجوه (بروفايلات) أعرفها بالتأكيد.
.
رأيت بينهم وجها أعرفه جيدا، توقفت عن الكلام؛ حتى لا يلتبس الوهم عندي بالحقيقة، كي أستطيع التركيز في هذا الوجه، فقد بحثت عنها طويلا طويلا حتى لم يعد يهمني ما اسمها!
نعم، إنها هي بكل يقين، لم تكن وهما رغم أنف قصة (كان وهمًا) لصديقي الروائي الكبير.
.
رحت أبحث عنها بين قائمة المتابعين للبث، يا ألله إنها هي!
ذلك الوجه الغض النضر وتلك المُحيا الأثيرة، ذلك النور الذي يشع بين وجنتيها الورديتين؛ يخطف العقل ويأسر القلب، آه، يا ربي لكم بحثت عنها، بعد أن ضيعتها رغما عني، ما كنت أستطيع أبدا أن أصرح لها بما يجيش به فؤادي حينها.
.
هي أيضا بحثت عني قال لي هذا أحد جيراني القدامى
.
هي ترتدي غطاءً للرأس أحمر اللون، ذلك النوع الذي يكون ملتصقا بالسترة، كان يزينها ويزيدها جمالا، لست أدري أيهما يعكس وهجه على الآخر! أهو المعطف الوثير هذا أم وجهها المستدير وسحر غمازاتيها الباسمتين.
ذهبت سريعا لصفحة الرسائل بيننا (الشات) تركت لها رسالة حارة مثل أشواقي المؤجلة، وعدت أقضم أظافر الانتظار ، ثم عدت وحذفتها ، قلت لروحي:
ربما نسيتني وكان مرورها صدفة.
ولكني تفاجأت أنها تركت تعليقا على منشوري لم أنتبه إليه حين ارتباكي لما رأيتها، وكان تعليقها جميلا مختزلا :
كيف حالك أنت؟
.
كتبت لها ردًا مطولا لا يتناسب مع تعليقها المختصر، ثم شعرتُ بحاجتي للتراجع عن محاولة فتح مثل هذه التجربة الآن، كنت كمصارع متقاعد اُستدعي فجأة لارتقاء الحلبة مجددا.
خِفتُ أن أكون لم أعد مؤهلا لخوض علاقة جديدة بعد أن اعتزلت الهوى لسنوات عديدة، صحيح أنه لم تنتابني رجفة أو قلق حين وجدتها، كل ما انتابني من شعور؛ هو أنني بحاجة ماسة لوجودها في حياتي الآنية، أن أتشبث براحتيها وأنظر في عينيها وأقول لها فقط:
_فلتبق هنا معي.
.
واختفت من جديد، غابت و غاب عقلي معها، لم يك قادرا على أن ينشغل إلا بصورتها التي تمنى أن تتحرك، أن تلتفت إليه وتحدثه حديثًا طويلا دافئًا، الان أشعر أنها تملأ قلبي!
.
ماذا ألم بك يا رجل؟!
هل أصبحت لهذه الدرجة أسير هذا العالم الافتراضي؟
أصبحت مثل الشاعر القديم الذي ظل قابعا تحت شرفة امرأة يحبها، ثم اكتشف أنه ما كان ينظر إليه ما هي إلا مجرد (قلة ماء من فخار) غطتها ربة البيت بطرحتها هههههههه.
.
قررت أن أقاوم هذه الهواجس، أن أدع هذا الحاسوب، هذا الفضاء الأزرق وتأثيره الخطير على عقلي وعواطفي.
تسللت إلى الشارع في وقت ما قبل الغروب، أتمشى في هدوء وأُسَري عن نفسي ما ألم بها.
وعلي بعد شارعين بين البيوت الهادئة الوادعة بين أشجارها وخمائلها؛
إذا بها، ذات الرداء الأحمر بكل تفاصيلها متمثلة أمامي، تسقي أحواض من الورد الأحمر أمام بيتها، سِرتُ نحوها مسلوب الإرادة تتعلق عيني بها، بينما تجمدت عيناها عندي ويدها تهدر الماء على الأرضِ؛ قالت:
كيف حالك أنت؟
التعليقات مغلقة.