موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

في مطاردة جِن …بقلم ربيع دهام

94

في مطاردة جِن …

بقلم ربيع دهام


نزل الخبر كالصاعقة على عقول وقلوب الناس.
بل تسلَّل إلى دواخلهم مثل برامج الإنترنت الخطرة، فاستوطنها.
ثم أخذ، وبكل فظاظة، يسيِّر عقول حامليه كيفما شاء.
اتخذ الخبرُ من باب الفم بيتاً له، حتى إذا ما قرَّرَّ اللسان التنزُّه خارج فتحة الثغر، دفع الخبر معه خارجاً، فنشره مع الرذاذ في آذان كل مَن هبَّ ودب.
” جنٌّ تلبس إنسان”، كان يصيح الخبر. ومع صياحه المخيف، راحت الأبدان ترتجف وتقشعِر، وتتقلص العضلات في قاعدة البصيلة.
فينتصب الشعرُ عالياً مثل جنودٍ سمعوا للتو زعيق النشيد.
ولو صودِف وجود حلاّقٍ لحظة انتشار الخبر، لأمكنه،
لو كان في يده مقص، أنْ يجز شعر الرؤوس بأسهل ما يكون.
“جن تلبَّس إنسان”. يا إلهي!
خبرٌ تم على إثره استدعاء، وعلى عجل، قِس من كنيسة الضيعة.
والهدف؟ طرد الشيطان المتلبِّس جسم ذاك الشخص المسكين.
ومن كان ذاك الشخص المسكين؟
ليسوا متأكدين. بل كل ما كانوا يعرفونه أنه رجلٌ في الأربعين،
أو الخمسين، أو الستين من عمره، أو السبعين.
بحسب ما يبتدعه خيال الألسن وهي تذيع النبأ “الحار”.
ومما قيل في هذا الخصوص أيضاً أن الرجل المسكين،
راح منذ فترة وجيزة، يتفوَّه بصوت ليس له.
وبكلمات غريبة غير مفهومة.
ويقوم بحركاتٍ مخيفة وعنيفة، بل وحتى رشيقة لم تكن لمثل سنِّه.
لدرجة أن أهل بيته، لمَّا أصابهم الوجل الشديد، هرعوا يستنجدون بطبيب.
ولمَّا فشل الطبيب في فعل شيءٍ، نصحهم، والبلل ينتشر في بنطاله
كالشَّائعات، باللجوء إلى كنيسة الضيعة.
وضع القس صليبه في جيبه. وفي قارورة صغيرة،
كميَّة من الزيت المقدَّس.
حمل الكتاب المقدَّس، قبَّله، ومعاً، هو وعدَّة طرد الجن، ومرافقه الأمين، توجَّها إلى بيت الرجل الأربعيني، أو الخمسيني، أو الستيني، أو السبعيني.
وكان بيته على تلة تشرف على بستان من جهة الشرق.
وعلى مقبرة من الغرب.
قطعوا المقبرة برهبةٍ شديدة، ولمَّا تراءى لهما البيت،
بدا أنه مخيف. مخيفٌ دون أن يتلبَّس أحد قاطني هذا البيت جنُّ،
فكيف والجنُّ موجودٌ فيه هناك؟
وبأقدام متردِّدة لكنها مؤمنة، وأيادٍ مرتعشة لكنها ثابتة،
أكمل القسُّ ومرافقه رحلتهما حتى وصلا عتبة باب البيت الكبير. بيتٌ هو أقرب إلى قصر.
طرق القسُّ الباب وانتظر. صمتٌ مخيفٌ يعم المكان.
دقيقة … دقيقتان.
طرق مرة ثانية. وانتظر.
ودقيقة… وقيقتان.
لا شيء.
وضع أذنه على لوح الخشب، وتنصَّت.
سمع هسيساً. كلمات ليست بمفهومة لا يعرف معناها.
لكن ما أثاره هي طبقة الصوت الغريبة. والتي كانت مرعبة بحق.
طبقةٌ تشبه طبقة أصوات الأشباح في أفلام هوليوود.
وقبل أن يبلع القسُّ ريقه، علا الهسيس فجأة، فتراجع القسُّ مع ريقه
العالق في حنجرته، خطوتين إلى الوراء.
تراجع المرافق معه.
أغمض القس عينيه قليلاً. حمل صليبه. تنهَّد. ثم تقدَّم.
طرق مرة ثالثة وانتظر.
همس المرافق بإذنه: “لمَ لا تحاول دفع الباب. قد لا يكون مقفلاً”.
أجابه القس: ” فكرت في ذلك. لكن الخوف تملَّكني. لا أريد للباب أن يفتح”.
وأخيراً، وبعد تردد، قام بدفع الباب.
تحرَّك البابُ، فتحرَّكت فيالق الرُكَبِ.
وبعد هنيهة، تقدَّما بخطوات بطيئة حذرة إلى داخل البيت.
وكان البيت معتماً عدا غرفة واحدة يدبدب منها النور.
توجَّها إلى حيث النور. صوت شريرٌ غريب يصدح من هناك.
أصاخا السمع إلى ما يقوله الصوت.
وكان الصوت يضحك. ثم يبكي. ثم يتغيَّر. ثم يضحك. ثم يبكي. ثم يتغيَّر.
واصلا التقدُّم.
وما إن وطأت قدم القسِّ عتبة الباب حتى صعقه هول ما رأى.
يا إلهي! إنه معالي الوزير.
“ماذا يفعل الوزير هنا؟ هذا ليس بيته”، قال القس في نفسه.
لا بدَّ أن الشيطان اللعين قد سبب له كل هذا العذاب والألم.
تقرُّحات في جلده. تشوُّهات في يديه. بقع دمٍ وورم على جبينه إثر اصطدام رأسه بالجدار.
” سأطرد الشيطان من جسده. وبعدها، سيكافئني الوزير”، فكَّر القس.
حمل الكتاب المقدَّس. وراح يقرأ فيه.
واقترب مرافقه. استل الصليب، رفعه، وصوَّبه نحو وجه الوزير، أو الشيطان.
وما إن رأى الوزير، أو الشيطان، الصليب المنتصب، حتى صرخ بصوت لا يعلو عليه صوت، وخرج فوراً من جسدِ الوزير جسدُ الشيطان اللعين.
ارتمى الجنُّ بالأرض، إلى جانب الوزير المنبطح.
اقترب القسُّ من الجنِّ، وهو يتلو عليه آيات مقدَّسة، وصرخ به:
” عُد! عُد إلى حيث كنتَ إيها الشيطان اللعينْ”.
فقفز الشيطان فجأة نحو القسِّ.
وفيما ظنّ القسُّ أن الشيطان لا بد سيلتهمه، وسيكون هذا آخر يوم في حياته، راح الشيطان، عوضا عن ذلك، يقبِّل يدي القِس.
وفي الفترة بين تقبيله يده اليمنى وتقبيله يده اليسرى، كان الشيطان
يصرخ باكياً ويشهق، ذارفاً دموع الفرح : ” يا مخلِّصي. يا مخلِّصي”.

التعليقات مغلقة.