حياة أفضل.بقلم.هدى منصور
إن لكل سفينة قائد واحد هو القبطان، وذلك حتى لا تتضارب الآراء .
لكنني أرى أن هناك سفينة لا بد لها من قائدين، وهي “سفينة الزواج”، التي يتولى إدارتها الزوج والزوجة معا بحكمة ووعي من كل منهما ، فإذا استحوذ أحدهما عليها اختلت وغرقت.
وهذه السفينة شراعها الحب والمودة والرحمة
قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [ الروم: 21]
ولكي تكمل هذه السفينة مسيرتها بأمان ، لا بد من التعاون والتفاهم والتشاور والحوار…
هذه الرحلة طويلة، وتحتاج إلى التحلي بالصبر، لتحمل العواصف الشديدة، التي قد تهب عليها، لذلك لابد أن تكون اليد في اليد ، لمواجهة كل الأزمات المادية والمعنوية.
وقد يُثمر هذا الزواج بالذرية، وبالتالي تزيد المسئولية على عاتق الزوجين، اللذين سيصبحان أبوين، فلابد أن يكونا على قدر هذه المسؤلية الكبيرة .
قال الله تعالى : ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [ الإسراء: 24]
إذا تأملنا هذه الآية العظيمة، نجد أن الله عز وجل لم يقل كما رباني أو كما ربتني، لكنه قال” كما ربياني”، ليؤكد لنا أن تربية الأولاد مشتركة بين الوالدين.
وهذا لايتعارض مع أن لكل واحد منهما دوره الأساسي، فالأب عليه مسئولية الإنفاق على أسرته، ولامانع من المساعدة في البيت اقتداء برسول الله صلى الله عليه، والأم عليها مسئولية إدارة شئون البيت، حتى يصبح بيتا جميلا، فيه الهدوء والراحة والسكينة ، وقد تعمل بعض الزوجات، لتساعد أزواجهن في التكاليف المادية، وهذا شعور طيب منهن، لأنهن يتحلمن أعباء فوق أعبائهن.
أما التربية فهي قاسم مشترك بينهما، والتربية قبل التعليم، فقد يحرص الوالدان على دخول أولادههما أرقى المدارس ويغفلا عن تربيتهم التربية السليمة ، لذا نرى بعض المتعلمين نجحوا في الحصول على أعلى المراكز، لكنهم رسبوا في التربية والأخلاق.
فالتربية والأخلاق الحميدة هما الأساس الذي ترتكز عليه المجتمعات، لأن الفساد الأخلاقي هو الذي يؤدي إلى انهيار الأمم.
وأفضل التربية هى التربية العملية، بحيث يكون الأبوين قدوة حسنة لأبنائهما .
إنني أتعجب من أب يغضب ويثور عندما يجد ولده يمسك بالسيجارة ، وأدخنتها تتصاعد من غرفته.
والأم التي تشتكي ليلاً ونهاراً من كثرة كذب أولادها، ولسانها لاينطق إلا كذبا .
لذلك يجب علينا أن نحرص على تصرفاتنا وسلوكنا أولاً..
أيها الآباء…اقرأوا أو استمعوا إلي السيرة النبوية، لتتعلموا كيف كان رسول الله صل الله عليه وسلم قائد الأمة، ومع ذلك كان زوجاً وأباً صالحاً، وكيف استطاع أن يعطي كل شيء حقه .
اغتنموا كل ثانية مع أولادكم قبل أن يكبروا وينشغلوا عنكم، عيشوا معهم كل تفاصيل حياتهم وهم صغار، حتى يعيشوا معكم تفاصيل حياتكم عندما تكبرون.
لا تفرغوا ضغوط أعمالكم في أولادكم، وتلبسوا أقنعة الغضب والعبوس أمامهم ، فهم أطفال أبرياء لايعرفون إلا المرح واللعب.
فالضجيج الذي تتذمرون منه وهم صغار، قد تشتاقون إليه في يوم ولا تجدونه.
اخرجوا بهم وشبكوا أيديكم بأيديهم، وانظروا إلى تعابير وجوههم، سترون أجمل الملامح والابتسامات والضحكات .
بروهم في الصغر ، يبروكم في الكبر .
نحن نحتاج إلى بيوت قوية البنيان شكلاً ومضموناً .
إن الأسرة هي اللَّبنة الأولى في بناء المجتمعات، فلابد من التركيز عليها،
إن الدولة تقوم بإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية لكل المقبلين على الزواج، لتفادي المشكلات الصحية ، ليتها أيضاً تقدم دورات تدريبية ثقافية
تربوية لتوعيتهم بكيفية بناء أسرة سليمة، وتأهيلهم ليكونوا أبوين صالحين، وذلك لتفادي الكوراث الأسرية، التي أدت إلى ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمعات العربية.
وقد تكون التوعية أيضاً عن طريق زيادة البرامج الهادفة التي تركز على الأسرة وتربية الأولاد .
والأهم من كل ذلك هو الرجوع إلى الدين، لأنه يغرس فينا وفي نفوس أولادنا القيم والأخلاق والمبادئ….
هدى منصور
التعليقات مغلقة.