“الطاغية” الحلقة الأخيرة…. بقلم محمد كمال سالم
“فى قصر كسرى ملك الفرس”
يمثُل سيف بن ذي يزن بين يدىٌ ( كسرى أنو شروان ) بعد أن يأذن له بعد انتظار طويل وعناء ، يقص عليه سيف ما كان من أبرهة مع بلاده وشعبه وأسرته ويطلب من كسرى العون، بعد الثناء عليه ومديحه عن عدالته ومروءته، يلين له كسرى ويتعاطف معه ويقول له:
أما وأن تطلب جيشاً يساندك، فيجب أن تعلم أن بلادكم بعيدة وليس لي فيها مغنماً أرجوه، ويجب أن تعلم أيضاً حرصي على جنودي ورجالي؛ فهذا مستحيل. أنهى كسرى كلامه ثم أمر وزراؤه أن يزودوه بالمال وأي شئ ٱخر يريده. بالفعل أعطوه أموالاً وصرفوه. ما كان من سيف عند خروجه وعلى أبواب إيوان كسرى، إلا أن ألقى المال على الحرس والناس غاضباً، ويخبر الحرس كسرى بما كان من ضيفه؛ فيثور ويرسل في طلبه مرة أخرى، فيمثل أمامه: أتهين كسرى في إيوانه وتلقي بهديته ؟!
_ أما وأني أعرف قدر مولاي كسرى فإني أبرئ نفسي من محاولة إهانته، لكني أهين نفسي وأعنفها كوني أقدمت ملككم ولا تعرفون قدري؛ أنا سليل الملوك وقد فُطمت على العزة ولا تجوز لي الصدقة وقد نشأت صغيراً وشاباً أأكل طعامي في صحاف من الذهب والفضة، ما أتيت ملك مولاى كسرى العظيم سائلاً للمال، إنما النصرة والمدد.
يتأمل كسرى سيف في صمت بعد أن أنهى كلامه ويبدوا على محياه الإعجاب بشأن الفارس وشجاعته ثم يقول لوزرائه:
أكرموا وفادته هذا الفارس إلى حين أن تزودوه بعددٍ من سرايا الجيش التي يريدها تحت إمرته وإمرة قائد من قادة جيشنا ومن كل عتاد وزيدوه. “عودة إلى صنعاء” وفور مغادرة أبرهة الأشرم صنعاء متوجهاً إلى مكة قاصداً هدم بيت الله الحرام، يختلى يكسوم بمسروق ويقتله وتنجح بدار في الهرب ولم تجد ملجئا يأويها من بطش الطاغية ابن الطاغية ، فسافرت وحيدة مهزومة إلى مكة متجنبة طريق جيش أبرهة لتأوي لدى أحد أقارب أبيها وهو ( شيبة الحمد الذى يعرفه الناس بإسم ) عبد المطلب “جد الرسول صل الله عليه وسلم” … ويعود سيف بن ذي يزن على رأس جيش كبير من بلاد فارس إلى حيث ترك الحارث بن قيس مع الشيخ العابد في الصحراء ليجد عندهم نوار خطيبته! ومعها جيشاً كبيراً من الثوار وقد كشفت لهم نوار عن شخصها وقصت عليهم قصة سيف وأنه هو فارسهم الذي ينتظرونه وقد عثروا على بعضهم البعض. فرحوا لجمع شتاتهم وبالجيش العظيم الذي أصبح لديهم من الثوار ومن جيش فارس، وراحوا يتشاورون أيباغتون أبرهة في مكة أم ينتظرون عودته منها مستغلين إرهاق جيشه وتعب جنوده؟ “فى مكة” تحدث القصة التي نعرفها من هرب أهل مكة إلى قمم الجبال هرباً من جيش أبرهة وما كان من عبد المطلب وسؤاله أبرهه “إبله” وأن للبيت ربُ يحميه. ثم ما حدث لجيش أبرهة من انتقام الله عز وجل وإرساله عليه وجيشه طيرُ أبابيل… ويبادُ جيش أبرهة الملعون ولا ينجو منه إلا بضع من جنوده وأبرهة الذين لاذوا بالفرار مدحورين مصابين تنذف دمائهم وتتساقط لحومهم. ويطير الخبر أولاً إلى إليكسوم ابن الطاغية فيخرج ليلاقى أبيه على مشارف صنعاء لينتقم منه؛ لما فعله معه ومع أمه السبيه من ذلٍ ومهانة، ويتوسل إليه أبرهة أن يبقيه حياً ويبقى هو على ملكه، فيضحك منه اليكسوم ساخراً أن الملك قد أصبح لي شئت أم أبيت؛ فذُق الٱن مرارة كل نفس تضرعت إليك ولم ترحمهما. تهاوى عليه بسيفه ومذقه إرباً تاركاً جسمانه فى الصحراء للنسور والجوارح. الٱن أصبحت جبهةً واحدة يقصدها سيف بن ذي يزن وجيشه العظيم، ألا وهو اليكسوم ابن الطاغية، الذى لا يعرف للٱن شيئاً عن هذا الجيش. وهنا كانت المفاجأة ليكسوم ليستيقظ ويجد جيشاً هائلاً يحيط بقصره وجنوده ، وتدور رحى الحرب التي يحسمها سيف بن ذي يزن فى يومٍ واحد ويسترد ملكه وملك اجداده. يحتفى به شعب اليمن والمكاربة وعاشوا أسعد أيامهم، وعاهدهم سيف على المساواة والعدل. يهدم سيف بن ذي يزن “الكُليس” وكل مظاهر الطاغوت في عهد الطاغية. تعود بسباسة مسرعة من ضيافة صديق أبيها ملك الروم وتدخل إلى سيف متوددةً إليه طالبة وفائه بعهده إليها فى بيت المقدس. وبأخلاق الفرسان يخضع لها سيف ويخفض لها جناح الرحمة، فتطلب منه قصراً لذاتها وخدمها، وتطلب منه أيضاً أن تُبقى لديها وزراء أبيها بزعم أنهم أكرموا ربايتها وتدليلها في عهد أبيها الجائر ، فيعطيها سيف بن ذي يزن كل ما سألت طاعةً لرحمهِ. ويتزوج سيف من نوار التي صبرت وجاهدت وذاقت معه الأهوال ويرسل الوفود إلى مكة ليحضروا خالته بدار من بيت (عبد المطلب) في موكب الأميرات لتحضر احتفالات ومراسم زواج إبنتها. وبعد بضعة أهلة؛ تطلب بسباسة من أخيها سيف وتلح في طلبها أن يرافقها في رحلة صيد هى ووزرائها لتأتنس به ويعوضا ما فاتهم من حرمانهم وصل إخوتهم. ينزل سيف لرغبتها وإلحاحها، وفى البرارى … تقف بسباسة في وجه أخيها تتأمله وهي تبتسم وتقول له: أما يا أخى والله وقد أمِنت لىٌ ؟
سيف : أما وقد دعوتنى بالرحم يابنت أُم فلبيت.
كُنت أعلم هذا فيك ، ولكن من العدل أن يكون الملك لي، هذا إرثى من أبي وملكي. سيف : الٱن أرى خلف وجه أمي الملائكي الذي تحملينه فى وداعة، نفس أبرهه الخبيثة الكريهة، كيف غاب عنى أنكِ من صلبه وأنكِ بنت سفاح. ووجه أمي البؤؤس التي لم أرها ، وصلف اليكسوم ، وجبروت أبي وليالي الخوف والحرمان؛ لأنصبن اليوم ملكة متوجةً على اليمن خلفاً لمُلك أبي.
وبإشارةً من يدها ، ينقض وزراء أبرهة على سيف بسيوفهم ويطعنوه طعنة رجل واحد ويسقط صريعاً دون أن يتوسل أو يتألم .
والتفت بسباسة فرحةً لوزرائها لتشاطرهم فرحة النصر على سيف لتجد سيوفهم وقد غمدت في صدرها لتسقط صريعة جوار أخيها وقد تجمدت حدقتاها بدهشةٍ لا تزول.
هنا بعث النجاشى رجاله وجيوشه إلى اليمن واستعاد مقاليدها من جديد لتعود اليمن إمارةً من إمارات الحبشه كما كانت .
تمت ،،،
كان ختام هذه القصة فى عام الفيل ، عام مولد رسول الله صل الله عليه وسلم ، وقد اختلفت الروايات في نهاية قصة سيف بن ذي يزن واختلط فيها الخيال حتى أن بعض الروايات تقول أن سيف هرب بواسطة الجن إلى عالمهم واستقر هناك.
وبعضها يقول أنه لحق بظهور محمدا صلى الله عليه وسلم وٱمن معه، ولا دليل. وبمولده صلى الله عليه وسلم وبنوره أشرقت الظلمات فى مشارق الأرض ومغاربها وتهدمت شرفات إيوان كسرى ، وببعثته ونشر رسالته يعود للعالم توازنه ويتمم للناس مكارم الأخلاق.
محمد كمال سالم
مع
فتحى محمد علي
التعليقات مغلقة.