ليته سكت بقلم ..عصام فاروق
بالطبع لكل إنسان الحق في أن يعبّر عن رأيه ويحدد مواقفه بناءً على فكره ومعتقداته وقناعاته، دون أن يملي أحد عليه ما يجب أن يقول أو يفعل.
من هذا المنطلق تحدّث في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الفنان محمد سلام مؤكدًا أنه لن يسافر إلى مهرجان الرياض لتقديم عمل مسرحي وإخوتنا في غزة ونساؤهم وأطفالهم يذبحهم الاحتلال الصهيوني ويعمل على إبادتهم إبادة جماعية بشكل وحشي.
سلام أوضح أنه تصرف بما يمليه عليه ضميره، مؤكدًا أنه لا يستطيع أن يقف على خشبة المسرح ويغني ويرقص، ووابل من الرصاص يوجهه الاحتلال إلى صدر أبناء غزة ونسائها وأطفالها.
وفي الحقيقة يشهد كل من رأى الفيديو أن سلام لم يخطئ في حق مهنته ولم يقلل منها، ولم يذكر أحدًا من زملائه بسوء، ولم يقل إنه يقوم بدور بطولي وغيره ممن لم يعتذر عن العمل خائن.
إذا كان موقف الفنان محمد سلام وضع القائمين على مهرجان الرياض ومن شارك في العمل المسرحي في حرج، فهذا ليس عيبًا فيه وفي موقفه، وإنما هذه حقيقة شعر بها المشاركون في المسرحية، وعلى رأسهم الفنان بيومي فؤاد، الذي أمسك بالميكروفون بعد العرض المسرحي بالرياض وألقى قصيدة عصماء مدافعًا عن نفسه في تهمة لم يوجهها إليه أحد، وهي أنه ومن معه بالعمل المسرحي خذلوا الشعب الفلسطيني والمشاعر الإنسانية وذهبوا للرياض من أجل المال، وليته سكت ولم يتحدث، فقد زاد بحديثه الطين بلة.
نحن معشر البشر نختلف، ومبادئنا ومعتقداتنا وأفكارنا تختلف، وكل منا يتصرف حسب أفكاره ومعتقداته ومبادئه، ولا يحق لأحد أن يفرض رأيه أو فكره أو قراره على الآخرين، ولكل إنسان الحق في أن يرى أنه على الحق من وجهة نظره.
ولو أن الفنان بيومي فؤاد التزم الصمت ولم يعلق لمر الأمر بسلام، ولكنه رأى نفسه ومن معه بالمسرح في موضع شبهة بأنهم ذهبوا حبًّا للمال ضاربين بمشاعر الجميع تجاه ما يحدث في غزة عرض الحائط، فأراد أن يدافع عن نفسه وعمن معه في العمل المسرحي، ومن هنا انقسم الناس إلى فريقين، أحدهما يؤيد ويناصر ويتفق مع الفنان محمد سلام في موقفه، والآخر يرى أن ما فعله كان إهانة مبطنة لزملائه الذين لم يتخذوا الموقف نفسه.
ومن وجهة نظري فإنني أرى أن الفنان محمد سلام فعل ما يتفق مع قناعاته الشخصية والفطرة الإنسانية، ولا يحق لأحد أن يوجه إليه اللوم، أو ينصّب نفسه قاضيًا يحكم عليه أو على غيره، وفي المقابل ليس لنا أن نوجه اللوم لمن التزموا بتعاقدهم مع القائمين على مهرجان الرياض وأدّوا دورهم، رغم ما يعانيه الجميع من ألم.
علينا جميعًا أن نقف يدًا واحدة ولا نترك فرصة لأمور تافهة أن تخرجنا من توحُّدنا حول الحدث الجلل الذي نحن بصدده.
التعليقات مغلقة.