موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

لعنة الجدار …بقلم عصام الدين محمد أحمد

368

منذ أن وطئت قدماه البسيطة وهو يعد نفسه لهذه اللحظة الحرجة، ترسخت إرادة العبور في مخيلته مذ وعيه بمدلولات الأشياء، إرهاصات ذكرى تلاحقه:

“يخفت صوت الأم:

الجدار ثابت.

يهمس الأب:

لو أتقنت الإعداد لعبرت.

الهِرم يخطب:

من يمكنه تخطي هذا الجدار يتبدل حاله.

الغادون والرائحون يلهثون خلف البحث عن جوهره، حتى أرفف مكتبة المدينة العمودية تنأى عن حمل مؤلفاته.”

أزدرد تهدجات الأم الخفيضة، وحسرات الأب اللائمة، ووعود الكهل البراقة.

التهم جميع المخطوطات، استحضر آيات الخلود، تأمل المعاول العملاقة المفتتة لجبال الصخور:

أكل هذا الجبروت ينأى عن ثقب جدار؟

نزل بمعسكر المتبارين، المئات والمئات من سحنات الوجوه الجهمة.

يعدو، يقفز، يتقاتل مع أخيلة الفولاذ، تتنامى عضلاته، تترسخ عقيدته بحتمية اختراق الجدار.

في الساحة تعلن مكبرات الصوت في تحد سافر:

فشل كل المحاولات منذ فجر التاريخ وعقب الحقب الزمنية المتتالية، الملايين ضحايا.

جمعهم الأجرب- أي والله- ليصوروا بعيونهم الجدار العملاق، يتناجى:

مجرد التفكير في اختراقه عبث!

سد يناطح السماء ويحتل الأفق.

بناء شامخ، فمهما أوتيت من قوى الأبصار الطبيعية والصناعية لم ولن تلمح تخومه.

الأشعار المنسكبة من نهر فيوضاته لا تمثل سوى جزء يسير من واقعه، دوما الخيال يضخم الحقيقة ولكن معه أضحى الخيال هلامبا.

مغص ثعباني يلوكه، الحلم يحتضر ضاربا كيانه بلا هوادة، تتناوشه الأخيلة:

“هذيان الأب، ونحيب الأم، ووجوم الجد، وأجنة الأماني المجهضة”

يرتعش رعشات عنيفة وموجعة، يزول المغص، يسوقه الأجرب ليريه محاولات ثقب الجدار، التي تلاشت قبل أن تبدأ:

أيصيبه اليأس؟

تلى الأجرب قانون السباق:

لا تلامس الجدار.

يخور عزم إرادة المتسابقين، حمم الأعياء تكوي رؤوسهم..

لم يتبق على ميعاد التباري سوى أيام قليلة.

يتشبث بالتدريب القاسي، صار جسده مقذوفا ناريا فتاكا، وكلما حدثته نفسه بالراحة برهة، يتذكر أنه بعد الغد سيتحدد المصير.

يحذر المذياع- خلال موجة إرسال وحيدة- صعق كهربائي ماحق لمن يحاول مجرد الملامسة.

يضيف المحلل الاستراتيجي:

لم يُصرع هذا الجدار إلا في أخيلة معتلة،عوالم-لا حصر لها- أنفقت الدهورولم تثقب خرم أبرة، ولم يبق منها سوى الاطلال.

يتنبأ خبير التكهنات الأعلى بزلزال يدق نفوس المتنافسين.

وينتشر في أرجاء المدينة شعار:

“الموت الزؤُّام لمن تسول له نفسه لثم الجدار”

تُطلق صافرة الانطلاق مع بزوغ شعاع القرص الأبدي.

ينطلق.

ينشرون المتاريس.

يتخطاها.

ومع دنو الهدف تلتهب الأنفس، ويغور في المنطقة الحرجة.

هاهو الجدار،لا يقصيه عنه سوى خُطى معدودة.

يقترب..يقرب..يلامس..

يتحطم الجدار.

يخترق صوته آذان الأرض.

مقذوفات..جسد يعاني التطوح..تسقط الحدود..تتلاشى التخوم..تنفجر ينابيع دم.

صرخات الجسد المتهاوى تعبر الكفور والنجوع والقرى والمدن والدروب والأزقة.

يستحلب المذياع ترانيم الضحى.. ينتشي بالإعلان عن مسلسل السهرة:

لعنة الجدار تلاحق عابريه.

تمت بحمد الله

التعليقات مغلقة.