موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

أنينُ المساكين .. بقلم..ياسر الصعيدي

103


وجوه غريبة وأصوات مختلفة وجلبة كبيرة، ثيابي ممزقة يعلوها التراب، آلام تغطي جسدي كله، لاأعي شيئًا ممَّا يدور حولي، كل ما أسمعه أصواتًا تحاول الاطمئنان عليّ، نفس الكلمات تتردد: هل أنت بخير؟ هل بك شيء؟ أتريد الذهاب إلى المستشفى لتطمئن؟
بعد دقائقٍ معدودة بدأتُ أستعيد توازني وأدرك أنَّ سيارة صدمتني أثناء عبوري الطريق، قمتُ فزعًا أتكئ على أكتافهم محاولًا الجري بسرعة لأنقذ ابني المريض، وأمام محاولاتهم المستميتة لمعرفة سبب تعجُّلي، حكيتُ لهم قصتي البائسة وحظي التعس.
بدا على وجوههم التأثر ورقت قلوبهم لحالي، جمعوا من بعضهم مبلغًا من المال؛ لأشتري لابني الدواء الذي رفض الصيدلي منحه لي لأنِّي لا أملك المال، رغم كل محاولاتي من توسلاتٍ ورجاءٍ وقسمٍ حتى كِدتُ أجثو على ركبتي لأُقبِّل قدميه؛ إنقاذًا لحياة طفلي الوحيد صاحب الثلاث سنوات، لكنَّ الصيدلي الجلمد لم يرقّ لحالي فقد نزع قلبه ووضع مكانه صخرًا.
خرجتُ من عنده محبطًا يائسًا، أمشي هائمًا في شوارع المدينة لا أعرف كيف أُدبِّر ثمن العلاج! كيف سأعود إلى زوجتي المنتظرة في تلك الحجرة التي نسكنها فوق السَّطح! ما مصيرنا بعد فشلي في جلب الدواء! وأثناء شرودي صدمتني السيارة، وكانت نعم الصدمة وتحصَّلتُ على ثمن الدواء.
الآن… بعد أن حصلتُ على الدواء لابد أن أُسرع الخُطى وأتحمَّل آلام قدمي، حتّى أدرك صغيري قبل فوات الأوان، هرولتُ في الشارع وعيني متعلقة بالسماء، ولساني لا يفتأ يدعو الله أن يشملنا برحمته ويحفظ ابني الوحيد الذي انتظرته طويلًا.
بالرغم من تأخر زواجي إلى بعد الأربعين كنتُ راضيًا، رغم الفقر الذي لازمني منذُ صغري ، حتَّى نشأتي يتيمًا وعيشتي وحيدًا دون أهل في تلك الحجرة البائسة، رضيت بها على أمل أن يكبر صغيري يومًا ويساعدني ويتبدَّل حالنا إلى الأفضل، فكل شيءٍ أتحمله إلا أن يُصاب بُني بمكروه.
ها قد اقتربتُ لم يتبقَّ سوى صعود درجات السلم، كم تمنيتُ أن يكون لي جناحان! لأطير بهما إلى السطح وأفرِّح زوجتي المنتظرة عودتي بالدواء على أحرِّ من الجمر.
بدأتُ أنظِّم أنفاسي لأستطيع الصعود لأنَّ الإعياء بدأ يتملكني، وما إن صعدتُ بعض الدرجات حتَّى سمعتُ صرخةً اخترقت صدري وشقَّت قلبي، لأنَّها صادرة من زوجتي.
لا أعرف كيف صعدتُ إلى السطح، وقفتُ مذهولًا أمام حجرتي أنظر إلى زوجتي وهي تحتضن ابنها الوحيد، تهزّه بشدة وتناديه وهي تصرخ فيه كي يجيبها.
سقطتُ على الأرض مُمسكًا قلبي قبل أن يخرج من مكمنه من هول الفاجعة، انتزعته من حضنها ومسحتُ وجهه من دموعها، نهرتُها لتهدأ حتَّى لا تخيفه.
لكي يسمعني: أخذتُ أتحدث إليه بصوتٍ متقطعٍ تعلوه دقات قلبي المتسارعة: بُني، انهض لقد أحضرتُ لك الدواء، هيَّا… أعلم أنِّي تأخرتُ ولكنِّي كنتُ واثقًا أنَّك ستنتظرني، هيَّا يا بُني، افتح عينيك لترى ما اشتريتُ لك من الحلوى التي تحبها.
قُم يا صغيري وأعدك عندما تتعافى سنخرج سويًا للنزهة، هيَّا يا ولدي، لا تذبحني بسكوتك.
تجمَّع الجيران على صراخي وبُني على يدي جثة هامدة وأنا أقول: ليه يا رب..ليه…ليه؟ الجميع يصبرني بأنَّ الله سيعوضني بولد آخر.
ـــ هل أسمح لزوجتي أن تُنجب ثانيةً، ويكون مصيره مثل أخيه؟!.
وبثباتٍ لا أعلم من أين أتت به، وحكمة لم أعهدها عنها وضعت زوجتي يدها على فمي واحتضنتي: استغفر الله ولا تكفر.
وقعت كلماتُها على قلبي كوقع الندى على أوراق الشجر، أطفأت النار المشتعلة في صدري، أعادتني إلى رشدي، همست في أذني ودموعها تبلِّل وجنتي: لقد مات ابننا، عليك الآن التفكير في كيفية تدبير تكاليف الدفن!!
ياسر الصعيدي/ مصر

التعليقات مغلقة.