الفتوى مع التقوى خاطرة بقلم/ محمد الأمين محفوظ.
لم أكن قادرا على فهم الكثير من الأمثال ، وقد جَرت مَضرِبا لكوني ما زلتُ في غُبشَة ؛ مما دفعني إلى أن أرجع إلى جَدي لأفهم مِنه فهو وحده المستطيع الأخذ بيدي إلى النور…
قصَّ عليّ ما جَرى لسِنمَّار من النعمان فتذكرتُ النيران وتوافدتْ خواطر ليست على ما يرام…
يخرجني من شُرودي بقوله : أتته الضربة القاضية من خسرو أحد الأكاسرة ، ودعنا من النعمان وأشباهه…
هبط على قلبي مَثَل آخر لم أتمكن من تفكيك مَغزاه ، قلتُ أسأله وهو المسئول : من شابه أباه فما ظلم…!!!
يقربني إليه مادا يده على كتفي قائلا : يا حفيدي وونيسي ، اسمع مِني ولا تبعد عني فتجني من غيري جَهلا أو أن تكون مجرد سائمة ترعَى…
هذا المَثَل لا ينطبق بالضرورة على كل الآحاد على مَرّ الآباد ، وليس كل حَافِر يقع على حافر فرُبَّ مُشابِه لجَدّه أو لأمِه أو لخالِه أو لا يشبه أحدا على الإطلاق ، وكما قال ابن خلدون : الإنسان ابن العادات وليس ابن أسلافه…
وأحكي لك واقعة عايشتُها واعيا حين كنتُ صبيا وهذه هي الفتوى مع التقوى… مِنّي لا يفترقان…
كان يا ما كان ، كبير القرية المكلّف بالأمر والنهي وحَلّ المنازعات ، لنا فيه وعنده قرابة ، تصطحبني أمي إليه زائرة… يدخل علينا راميا سؤالا عن الحال رامش العينين مهزوز النبرات…
أراه يخرج من جيبه مفتاحا ، به يفتح خزانة بابها من خشب نائمة في الجدار… يُخرِج كوبين ثم تلقيمتين من سُكّر ثم تلقيمتين من شاي…
تعشمتُ ألا يكون عَقبُه شبيها به وقد ورث التفويض والمال العريض…. إلا أنه مشى على دربه ونسج على منواله وإن تجددت المباني ، لكن بقيت المعاني…
صدقتَ يا جَدي بالحق ، وأعاهدكَ على أن أتحسس السير على طريقك ، وإن كان يشق عليّ أن أكون مثلك.
التعليقات مغلقة.